الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأحزاب اليسارية والفعل الجماهيري

عيسى ربضي

2015 / 11 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


الأحزاب اليسارية والفعل الجماهيري
في مقالة سابقة حول أسباب تفشّي -ظاهرة- الفردانية في العمل السياسي كنت اشرت لدور القيادة السياسية في التفرد بالقيادة وتجذر التصاقها بكرسي القيادة كأحد العوامل الأساسية في تفشي ظاهرة الفردانية في العمل السياسي من جهة ونمو ظاهرة "الناشطين" ودعم ابراز هذه الظاهرة من ناحية ثانية.
قلت ان "تفرد القيادات السياسية بموقعها وبالغالب بقرارها من ناحية واتخاذ هذه الخطوات الفردانية التي بررها اتباعهم واحزابهم من جهة ثانية شكلت ارضية خصبة لتنامي الفردانية بانتهازيتها ومغامرتها وافسحت المجال امام هذه الفئة لتشكل ظاهرة اصبح لها وزنها وسيكون بالمستقبل لها وزناً اكبر اذا لم تتخذ الأحزاب السياسية الثورية - اليسارية - اجراءات ثورية حازمة لأعادة بناء قلعتها وتحصينها بالفكر الثوري التحليلي" وقلت حول نشو ونمو ظاهرة الناشطين " من الضروري بمكان ان يحسم اليسار امره في محاربة النزعات الفردانية واعادة رسم خطواته بطريق الفعل الجمعي والا سيكون من الطبيعي ان تلفظه الجماهير ويفقد قدراته على ان يكون بوصلة لها. ولن يكون هذا التغيير النوعي الا عبر تراكمات كمية تحدثها الاحزاب اليسارية عبر المكاشفة والتقييم البعيد عن المجاملة كما البعد عن جلد الذات."
ما نشاهده اليوم هو نوع من الانفصال- الولادة بين جيل جديد وقيادة قديمة جيل يريد ان يخوض مخاضه بطريقته وقيادة تفشل في ان تمد الحبل السري لولادة ميسرة. الأحزاب السياسية بعد شهر كامل من الهبة- الانتفاضة الجماهيرية لم تستطع التقاط نبض الشارع والتفاعل معه لأي سبب كان. لكني ارى اهم الأسباب هو تخلف بنية الأحزاب التنظيمة-الفكرية عن العلاقة الثورية بالشارع. هذه الهبة ليست اعادة للأنتفاضة الأولى ولا الثانية بل هي انتاج انتفاضي له خصوصيته التاريخية وله فعله الثوري الخاص به.
وهنا لدي ملاحظتين. على صعيد الأحزاب السياسية اليسارية التي فشلت بأن تلتقط لحظة التضاد بين اقطاب اليمين الديني والمالي الليبرالي وبدل ان تحمل لواء القيادة اكتفت بدور المصلح العشائري ( انا سمعت حديث لأحد قيادات احزاب اليسار يقول بالكلمة نحن لا نريد الوصول للسلطة السياسية لكننا نريد الأصلاح بين فتح وحماس) فأي خطاب مهزوم مأزوم يمكن لليسار ان يمثله اذا لم يكن ساعياً نحو الظفر بالسلطة السياسية وتطبيق برنامجه الثوري؟ وأي دور يمكن لهذا اليسار ان يلعبه اذا اكتفى بدور الاصلاح العشائري؟ ومن هنا فأن هذا الخطاب والأحزاب الذي تتبناه قد انهت مرحلةتها التاريخية الضرورية بالضرورة وأصبح لزاماً تجاوزها وانتاج احزاب يسارية ثورية واعية لدورها الطبيعي - الضروري وقادرة على حمله. وهذا لا يعني بالضرورة تغيير اسماء الأجزاب بل تغيير بنيتها وقيادتها ورؤيتها الفكرية ومنطقها التحليلي اي تغيير ثوري راديكالي في بنية الحزب القائم او انشاء حزب يساري راديكالي ثوري جديد يولد من رحم البنية القديمة ويثور عليها ويبني هيكليته ورؤيته وفعله الثوري على تحليله الجدلي العلمي للواقع ويكون قادراً على الافادة من ارث احزاب اليسار القائمة ( قد يكون بدايات لمحاولة انشاء مثل هذا الحزب قد بدأت فعلاً بتشكيل التيار الديمقراطي التقدمي الذي فشل في بدايته واختفى لأن القائمين على الفكرة استخدموا نفس الأدوات القديمة في انتاج حزب جديد بل وكان نفس قيادات الأحزاب اليسارية الحالية او السابقة هم عناوين هذا الحزب الجديد الذي لم يتجراء ان يطلق على نفسه اي اسم يدل على ماركسيته وكان الجدال حول هذا الموضوع محسوم مسبقاً لصالح "الغمغمة" من منطلق ان المجتمع الفلسطيني مجتمع محافظ وبالتالي لن يقبل حزب ماركسي راديكالي!! بينما وجهة النظر المغايرة كانت تتلخص بأن الشعب الفلسطيني ليس "محافظاً" بمعنى الرفض للفكر الشيوعي كونه احتضن هذا الفكر لعقود وهو قابل للتعايش مع هذا الفكر بل والايمان به من جهة وهو شعب ليس غبي لكي يتم تغيير اسم او شطب كلمة فلا يفهم ان هذا الحزب حزب يساري او يحاول ان يكون لذا من الأفضل ان يتحلى الحزب بالجراءة الكافية ليعلن عن هويته الماركسية حتى يناصره من يناصره بارادته لا بجهله. من ناحية ثانية فأن التفاف الجماهير حول الحزب لم تكن يوماً بسبب اسمه بل بسبب برنامجه النضالي الوطني الثوري فلو تبنى اليسار برنامجاً نضالياً تحرريا وطنياً من جهة وبرنامج نضال اجتماعي لصالح الطبقات المهمشة والأكثر تضرراً من ممارسات الرأسمال المحلي كوكيل للرأسمال الاسرائيلي والاجنبي لقامت الجماهير بالألتفاف حوله ومساندته ومناصرته ولنا تجارب جمة بهذا المجال في العالم اجمع. ) ادرك ان هذه الجملة الاعتراضية الطويلة طويلة. لكني ارى انها ضرورية لنفهم لماذا هنالك تنصل من قيادات الميدان من قياداتهم السياسية التاريخية ومع انه لا يوجد قطيعة الا ان هناك رسالة يوجهها من في الميدان لمن في المكاتب السياسية واللجان المركزية ان اوان التغيير قد آن فاما ان تكون هذه الاحزاب التغيير الثوري المطلوب او ان تفسح المجال لحزب جديد سيأتي لا محالة حاملاً برنامجاً اكثر ثورية ونضالية.
هذه الرسالة تقودني لملاحظتي الثانية وهي دور "الناشطين" حيث اختفى بعضهم تماماً حين اصبحت المواجهة حقيقية وتستدعي بالضرورة ان تقف وجهاً لوجه امام رصاصة قاتلك. بينما اخذ البعض الاخر دوره الطبيعي بالطليعة فأستشهد او قارب. لذا فلا بد من غربلة ثورية راديكالية لكل المزاودين الناشطين ايام الفعل السلمي الذي بلا ثمن او يكون يمنه شمة غاز بأسواء الأحوال والهاربين لمقاهي التواصل الاجتماعي في ايام الجد والمواجهة الحقيقية. اذا اراد الجيل الثوري الجديد ان ينجح بتركيم خبراته وفعله وتحقيق انجازات حقيقية اكبر من ارقام فعليهم مواجهة اولئك الناشطين في زمن السلم والنائمين بزمن الحرب وغربلتهم من جهة ومن جهة ثانية ان يغيروا بداخل احزابهم ويفرضوا رأيهم وتغيير من تقاعس او تعب ولا بأس ان يعود اعضاء المكاتب السياسية واللجان المركزية ليكونوا اعضاء في احزاب يقودها الشباب الثوري الأكثر قدرة على الحسم وان يمدوا اولئك الشباب بخبراتهم ودعمهم ويساعدونهم على ان لا يقعوا بفخ الانتهازية ولا بكمين المغامرة دون ان يلجموا ثوريتهم التي اثبتوا بالشهر الأول من هذه الهبة انهم قادرين على تفعيل الفعل الثوري وادارة الصراع بحنكة قادة ميدانيين ( قد تنقصهم الرؤية السياسية واولوعي الأيديولوجي وهذا يجب معالجته فوراً والا سيعيدون انتاج نفس ما ينتقدون الأن) وهنا على من سيقودون مستقبلا ان يعوا انتهازية البعض ورغبتهم وقدرتهم على ركوب الموجة حين تعود المواجهة للحد الذي لا خطر فيه على حياتهم. وعلى احزاب اليسار الحالية او التي ستولد اذا لم "تتجدل" الأحزاب القائمة ان تعود للشارع بكوادرها وقياداتها وتبني برنامجها بناء على النبض الثوري الذي تصدح به الجماهير بالشارع.


.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينتزع الحراك الطلابي عبر العالم -إرادة سياسية- لوقف الحرب


.. دمر المنازل واقتلع ما بطريقه.. فيديو يُظهر إعصارًا هائلًا يض




.. عين بوتين على خاركيف وسومي .. فكيف انهارت الجبهة الشرقية لأو


.. إسرائيل.. تسريبات عن خطة نتنياهو بشأن مستقبل القطاع |#غرفة_ا




.. قطر.. البنتاغون ينقل مسيرات ومقاتلات إلى قاعدة العديد |#غرفة