الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراع الحمار و الدب على سوريا.... !

بوطلحة عزيز

2015 / 11 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


يَنبئ الوضع الذي تعيشه سوريا و العراق و ليبيا و اليمن على ان سنة 2015 ميلادية ستمرّ قاتمة مملوءة بدماء هذه الشّعوب التي تعاني من صراع داخلي تصبغه الأطراف الخارجيّة المحيطة و المنتفعة بالصّراع الطّائفي في حين هو صراع على النّفوذ و تسابق بين الدّول الاوربيّة و أمريكا و روسيا علما بأنّ هذه الدّول تعاني من أزمة اقتصادية خانقة تريد تصريفها في إذكاء الصراع العربي- العربي و الاسلامي و رمي النّار على باقي الأطراف مهما بعدت و إشراكهم في هذه المحرقة و المهلكة التي تحذر منها الاديان السّماوية و الأعراف الإنسانيّة.
كلّنا يعلم ان أسباب الحرب العالميّة الأولى و الثّانية كان عرقيّا و قوميّا و بعد ذلك بدأ صراع ذا طابع اقتصادي بين نموذجين اقتصاديين و احد رأسمالي سرعان ما تحول الى نظام ليبيرالي و آخر اشتراكي تارة وشيوعي تارة أخرى .عند نهاية الحرب العالميّة الثّانية اختفت دول و اختفى معها مجدها كفرنسا (التي احتلّها الالمان في1940) و المجر و بريطانيا و ايطاليا و اسبانيا و باقي حلفائهم و ظهرت قوى جديدة تمسك بمقود العالم ،هذه القوى التي عرفت كيف تمسك بزمام الأمور رغم التّنافس الحميم فيما بينها وكانت هي قطب الرحى في حين كانت دول عديدة على شكل اطراف. كانت الولايات الأمريكية و الاتّحاد السّوفياتي هما مركزي القوّة و قطبي العالم و خاضتا حروبا غير مباشرة على أراضي دول ثالثة ،هذه الحروب أُستعملت فيها التكنولوجيا و المخابرات و الإعلام بشكل مكثّف عوض الرّصاص و الصّواريخ و أَطلق على هذه الفترة ابتداءً من نهاية الحرب العالمية الثانية من سنة 1945 الى تفكك الاتحاد السوفياتي في 1989 بالحرب الباردة هاتين الدولتين فرضت نفوذهما بالقوة الناعمة و الصلبة حسب الظروف ..
بعد تفكّك الاتحاد السّوفياتي ظهر حلف اقتصادي قوي تقوده مجموعة دول اوربيّة انتظمت فيما بينها في تجمع عرف تطور ا اسمه الاتحاد الاوروبي(1957) صار له مقر و برلمان و عملة واحدة و حرية تنقل البشر و البضائع بين الدول الاعضاء (يضم 28 دولة).في حين تعرف الدول العربية تفككا رغم وجود جامعة دول العربية مقرها في عاصمة مصر تجمعهم (تفرقهم) منذ 1945 تضم 22 دولة و منظمة التعاون الاسلامي( 1969) و باقي الاتحادات كالذي بين دول المغرب العربي و مجلس التّعاون الخليجي كل هذه التجمعات رغم عَراقتها لم تستطع ان تَوحّد العرب و المسلمين في ان تكون لهم قوة و كلمة تَسمع و نفوذ بل دخلت هذه الدول في صراع فيما بينها بصفتها اطراف لدول تحركها عن بعد و أَسقطت أسباب و نتائج الحرب الباردة بين هذه الدول و دخلت في متاهات لم يسلم منها الا من باع وطنه وبطنه في هذه الفترة كانت الأحزاب اليسارية هي صاحبة المبادرة و المشاريع و السلطة و النفوذ في كثير من الدّول و مع زوال الاتحاد السّوفياتي ، ظهر التيار الاسلامي بكل أطيافه في مقدمة المشهد و اخد المشعل من اليسار..
أصبحت أمريكا جانحة نحو التفرد و المقدمة و من خلفها الاتحاد الأوروبي الذي غالبا ما يهمس و دول لا تجيد سوى لغة التنديد و الرفض و دول عربية تجيد الركض وراء السّيد الوحيد كما ظهرت الصين كقوة اقتصادية عالمية تحقق ارقاما فاقت 8% في النمو مما ممكنها ان تصبح ثاني قوة اقتصادية بعد امريكا متجاوزة اليابان و جميع الدول الاوروبية بسبب توسعها الاقتصادي الذي اجتاحت به كل القارات الخمس و اتباعها سياسة النأي بالنفس عن التدخل في شؤون دول العالم و ضبطها للنفس بذلك اصبح لها اصدقاء كثر رغم اتباعها نظما شيوعيا و لا زال الحزب الشيوعي الصيني هو المسطر على الوضع.
عند نهاية 2010 و في شهر دجنبر بدأ مخاض الربيع العربي في الظهور في تونس ثم نضج في مصر في شهر يناير 2011 و في فبراير من نفس السنة في المغرب و ليبيا و باقي البلدان العربية كاليمن و سوريا و العراق و الاردن و سلطنة عمان و البحرين و الكويت و موريتانيا و الجزائر .كل الدول اتاها الربيع بدرجات متفاوتة ،البعض ازهر و عَمّر و الباقي انقلب خريفا قبل الاوان .
أرادت بعض الدّول ان تحمي مصالحها داخل الدول التي تعرف ربيعا ،بقصد او دون قصد حولت المشهد من رومانسي الى دراماتيكي و صبت مزيدا من الزيت عوض الماء على نار الوضع ليصبح اكثر قاتمة و غدا الرّبيع خريفا و دب الصراع بين إخوة النضال و الثورة بين الاسلاميين و اليساريين و الليبيراليين و طل رأس الحرب بين الإخوة في ليبيا و اليمن و سوريا و العراق و اصبحت هذه الدول لقمة سائغة للمتطرفين الاسلاميين و مرتعا لهم و صارت دولا فاشلة.
صعود المتطرفين
تلا قتامة المشهد تصاعد الحركات المتطرفة التي هي ضحية قراءة خاطئة للنص سواءً كان قرآنا او حديثا او أقوالا لعلماء ،التي بسطت نفوذها في العراق أولا ثم سوريا لتنتشر في باقي دول العالم و انشق فصيل متطرف اكثر تطرفا من تنظيم القاعدة "قاعدة الجهاد-1988) كان في 2013 ناشطا في العراق و سوريا تحت اسم داعش(دولة الاسلامية في العراق و سوريا) لينتشر في باقي دول العالم و مقسما العالم الاسلامي الى ولايات تابعة له تحت مسمى الدولة الاسلامية معلنا قيام الخلافة الاسلامية و ناصبا زعيمه ابو بكر البغدادي (إبراهيم عواد إبراهيم علي محمد البدري السامرائي) خليفة للمسلمين و لم يظهر هذا الدَّعي الا مرة واحدة .و ترك العالم في حيرة كما ترك باقي الفصائل المتطرفة في حيرة بعدما سحب البساط من تحت اقدامها و تركها فارغة من الانصار و الاتباع.
يتبع تنظيم الدولة الاسلامية العنف ضد المخالفين و يكفر كل من لا يبايعه وكذلك من يبايعه و يخالفه في الرأي سواء في المسائل النّصية او الاجتهادية، مما حدا المسلمين الى نسب "داعش" الى فرقة الخوارج اذ اعمالهم تدل على تشابه مع اعمال الخوارج و قد يتفوقون عليهم في هذا.ففي 2015 قام هذا التنظيم بعمليات قتل لا نصاره بمجرد مخالفات لأوامر القيادة كما قام بأعمال وحشية بقتل صحفيين و عمال إغاثة غربيين عن طريق جز رؤوسهم و بثه في شرائط فيديو لبث الرعب في مخالفيه و اعدائه كما قام بحرق اسير حرب من الاردن داخل قفص و تفجير معتقلين لديه و إغراق آخرين في حوض سباحة لفيلا ،لقد ارتكب هذا التنظيم كل اعمال العنف و المشقة و القتل بل تفنن في ذلك لبعث الرعب في اتباعه مخالفيه على حدّ السواء .
ففي صباح يوم السبت 10 أكتوبر 2015 قام تنظيم" داعش" بتفجيرين استهدف ناشطين اكرادأ و يساريين اتراكا قاموا بتجمع يندد بعنف الحكومة التركية ضد الاكراد راح ضحية هذا العمل الارهابي حوالي 97 شخصا و هذا ثاني عمل يقوم به التنظيم داخل تركيا بعدما بدأت أنقرة تضيق الخناق على "داعش "و هي التي كانت تغط الطرف عليه كما استهدف هذا التنظيم بعمليات "استشهادية/انفجارية -حسب أعتقاد داعش" داخل مسجد للشيعة بالكويت و السعودية و لازال يتوعد كل دول العالم بالقتل و التشريد ان لم يخنعوا له.
النقطة التي افاضت الكأس
رغم اشتداد المعارك و الصراع بين المتطرفين والمعتدلين (الذين اختفوا مع الوقت) و النّظام السّوري و تقدم المتطرفين و توسعهم على حساب باقي الاطراف (المعارضين المعتدلين و النّظام) بفعل الدّعم الأوروبي و الأمريكي و العربي غير المباشر لازال النّظام في حدود شهر شتنبر يقاوم رغم قلة الدعم الاتي من روسيا و ايران و حزب الله و العراق ولكن عند شهر ستنبر من سنة2015 جمعت روسيا عدتها وارسلتها الى سوريا عبر طائرات عملاقة و اساطيلها البحرية بموافقة الحكومة السورية التي طلبت الدعم بشكل مباشر كما استجابت روسيا و بررته امام الامم المتحدة كما ينص عليه القانون الدولي و بدأت في 30 من نفس الشهر في قصف مواقع تسيطر عليها "داعش" و "جبهة النصرة " و" حركة احرار الشام" و "تجمع صقور الغاب" و باقي الفصائل المسلّحة المقربة من المتطرفين و المعتدلين (ان وجدوا اصلا) ثم تلا هذا القصف صخب اعلامي تقوده الدّول المتضررة من هذا القصف خوفا على مصالحها رغم انه كان هناك تحالف "ستّيني "تقوده الولايات المتحدة الامريكية و قطر و السعودية و الاردن و الامارات و بلجيكا و كندا يقصف مواقع داعش و الفصائل المتطرفة لمدة عام و لم نرى اي تقدم للمعتدلين (الجيش الحر السوري) احرزه على داعش و اخواتها الا استفادة قوات الحماية الشعبية الكردية من دحر داعش و فرض سيطرتهم على الاراضي التي ذات غالبية كردية جنبا الى جنب النظام.
ومبعث هذا السّعار الإعلامي العربي و الغربي مرده الى تخاذل التّحالف "الستيني" في محاربة الإرهاب و كيف لو ان روسيا نجحت في القضاء على الإرهاب سوف تبدو صورة التحالف علما بان مع بداية القصف الروسي التي استعملت فيه كل الاسلحة المتطورة جوا و بحرا (أطلق الاسطول البحري الروسي الراسي ببحر القوزين صباح الاربعاء 07 اكتوبر 2015، 26 صاروخا مجنحا من بحر القوزين مارا بأجواء كل من ايران و العراق ليصيب 12 هدفا على سوريا قاطعا مسافة مقدارها 1500 كيلومتر)، مما دفع" داعش" الى الغاء صلاة الجمعة يوم 02اكتوبر 2015 خوفا من القصف الروسي الذي لم يبدأ الا قبل يوم واحد.
لقد اخدت روسيا احتياطاتها على ما يبدو جيّدا لتفادي اخطائها في افغانستان الذي عرفته في 1979 علما ان سوريا تُعتبر حليفا وفيا لروسيا و ايران ،وما دام ان امريكا تحمي حلفائها دائما يتساءل البعض لماذا لم تتدخل روسيا قبل 2015 و تنقذ النظام الذي كان يسيطر على كل الاراضي و المدن الكبرى .هل كان الدب الروسي يراقب و يكتفي بذلك مع دعم عبارة عن خردة سنوات الحرب الباردة ؟
ام كانت المسألة، مسألة انهاك الخصوم و هذا ما يبدوا على كل الاطراف رغم ارتفاع صبيب المؤتمرات التي تنتهي بالتنديد بالتدخل الرّوسي و اتهامها بتغليب طرف عوض طرف هي في الغالب دعوة الى ستر الفشل و العجز و الخيانة و الغدر و كشف مؤامرتهم في جعل العرب في صراع دائم في ما بينهم لا غير و ناسين ان لروسيا حسابا آخر و لابد لها من حماية حليفها المطل على البحر الابيض المتوسط وتعويض فشلها في ليبيا سنة 2011 و العراق قبل ذلك في 2003.
لقد تحول الصّراع في سوريا الى صّراع دولي و جيو سياسي و جيو جغرافي بعيدا عن الدّول الجوار او بعبارة اصح عن الاطراف بل هو صارع بين المركزين او القطبين و من الاسلم لكل العرب الانسحاب عن دعم المتطرفين الذين لن تكون وجهتهم الجديدة سوى جيران سوريا و على رأس الجيران تقف المملكة العربية السعودية و الأردن و لبنان اما العراق فهو مرتع لهم كلما طال عمر الصراع شب عرب لا يعرفون سوى لغة القتل و العنف و اصبح للمتطرفين رجال اعمال و صفقات و نفوذ و يصبح العالم العربي بيد مافيا اسمها التّطرف تتجار في السياسة و صناعة الدول و تخترق الحدود بل حركات عابرة للحدود مع تجارة لن تبور الا و قد فات الأوان ان لم يفت فعلا و مصالح مع دول ديمقراطية و مستبدة.
كل دول العالم العربي و الغربي مشغولة هذه الايام بالحرب و بتجارة الحرب الا الصين و اليابان و الهند و دول امريكا الجنوبية منشغلون بالاقتصاد و التوسع الاقتصادي ..يا ترى ما تخبئ لنا الصين و أخواتها في المستقبل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فولكسفاغن على خطى كوداك؟| الأخبار


.. هل ينجح الرئيس الأميركي القادم في إنهاء حروب العالم؟ | #بزنس




.. الإعلام الإسرائيلي يناقش الخسائر التي تكبدها الجيش خلال الحر


.. نافذة من أمريكا.. أيام قليلة قبل تحديد هوية الساكن الجديد لل




.. مواجهة قوية في قرعة ربع نهائي كأس الرابطة الإنكليزية