الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأداء الفصائلي سبباً أولاً … ولماذا لا نهاجر…؟

محمد بهلول

2015 / 11 / 3
القضية الفلسطينية


بعد أن وصل سقف المهاجرين من اللاجئين الفلسطينيّين في لبنان إلى ما يزيد قليلاً عن ثلثيّ العدد الإجمالي، ويلهث المتبقّون ولا سيّما الطّاقة الشّابّة إلى تدبير أمورهم ليلتحقوا بمن سبقهم. يصبح السؤال المنطقي ليس عن أسباب ودوافع الهجرة، بل لماذا لا نهاجر.
تشير إحصاءات الأنروا إلى أن العدد الإجمالي للفلسطينيّين في لبنان بحدود “480” الفاً، بضعة آلاف منهم نالوا الجنسيّة اللبنانيّة في خمسينات وستّينات القرن الماضي- تحديداً المسيحيّون والأغنياء” ليلتحق بهم ما يزيد عن “50” ألف في تسعينات القرن الماضي، ضمن قانون الجنسية الاخير.
عدد الطلاب الفلسطينيين في كافة المراحل دون الجامعيّة هو “29” ألف وبحسب خبراء الإحصاء فإن عدد الطلاب مضروباً ب5,3 يعطي صورة حقيقية تقريبيّة عن عدد المقيمين فعليّاً في البلد.
لغة الأرقام والتي أصبحت غبّ الطلب بحسب الحاجة والتوجّه لا تلغي حقيقة ان اللاجئين الفلسطينيّين في لبنان هم مجتمع مهاجر والمتبقّون مشاريع مهاجرين.
مع بروز العولمة السياسيّة والإجتماعيّة والإقتصاديّة عقب انتهاء الحرب الباردة في بداية تسعينات القرن الماضي، أصبحت الهجرة- تحديداً هجرة الادمغة واليد العاملة الماهرة ظاهرة تصيب كل المجتمعات، الا انها تشتد في المجتمعات التي يغييب عنها التخطيط الإستشرافي للمستقبل، وهو ما يؤدي الى تفكك الوعي والعمل الجماعي وانتشار ظاهرة الأنانيّة والفردية والبحث عن حلول شخصيّة.
مجتمع اللاجئين الفلسطينيّين في لبنان هو صورة نموذجيّة عن هذا الواقع، فمنذ خروج المقاومة المسلّحة ومؤسّساتها المدنيّة “فعليّاً” من لبنان أثر اجتياح 1982 وما تلاه من انقسام سياسي وفصائلي وصولاً إلى الانتفاضة الأولى والنتائج السياسية التي تلتها متمثّلة باتفاق أوسلو، شعر اللاجئون الفلسطينيّون في لبنان ان المشروع الوطني الفلسطيني “الذي لم يعد موحّداً بل انشطر إلى عدة مشاريع” لم يلحظ لهم دوراً فيه، وان المشاريع المتعددة لا تراعى واقعيّاً، أهدافهم ومصالحهم، وتحوّل دورهم إلى مجرّد يافطات إعلاميّة تناصر أو تعارض هذا المشروع أو ذاك.
شعور اللاجئين بغياب الدور الجماعي لهم في إطار المشروع أو المشاريع الوطنيّة، أدّى إلى انتشار ظاهرة الإحباط وغياب الثقة بالأفق الوطني المستقبلي مما أوصل إلى حالة البحث عن حلول فرديّة، سيّما مع تعاظم وقسوة الظروف المحيطة “تنامي ظاهرة العنصرية وتحميل المسؤوليّة للفلسطينيّينن عن الحرب والخراب في البلد المضيف” والواقع الإقتصادي والإجتماعي والتربوي والذي يزداد صعوبة وقسوة بفعل كونه ظاهرة عامة تصيب البلد المضيف وتجد انعكاساتها بشكل أوسع على اللاجئين انطلاقاً مما سبق وتتمظهر في التمادي في حرمان الفلسطينيّين من أي نوع من الحقوق المدنيّة والإنسانيّة.
اللاجئون يشعرون هنا، ان التعامل مع سياسة الدولة المضيفة وكأنه قدر، لا يجدر التحرّك والتأثير لتغييره وهو ما يؤدي إلى مزيد من حالة الإحباط وارتفاع منسوب النقد والشكوى تجاه من هم في موقع المسؤوليّة أي الفصائل والقوى السياسية.
السياسة القدريّة نفسها تمارس مع الأنروا التي يشكّل التراجع المنهجي والمتدرّج والمتواصل في خدماتها سمة باتت رسميّة.
أمام غياب الدور في النضال الوطني الذي يفقد اللاجئون الثقة بالمستقبل، والسياسة المعتمدة من الجهات المحيطة المؤثّرة، والأهم خفوت بل تلاشي أداء المرجعيّات الفصائليّة في الفعل والتأثير لتغيير هذه الظروف، يجعل اللاجئون أمام تحدّ الخيار ما بين ترك مصيرهم الجماعي ضبابيّاً وبيد أداء فصائلي قاصر وعاجز عن التأثير والتغيير وبين الحلّ الفردي المتمثّل بالهجرة.
اللاجئون قد يبرّرون العجز عن تحقيق الأهداف فيما لو وثقوا بالأداء الفصائلي الذي لم يقدّم ولو للحظة ما يبدّد هذه الفكرة.
السؤال الآن، ليس لماذا نهاجر؟ … بل لماذا لا نهاجر…؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن أسقاط 4 صواريخ -أتاكمس- فوق أراضي القرم


.. تجاذبات سياسية في إسرائيل حول الموقف من صفقة التهدئة واجتياح




.. مصادر دبلوماسية تكشف التوصيات الختامية لقمة دول منظمة التعاو


.. قائد سابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: النصر في إعادة ا




.. مصطفى البرغوثي: أمريكا تعلم أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدف حر