الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليلة شتاء

طارق الخولي

2015 / 11 / 5
الادب والفن


ليلة شتاء.!!!!! في هذا الشتاء ﻻ-;- اري شئ سوي الضباب،واجمل اللحظات عندما اغط في نومي العميق تحت غطاء ثقيل يكتم انفاسي ،وعندما لا تراودني الكوابيس ايضا،وايضا عندما تكف الكلاب عن النباح خلف نافذتي،وعندما لا تنقطع الكهرباء في غير الليالي المقمرة،والمياه تنهمر من بعيد..من بين السحب.
هذا الشتاء لم يأتي بجديد،بل يسري بين لحظاته جمود فاق ما قبله من جمود..كم كان الشتاء حلوا ونحن نمشي بين الوحل والطين ندب بارجلنا ونعبث في المياه الراكده حتي تتناثر المياه من حولنا،حتي تلك اللحظه كان جميلا،وكان المطر يبعث بالرومانسيه الصادقه،حيث يأخذك بعيدا عن كل شئ،تغيب عن الزمن والمكان،وانت تراه يتساقط علي اوراق الشجر فيغسلها،وعلي وجهات البيوت فيجليها من بؤسها،اما الشئ الوحيد الذي عجز المطر عن تنقيته هي القلوب الحافية،لم ينضح الماء من جلود الخنازير بعد..
لم تكن تلك الليلة من الليالي المفضلة لدي..فالساعة الان الثانية صباحا..والنور مقطوع،لا زالت تمطر الي الان.لقد مرت ساعتان دون ان ينقطع المطر،اسمعه بوضوح ينقر علي باب المنزل الخارجي،وعلي النوافذ..وخرير الماء علي الحفر التي امتلات بالماء،وما هدأ من روعي عدم سماعي لنباح الكلاب اعتقد انها هربت هي ايضا واختبأت.
اه ..ماذا افعل الان؟
زوجتي نائمة..والكشاف المعلق خفت ضوءه واوشك علي الانقطاع هو ايضا،البيت كله ظلام كاحل ،الا الغرفة المعلق بها الكشاف الضعيف..عصي النوم علي،رغم جميع المحاولات التي اعرفها ..طردت ذاك الغطاء بقوة،واعتدلت مسندا رأسي علي حافة السرير،انظر الي الضوء الخافت،تلك الانفاس تعلو وتهبط،لم تتضح لي معالم ذلك الشباك الصغير المطل علي منور به بعض الكراكيب،فقط صداع يجتاح رأسي،فكرت في ان اخرج الي الشارع لاكسر ذاك الملل الخانق..وبالفعل نهضت من الفراش ومشيت اتحسس الابواب والكراسي،حتي اهتديت لشماعة الملابس،مددت يدي لاخذ بعض الملابس المعلقة فترنحت الشماعة الخشبية ومالت فوقعت علي الطفلة ذو الشهر الواحد ،لم اسمع غير صرخه مخنوقه ثم ساد الصمت..
لم اشعر بشئ من جسدي سوي قدمي المرتعشة وقلبي بنخلع من صدري بدقاته المتتاليه،حاولت بكل طريقة ان ارفع تلك الشماعة من علي وجه الطفلة ،ليس من المعقول ان تعيقني شماعه خشبية عن رفعها .
لماذا لم تستيقظ زوجتي الي الان؟
ليس من الممكن ان تكون صمت اذناها..هززتها بكل قوة ،مرات ومرات ..ولم تستجب.
اين انا؟
اين النافذة التي كنت اراها الان؟
لم ينطفئ النور الخافت بعد..
اين طفلي الاخر؟
اين باب الغرفة؟
تحسست الجدار امامي لاجد الباب،علي ذاك الجدار ..والجدار الاخر ،ثم الاخر،ثم الاخر..لم اجده
لم اشعر الا بصرخات مدويه تنطلق وتخترق الظلام،ليس عقلي هذا ..ليس انا
لماذا لم يستيقظ احد؟
زوجتي ما زالت نائمه دافنة وجهها في الوساده..بدأت اشك انها زوجتي ،بعد الصقيع صار العرق يتصبب من وجنتي،اتخبط في ارجاء الغرفة،وفجأة انطفأ نور المصباح..
وانخرس صوتي ..
اين صوتي ؟
وارتميت علي الارض..هناك شئ يمسك بي،تجمدت ضلوعي ،لم تقدر يداي علي الحراك،تصلبت سيقاني..اريد الصراخ بقوه ولكنه ابي ان يخرج.
لا ..ليس هذا حلما،من المستحيل ان يكون حلما،انه حقيقة.
قاومت تصلب جسدي الملقي بجانب السرير التي قبعت عليه زوجتي ،التي لم تسمعني ..لم تشعر بي.
اريد ان استيقظ ..ان اخرج من هذا السجن،قاومت مرات ومرات ،ان اقلب جسدي ،وارجرج راسي كي افيق،ولكن صوت ما افاقني علي عجل،صوت صغيرتي ذو الشهر الواحد .
ليس الشتاء كما كان......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل