الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يعنيهم الدستور .. حقا !!

حسين التميمي

2005 / 10 / 29
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


قد يبدو هذا السؤال غريبا بعد أن تمت المصادقة على الدستور .. لكن هي محاولة لنقل صوت أو عدة أصوات مغايرة لما هو سائد الآن ، واقصد بالسائد – كل التيارات سواء تلك التي تؤيد او ترفض الدستور – ولعل سائل يسأل : اذن من يبقى اذا نحن ابتعدنا عمن يرفض وعمن يقبل ؟ لكن الغريب في الأمر أنني اكتشفت ، بأن المفردة التي استخدمها الأخوة الذين يدعون بانهم يمثلون العرب السنة أي (المغيبون) لم تكن مفردة موفقة بالمعنى الذي أرادوه ، فهذه الكلمة تكاد تشمل عدد هائل من أبناء وطننا بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية او الطائفية . وبغض النظر أيضا عن الحيز الزمني الذي تم اختزاله من اجلها (أو اختزالها من أجله بمعنى أكثر دقة !!) ولكي لا يتشعب الموضوع ويبتعد عن الهدف المرجو منه ، أختصر الأمر بالقول : ان أولئك الذين لا يعنيهم الدستور من قريب أو بعيد (وفقا لما يرونه) ولا يعنيهم أيضا الشأن السياسي ، أو الوضع العام لما يسمى بأجندة البلد السياسية في الوقت الحاضر ، هم أناس يشكلون غالبية عظمى ، أناس لهم صلة حيوية مع مشاكل ومسؤوليات الحياة اليومية أكثر بكثير مما لهم مع الخطاب المعلن وغير المعلن للساسة ورجالات الحكومة ومن لف لفهم . هؤلاء .. الذين سأسمح لنفسي وبوجل أن أسميهم (البسطاء) لا يعنيهم الدستور من قريب او بعيد .. ليس لأنه لا يعنيهم بصورة فعلية ، إنما لأنهم لا يمتلكون الثقافة المناسبة للتعامل مع هذا الفعل الجلل ، والذي لن يتكرر ربما لأجيال عدة . وهم أيضا يمتلكون العذر في ذلك أو ربما أعذار عدة ، فللعقود التي مضت دور كبير في تشكل ثقافة هؤلاء ، وفي بلورة طموحاتهم بهذا المنظور الضيق الذي لا يتناسب وآفاق إنسان القرن الواحد والعشرين ، يضاف الى ذلك ما حدث بعد 9/4/2003 ، فقد تنسم هؤلاء بواكير نسمات الحرية ، دون ان يستنشقوها بحق ، ودون ان تحدث عملية التمثل الحقيقي لهذا الفعل ، وبلا منة زكمت الانوف روائح اللصوص الذين نهبوا دوائر الدولة واغتالوا الحلم لحظة ولادته ، لذا لا أكون مغاليا اذا قلت أن هذا الحدث قد ساهم في حدوث عملية انكفاء داخلي جديد لمشاعر (هؤلاء) مما حدا بهم إلى الابتعاد مجددا عن الواجهة والاكتفاء بالمراقبة والمشاهدة من خلف الأبواب . ولعل الإضافة الأخرى الأكثر بؤسا وبشاعة هي ما يسمى بالإرهاب .. هذا المسمى الذي لم يحض الى الآن بتعريف حقيقي خال من اللبس ، سواء من جهة مسببيه أو من جهة المتعاملون معه ، ولخطورة هذا العامل الأخير فقد حرم عدد لا باس به من (هؤلاء) من الذهاب الى صناديق الانتخابات ، مما دفع بعض الساسة لأن يركبوا الموجة وأن يدعوا بانهم غيبوا مع هؤلاء ، لكي يجنوا فيما بعد مكاسب سياسية لم تكن تخطر ببالهم ، ولسنا هنا بصدد مناقشة صحة أو أحقية توجه هذه الشريحة او تلك من الساسة ، لكن النبض العام بالنسبة للشارع العراقي يؤشر بطريقة مغايرة ، فلا أحد يثق بممثلي هذه الطائفة ومثله لا أحد يثق بممثلي الطائفة الأخرى ، لكنه لا يملك في الوقت ذاته ان يوصل صوته كي يقول لهذا او ذاك .. الحقيقة ، وان يسحب منه الثقة او الترخيص الذي يدعيه . ولعل الكثير ممن ذهبوا الانتخابات السابقة كانوا يؤدون دور رد الفعل وليس الفعل ذاته ، أي رد فعل على الطغيان الذي استمر لعدة عقود ، واجبر المواطن على قول كلمة نعم فيما كان الجميع يصرخ من الداخل بـ (لا) لذا كان رد الفعل في الانتخابات التي أفرزت الحكومة الحالية هو عبارة عن رد فعل شبه طائفي وشبه عرقي ، ولكي نعبر هذا المأزق ونرقى إلى انتخاب وطنيتنا قبل أن ننتخب أو نصوت لانتماءاتنا الأخرى ، علينا أن نرتقي بثقافتنا الإنسانية والحضارية وفقا لاستحقاقاتها ، وهذا بالطبع لن يحدث خلال السنوات القليلة القادمة ، لأن التأسيس الحقيقي لمثل هذه الثقافة يحتاج إلى سنوات عدة ، وتحتاج أيضا إلى وجود حالة من الاستقرار النفسي والمعيشي للمواطن ، وهذا لن يحدث بالطبع إلا بالتخلص من كافة أنواع الإرهاب ، والتخلص أيضا من الممارسات اللاإنسانية التي ترتكب من قبل هذا الطرف أو ذاك تحت يافطات أو شعارات .. باتت هي الأخرى زائفة وغير مقنعة ، والتخلص أيضا من كافة أنواع الفساد الإداري والرشوة والغش وكل الأمراض التي تفشت في مفاصل الدوائر الحكومية ، من أقصاها إلى أقصاها .
عندئذ فقط .. سنقدر أن نقول بان ثمة تغيير قد حصل ، وأننا في سبيلنا الى السير في ركاب الحضارة ، كي نلحق ولو ببعض مما فاتنا من التطور والرقي العلمي والتكنولوجي و .. البقية تأتي .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سجال إيراني تركي.. من عثر على حطام طائرة رئيسي؟? | #سوشال_سك


.. السعودية وإسرائيل.. تطبيع يصطدم برفض نتنياهو لحل الدولتين وو




.. هل تفتح إيران صفحة جديدة في علاقاتها الخارجية؟ | #غرفة_الأخب


.. غزيون للجنائية الدولية: إن ذهب السنوار وهنية فلن تتوقف الأجي




.. 8 شهداء خلال اقتحام قوات الاحتلال مدينة ومخيم جنين والجيش يش