الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سعود الفيصل والبعد الغائب

عبدالله هاشم

2005 / 10 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


إن حالة الهجوم التي فرضتها الإدارة الأمريكية الراهنة على المملكة العربية السعودية على مدى العامين المنصرميين وإتخاذ الإصلاحات السياسية وأطلاق الحريات العامة والخاصة في المجتمع السعودي مدخلاً واستراتيجية لأحداث تحولات بنيوية في بنية الحكم السعودي، أبتداء من رفع القيود المجتمعية والإجتماعية والتي تطال التعليم والسلوك الإجتماعي وحتى مفاصل العقيدة وآلية الحكم وهناك أيضاً من يفكر في شخوص الحكم ورموزه، فقد أنطلقت الإدارة الأمريكية بسياستها هذه من مصالح حيويه أستراتيجياً وأبرزها مصالح ذات طبيعة أمنية، فمع إنتهاء الوضع الدولي ثنائي القطبية كان هناك حراك فيما يمكن أن نطلق عليه حقباً أمنية، فبمجرد إنتهاء الحقبة الأمنية التي أطلق عليها الحرب الباردة، ولج الوضع الدولي حقبة أمنية جديدة وصراع من نوع جديد وتشكل بأنتقال مركز ثقل المواجهة التاريخية فيما بين شعوب الأمتيين العربية والإسلامية من ناحية والولايات المتحدة الأمريكية وأسرائيل من الناحية الأخرى حول فلسطين سياسياً وعقيدياً وكذلك دعم الأنظمة ذات الطبيعة الشمولية في المنطقة، أنتقل مركز ثقل التساند السياسي في هذا الصراع من الإتحاد السوفيتي ومنظومته الإشتراكية إلى الداخل المجتمعي، لذلك تقولبت المشاعر والمصالح لشعوب الأمتيين في إطار أهداف سياسيه صاغت معسكر الأعداء بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، كما وجدت هذه المره أن قوى التغير والمواجهة هي قوى شعبية بالدرجة الأساسية وليست قوى دولية متقابلة وحيث أن هذه الشعوب يحرك مشاعرها ويصيغ مواقفها الدين ومن خلال تيار أسلامي حاول الإمساك بقدر الإمكان بالأصول وكل ماهو سلفي فهو المنهج الأقدار على تحميل الذات الإنسانية مصاعب ومخاطر ومهمات شاقة في إطار ميزان قوي مختل لصالح قوى دولية وفي مقدمتها الولايات المتحده، ومن هنا بدأت المواجهة المفتوحة وبدأ تشكل المعسكرات وحيث أن الأنظمة العربية والإسلامية وبمجموعها صنفت من قبل شعوبها التي مورس عليها أضطهاد فادح وإفقار ضمن معسكر الأعداء بإعتبار أنها تحرك وتقاد من قبل الولايات المتحده، وإن هذا التصنيف بطبيعة الحال يُطلق من مواقع مفاهيم الثورة ذات الإيديولوجية الدينية وليس من مواقع مفاهيم الدولة فقد قسم قادة القاعدة العالم والمجتمع البشري إلى فسطاطين فسطاط الخير وفسطاط الشر وبناء على هذا الأساس حدد المعسكرين .

لذلك فإن التناقض الأساسي في عقيدة التيارات الإسلامية الراديكالية التي تؤمن بأصولية المبادئ الدينية والعقيدية وبالقوة يقوم فيما بين معسكر الإيمان والمستضعفين من عباد الله وهم شعوب الأمتيين وفي مقدمتهم الفئة الناجية من النار وهي فئة المجاهدين وبين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها بما فيها الأنظمة العربية، ولكن التساؤل المركزي الذي يطرح نفسه إلى أي مدى من الممكن أن تتعاطى هذه التيارات الإسلامية وفي مقدمتها حركة أو حالة القاعدة التي تشكل الجبهة الأمامية في فعل الإحتراب بين المعسكرين، وذلك فيما يتعلق بحراك أهداف المعركة أو حراك صيرورة المصائر أو صياغة التحالفات، فهل تتعاطى القاعدة أو الحالة المقاتله التي تمثلها مع هذا الحراك في إطار المناورة وتقديم أهداف على أهداف بما يصل إلى صياغة تحالفات مع من تصنفهم خصوماً أو أعداء وخصوصاً من الأنظمة العربية والإسلامية القائمة أم أنها حرب عقيدية مفتوحة أي كانت التضحيات والخسائر حتى وإن أقتطعت أقاليم ودول من أرض العروبه والإسلام، لتصبح جزء من أمبراطورية فارسية في طريقها إلى أن تبسط سلطاناً لتكون أكثر نفوذاً وقوة، بحيث تكون في موقع يؤتى على ما تبقى من بلاد العرب والإسلام في حقب زمانية قصيرة نسبياً بالقياس لتاريخ الأمة .

إن بعداً تاريخياً يجب أن يتماثل هنا وهو الأمر الذي من الممكن أن يكون الأمير سعود الفيصل وزير خارجية المملكة العربية السعودية قد وضع علامة طريق له، فإن الإعراب عن القلق من أن الولايات المتحدة تتجه إلى تسليم العراق إلى إيران هو قلق منتج سياسياً، فهو يشكل مدخلاً للبعد الغائب وهو قيام هدنة تاريخية وكذلك إمكانية التحالف أو التساند فيما بين القوى التي تدخل في دائرة قوى الدفاع عن عروبة العراق وبالتالي أرض العروبة كلها وهذا ما يعنى بجلاء لأمراء فيه بأنه دفاعاً عن الإسلام والتعايش والتسامح بين العرب المنتمين إلى الأديان والطوائف المختلفة التي تشكل المجتمعات العربية .

فهل يرجح هذا الهدف على أسقاط الأنظمة لدى القاعدة ويقود إلى خيار الهدنة التاريخية أو التحالف في معدلاتها الأرقى وهل هذا واردٌ ايضاً لدى الأنظمة وخصوصاً السعودي والأردني إلى جانب السوري الذي ينتهج هذا الخيار ويقاوم حصارة من أجلة، أن البعد الغائب لن يقف عند حدود مبادرة الجامعة العربية التي تقضي بعقد مؤتمر مصالحة وطنية عراقية برعايتها لأن هذا المؤتمر هو خيار فاشل في ذاته، وإن هذا الخيار قد يتيح بناء إقامة جسور مشاركة ضعيفه في المعادلة السياسية ولكنه لن يصل إلى حلول تتوافق وطموحات القوى العراقية المقاومة للإحتلال على أختلاف مشاربها، وكذلك لن يتمكن من ردع الطموحات الإيرانية أو الحد منها كما إن الدم الذي سفك على الأرض كان كثيراً إلى الحد الذي لن تستطيع هذه المبادره أحتواء الإحتدامات لدى الطوائف والقوى المتناحره .

إن البعد الغائب يفرض عربياً وأسلامياً أن تشكل جبهة الدفاع عن عروبة العراق وهذه الجبهة يجب أن تشكل من قوى الفعل المسلح وفي مقدمتها القاعدة وأنصار السنة وهي القوى العصية على هذا الخيار، والقوى المسلحة الأخرى مثل جيش المجاهدين والجيش الإسلامي إلى جانب القوى السياسية والمرجعية الدينية وفي مقدمتها هيئة علماء المسلمين ومؤتمر أهل السنة ومؤتمر الحوار الوطني وهي القوى المؤيده لهذا الخيار ومن أنظمة الجوار العربية وهي بشكل أساسي سوريا والسعودية والأردن .

هذا يعنى أن ينتطي كل من هذه الأنظمة جواديين بمعنى أن يتعامل سياسياً في إطار السياسة الدولية وفقاً لصراع الإرادات وتسيد الإرادة الأمريكية، فيتوجب على هذه الأنظمة أن تحاكي ما تردده الإدارة الأمريكية من مبادئ الديمقراطية الموعوده وأنها بصدد إقامة ديمقراطية رائدة في العراق المحتل، كما أنها يتوجب أن تنتطي جواد دعم وأسناد المقاومة العراقية بكافة فصائلها سياسياً وعسكرياً ومالياً، وهذا يعني أيضاً أن تحاكي أستراتيجية المقاومة الإستراتيجية الأمريكية حيث أعلن الرئيس جورج بوش أن الولايات المتحدة قررت أن تكون العراق الجبهه الأولى لمقاومة الإرهاب، أن محاكاة المقاومة وبالتحديد الحركة الجهادية التي تضطلع بجزء كبير منها القاعده وأنصار السنة وقوى مسلحة أسلامية جهادية أخرى وأعتبار العراق هي الجبهة الرئيسية، يقتضي وقف العمليات في المجتمعات المجاورة ووقف العمل المسلح في مواجهة الأنظمة الداخلة في التحالف التاريخي حيث تراهن إدارة الحرب الأمريكية على دفع الأنظمة العربية الثلاثة لضرب المقاومة ومحاصرتها وما الحرب النفسية والمعنوية التي تشنها الولايات المتحدة من خلال ما أطلق عليه رسالة الدكتور أيمن الظواهري إلى أبي مصعب الزرقاوي إلا مؤشر له دلالة، وهو أن الإدارة الأمريكية بدأت دخول مرحلة اليأس بحيث لجأت إلى إخافة أنظمة الجوار بما مفاده أن أنتصار المقاومة العراقية على الولايات المتحدة وحلفائها المحليين سوف يؤدي إلى قيام أمكانات محققه لإسقاط الأنظمة العربية المتاخمة للعراق.

إن مقتضيات البعد الغائب وهو الهدنة التاريخية والتحالف الغير معلن هي شرط لإنجاح مثل هذه التوجيهات وفي هذا الإطار أيضاً أنه يجب أن تكون هناك شرائط وبرامج للقوى السياسية العربية وخصوصاً في مجتمعات الجوار العراقي لمساندة الجبهة المدافعة عن عروبة العراق بما يحمله هذا الشعار من أبعاد عقيديه وسياسية وأمنية .

إن تصريحات الأمير سعود الفيصل فتحت آفاقاً سبق وأن حجبت عندما أطلق الملك عبدالله ملك الأردن تصريحاته حول الهلال الشيعي، والحقيقة هو أنه هلالاً إيراني فارسي حيث أن التحالف الأمريكي - الإيراني في هذا الشأن هو حقيقة قائمة بغض النظر عن المواجهة حول الملف النووي .

لذلك فإن أي تقارباً سعودياً أردنياً في هذا الشأن ويأتي على أرضية تصريحات وزير الخارجية السعودي سوف تسانده الشعوب العربية والإسلامية حيث أن هذا التقارب يجب أن يؤدي إلى تراجع في التوجهات الأردنية الراهنة حيث ينظر إلى الأردن على أنه طرفاً في الصراع وليس حكماً وموفقاً فيما بين السعودية والإدراة العراقية المعينة من المحتل .

أن العديد من القوى الشعبية في المجتمعات العربية أصبحت ترى أنه من الضروري قيام جبهة تدافع عن عروبة العراق بوصفها خطوط الدفاع الأولى عن مجموع المجتمعات العربية على أن تشكل من قوى شعبية ورسمية وتأمل أن تكون تصريحات الأمير سعود الفيصل بداية لصحوة رسمية عربية تساعد على تدشين هدنة تاريخية تقبلها القوى العربية الإسلامية المتحاربة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات رئاسية في تشاد بعد 3 سنوات من استيلاء الجيش على الس


.. الرئيس الصيني في زيارة دولة إلى فرنسا والملف الأوكراني والتج




.. بلحظات.. إعصار يمحو مبنى شركة في نبراسكا


.. هل بات اجتياح مدينة رفح قريبا؟




.. قوات الاحتلال تقتحم مخيم طولكرم بعدد من الآليات العسكرية