الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقومات الحل السياسي الوطني في سوريا

بدر الدين شنن

2015 / 11 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


الأسبوع الأخير من تشرين أول الماضي ، كان أسبوعاً سورياً دولياً بامتياز ، رغم أنه جرى خارج المؤسسات الدولية ، وبدون مشاركة السوريين . وكانت " فيينا " المدينة التي تتجه إليها الدروب .. والوفود .. ومراسلو الإعلام .. وتتعارض .. وتتقاطع في قاعات فندق إمبريال فيها ، مختلف الآراء ، حول الأزمة السورية .
فقد جرى ما بين ( 23 - 30 / 10 ) ثلاث اجتماعات على التوالي . ضم الاجتماعان الأول والثاني ، الدول المحورية الرئيسية ، الفاعلة في الأزمة والحرب في سوريا . وهي : روسيا ، وأميركا ، وتركيا ، والمملكة العربية السعودية . ثم كان الاجتماع الثالث في ( 30 / 10 ) ، الذي ضم أيضاً عدداً من الدول الأخرى ، ذات الاهتمام والصلة الصديقة وهي : الصين والعراق وعمان ومصر ولبنان ، والدول التي تتحمل المسؤولية ، العسكرية ، والسياسية ، والمالية ، والإعلامية بكل ما يتعلق بما يجري في سوريا ، من خراب ، ودماء ، وهي : فرنسا ، والاتحاد الأوربي ، وألمانيا ، والأردن ، وقطر ، والإمارات ، وإيطاليا .

وقد توصل المجتمعون إلى اتفاق يضم تسع نقاط أهمها :
- التركيز على وحدة سوريا واستقلالها وسلامة أرضيها وهويتها العلمانية .
- سوريا هي تملك وتقود العملية السياسية والشعب السوري هو من يحدد مستقبل سوريا .
- حقوق كل السوريين يجب حمايتها بصرف النظر عن العرق أو الانتماء الديني .
- ضرورة هزيمة " داعش " وغيره من الجماعات الإرهابية التي وصفها مجلس الأمن الدولي واتفق عليه المشاركون .
- ضرورة تسريع كل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب .
بيد أن البيان لم تضمن أي إشارة إلى مصير الرئيس السوري .

وعقب الاجتماع الموسع أوضح كل من وزير الخارجية الأميركي " جون كيري " ووزير الخارجية الروسي " سيرغي لافروف " وممثل الأمين العام للأمم المتحدة في سوريا " دي ميستورا " ، في مؤتمر صحفي مشترك ، ما هو غامض أو غائب في بيان المجتمعين ، وخاصة ما يتعلق بالرئيس السوري . بمعنى أن خلافاً حول ذلك لم يحسم ، وكذلك حول غياب أي ممثل لسوريا في الاجتماع إن من الحكومة أو من المعارضة .
وفور انفضاض الاجتماع والمؤتمر الصحفي المتعلق به ، انطلقت الأصوات والأقلام السياسية والإعلامية معلقة على الاجتماع ونتائجه . وكثير منها اعتبر عدم الاتفاق على ترحيل الرئيس السوري خلال زمن قريب محدد ، يعني فشل الاجتماع . وأن كافة النقاط " الإيجابية " التي اتفق عليها ، تبقى معلقة ، أو برسم الفشل أيضاً .
وكان أبرز المعبرين عن فشل اجتماع " فيينا " لعدم الاتفاق حول مصير الرئيس السوري هو الأمين العام للأمم المتحدة " بان كي مون " والمفاعيل الدولية والإقليمية ، الهادفة إلى اختطاف سوريا ، والتلاعب بمصيرها ، لاسيما المملكة السعودية ، وفرنسا ، وتركيا ، وقطر .

أي أن عملية إنتاج معادلة " مالم يؤخذ بالحرب .. يؤخذ بالضغوط السياسية والمساومات " قد فشلت . وذلك لأن الأسس الميدانية لهذه المعادلة لم تكتمل بعد .

* * *

من المفيد قبل إبداء الرأي ، بموضوعية " بنتائج اجتماع " فيينا " في ( 30 / 10 ) المنصرم ، حول الشأن السوري ، قراءة دلالات الأحداث ، والوقائع ، والتصريحات ، ذات الصلة بالحرب السورية وانعكاساتها الإقليمية والدولية ، التي تزامنت نسبياً مع هذا الاجتماع .
1 - فيما يتعلق بالحضور :
* حضر وزراء خارجية ( 18 ) دولة عربية وإقليمية وأجنبية ، مثلوا طرفي الدول المعنية ، والمنخرطة في الأزمة والحرب في سوريا .
* لم يحضر ممثلون عن سوريا ، لا حكوميون ولا معارضة .
* لم تحضر جامعة الدول لعربية .
* حضر الاتحاد الأوربي .
* حضر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في سوريا " دي ميستورا "

2 - وقائع وأحداث سورية وإقليمية ودولية :
* التدخل العسكري الروسي الجوي بناء على طلب الدولة السورية ، لدعم الجيش السوري في الحرب ضد " داعش " وبقية الجماعات الإرهابية .
* تصاعد عمليات وتقدم الجيش السوري في جبهات متعددة ، ضد الجماعات الإرهابية ، في الجنوب والوسط والشمال السوري .
* فشل المعارضة السورية المسلحة المرتبطة بالخارج بتحقيق أي حسم سياسي أو عسكري .
* انطلاق الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني .
* فشل العوان السعودي على اليمن .
* تهديد وزير خارجية قطر بالتدخل العسكري في سوريا بالتحالف مع تركيا والمملكة السعودية .
* فشل أردو غان باستخدام تدفق اللاجئين السوريين إلى أوربا ، للقيام " بتدخل إنساني " عسكري أطلسي في سوريا .

3 - تصريحات أمنية وسياسية :
* أعلن رئيس أركان الجيوش الأميركية في الكونغرس ، أن أميركا هي بصدد إرسال قوات عسكرية برية استشارية إلى سوريا .
* صرح مدير المخابرات الفرنسية " برنار باجوليه " إن الشرق الأوسط الذي نعرفه انتهى إلى غير رجعة .
* صرح مدير المخابرات الأميركية " السي آي إي جون برينان " إنه لا يتصور تلمس وجود أي حكومة مركزية في سوريا والعراق واليمن .

4 - اختلاف المواقف حول الرئيس السوري :
* صرح ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في سوريا " دي ميستورا " .. لا يمكن التوصل لأي اتفاق بين الأطراف السورية ، إلاّ في حال توافق الأطراف الإقليمية والدولية .
* وزير خارجية فرنسا " فابيوس " يقول .. إن فرنسا وأصدقائها ( دول العشاء الباريسي قبيل اجتماع فيينا .. وهي السعودية ، والأردن ، وتركيا ، وقطر ، والإمارات ، وأميركا ، وبريطانيا ، وألمانيا ، وإيطاليا ) لا ترى حلاً للأزمة مع بقاء الأسد .
* الناطق باسم الكر يملين .. الشعب السوري هو من يقرر مصير الأسد .
* بيان الرئاسة السورية .. الرئاسة السورية تعلن ترحيبها بأي حل سياسي يحفظ سيادة سوريا ووحدة أراضيها ويحقن الدماء على أن يقرره الشعب .

* * *

لدى قراءة الأحداث ، والوقائع ، والتصريحات من مراكز قوى سياسية ودولية هامة ، ونتائج عمل اجتماع " فيينا " ، يتضح أن هناك صعوبات كبيرة في إحداث اختراق سياسي جدي في الحالة السورية الجهنمية . فالمشاركون في الاجتماع أعلنوا أنهم سيدعون الحكومة والمعارضة في سوريا لعقد لقاء حواري يؤدي إلى حل سياسي ، فيما أن أي حوار سياسي سوري ـ سوري من أجل حل سياسي ، يصطدم كما صرح " دي ميستورا " باتفاق الأطراف الإقليمية والدولية أولاً . ما معناه أن الحوار السوري ـ السوري ليس حلاً سورياً . وإنما هو حل سياسي إقليمي ودولي له ملحق سوري ، ومرتهن لشكل وأسلوب التعامل مع الرئاسة السورية ، ولنسب تقاسم الأدوار والمصالح في المربع السوري كجزء متمم للأمور والمصالح في الشرق الأوسط .

وعلى هذا ، إن كل ما ورد من نقاط تكتسي ملامح إيجابية في التعامل الدولي مع المسألة السورية ، مهدد بالانزياح من مضمار التفاؤل السياسي ، الذي أعقب إعلان نتائج الاجتماع . ومرد ذلك يعود لسببين رئيسيين . الأول : أن القوى الدولية المنخرطة مباشرة في الشأن السوري ، والمشاركة في اللقاء والحوار، تعمل على التوصل إلى صيغ منسجمة مع قناعاتها ومصالها خارج المؤسسات الدولية ، وبدون مشاركة السوريين أصحاب الشأن . وبذلك يصبح الاتفاق هو اتفاقها هي .. والحل السياسي المشغول عليه هو حل خلافاتها هي . ويبقى السوريون موضوعاً للخلافات والمساومات الدولية . والثاني : أن السوريين ليسوا في وضع يؤهلهم لقبول أو رفض هذا الأسلوب في التعامل الدولي معهم ومع قضيتهم الوطنية . إذ أن أول شرط لتوفر هذا التأهل ، هو تحقيق وحدتهم حول العمل الوطني المشترك ، وحصر توجهاتهم السياسية ، وطاقاتهم العملية ، من أجل مقاومة الإرهاب الدولي ، ومن أجل التصدي لكافة التدخلات الأجنبية المعوقة لوحدتهم الوطنية ، وتحرير ووحدة أرضهم ووطنهم .

إن أولى الخطوات للتعبير عن مصداقية الدول التي تولغ بالدم السوري المشاركة في اجتماع " فيينا " ، بحثاً كما تزعم عن حل سياسي للأزمة السورية ، هي أن تقدم اعتذاراً في الاجتماع للشعب السوري ، عما أقدمت عليه من جرائم بحقه ، وخاصة المملكة السعودية ، وتركيا ، وقطر ، والأردن ، وفرنسا ، وأميركا . ولأن ذلك لم يحصل ، بل إن هذه الدول ، تعمل على متابعة المزيد من التخريب في الكيان السوري والدولة السورية .. ما يدفع بمشروعية الأخذ بعين الاعتبار ما أدلى به مدير المخابرات الفرنسية ومدير المخابرات الأميركية ورئيس أركان الجيوش الأميركية وبان كيمون بعين الاعتبار ، حول مصير سوريا والشرق الأوسط ، قبل أن نفتح نوافذ الثقة والأمل بأنشطة دولية معظم المشاركين فيها ملطخة أيديهم بدمائنا .. وأنيابهم ما زالت مشرعة لتنهش بلحم وطننا .

وإذا كان تغييب السوريين عن اجتماع " فيينا " مذلاً ، فإن إحضارهم لاجتماع تال في " فيينا ، للقبول بما يتفق عليه الآخرون ، إن اتفقوا ، وللتوقيع عليه ، والالتزام به ، هو مذل أكثر . وهنا يتقدم واجب تحرير الإرادة السورية من الحاجة القصوى للآخر الصديق ودعمه ووصايته كشرط أول لتحرير الأرض والوطن .. وذلك بتحقيق وحدتهم الوطنية ، ورص صفوفهم ، وبناء الثقة الراسخة في أنفسهم وبعدالة قضيتهم ، والتعاطي بكرامة وكما يقررون هم ، مع مختلف الأنشطة الدولية المتعلقة بالشأن السوري .. الآن وفي المستقبل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا