الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرتكزات الامن الوطني العراقي

شاكر العينه جي

2015 / 11 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


يوما بعد يوم يفقد العراق مرتكزا بعد اخر من مرتكزات امنه الوطني.
والمرتكزات الأساسية للأمن الوطني المتفق عليها بشكل عام هي ثلاث الاقتصادية والسياسية والعسكرية ويدخل الاعلام طبعا كذراع أساسي في توجيه الراي العام نحو دعم هذه المرتكزات.
والناظر لوضع العراق الحالي يعلم انه قد خسر تماما المرتكز العسكري منذ حل المؤسسة العسكرية عام 2003 بقرار غير ناضج اعترفت الإدارة الامريكية بخطئه ولكن بعد فوات الأوان. لقد تخوفت الإدارات العراقية المتعاقبة بعد عام 2003 من انشاء جيش وطني محترف لعدة أسباب منها ان تاريخ العراق الحديث مليء بالانقلابات العسكرية بل كان العراق اول دولة شرق أوسطية يحدث فيها انقلاب عام 1936 ومنها أيضا ان ممارسة الفساد تحتاج ان تكون بعيدة عن أي قوة وطنية بإمكانها التدخل لردع الفاسدين ومحاسبتهم لذا أنشأت جيشاً بقيادات واهية ذات ولاءات سياسية بعيدة عن الولاء الوطني تهاوى في اول اختبار بسيط لقدرته على القتال بشكل مزر ومؤلم.
اما عن المرتكز السياسي فالسياسة الداخلية قائمة على اللعب على الوتر الطائفي وأدامه الاحتقان بشكل واضح حتى يبقى الفاشلون أطول فترة ممكنة في الحكم بحجة حماية طوائفهم. لقد أدت تلك السياسة الدنيئة بالعراق للدخول في حرب أهلية مستعرة ومستمرة تخفت وتنشط كل حين تحت مسميات مختلفة، اما السياسة الخارجية فمن تخبط الى أسوأ. فبعد ان ساعدت أمريكا المعارضة العراقية لنظام الرئيس صدام حسين على الوصول الى السلطة قلبت هذه المعارضة لأمريكا ظهر المجن لتتحالف مع عدو أمريكا في المنطقة اي إيران ضاربة بذلك فرصة تاريخية لن تتاح مرة أخرى للعراق بالاستفادة من والتعاون مع أكبر دولة اقتصادا وقوة في العالم وبدلا من ذلك شرعت بالتعاون مع دولة محاصرة إقليميا ودوليا. والمضحك المبكي ان إيران الدولة التي دفعت بالعراق للخروج من منطقة التأثير الغربي تغازل أمريكا بشكل علني بل وأنها حصلت من خلال الدعم الأمريكي الحالي على مباركة لمشروعها النووي الذي يهدد السلم الإقليمي بشكل كبير، فالسعودية الدولة الأكثر تأثراً بالتمدد الإيراني لن تقف ساكتة وستلجأ حتما لتطوير قدرتها النووية من خلال اقتصادها المتمكن وعلاقاتها بالغرب مما سيحول منطقتنا الى ساحة محتملة لحرب نووية ومن غير العراق سيكون أرض القتل فيها؟
وأخيرا يأتي المرتكز الاقتصادي والذي بانهياره تبدد الامل الوحيد للخروج من ازمة العراق فبعد 8 سنوات من حكم غير رشيد لتكتل اسمه دولة القانون يقوده حزب الدعوة ممثلا برئيس الوزراء السابق نوري المالكي انحدر البلد الى هاوية اقتصادية لا مجال للخروج منها فالاقتصاد الريعي المعتمد على النفط بقي الممول الوحيد للميزانية العراقية ولم تفلح أي محاولة لتنويع الاقتصاد بسبب فساد السلطة التنفيذية وعدم تنفيذ أي مشروع فعلي يحرك عجلة الاقتصاد مع عجز في أداء السلطة التشريعية و تعرض السلطة القضائية لضغوط السلطة التنفيذية و دفعها لإصدار قرارات قضائية للتخلص من كل من حاول ان يتصدى للفساد مع توفير الحماية للفاسدين الكبار بنفس الوقت
مع الأسف الشديد فأن المنظومة المسؤولة عن مرتكزات الامن الوطني في العراق والمسماة مستشارية الامن الوطني، لم تلعب دورها كما هو مطلوب في المرحلية الانتقالية التي أعقبت اسقاط نظام شمولي دكتاتوري حيث تم تسليمها لمجموعة من الهواة المؤدلجين الذين حاولوا فرض وجهات نظرهم واحزابهم على الاخرين واعتبارها واقع حال يجب ان يرضخ الاخرين له بدون فهم كاف لأدوات تفريغ الاحتقان الشعبي وأهميتها وأظهروا عدم قدرة مؤسف على التكيف الاستراتيجي مع معطيات كل مرحلة. لقد كلف هذا الجمود العقائدي المصحوب بروح انتقامية واضحة العراق الكثير بل ولربما قضى على أي أمل في ان يعود العراق موحدا كدولة لعقود طويلة قادمة.
تعتبر حرفة دراسة وتحليل المخاطر أحد اهم الفنون الواجب اتقانها لمن يتصدى لعملية الحفاظ على الامن القومي وبالتأكيد فأن تحليل المخاطر في فترات الامن والاستقرار يختلف تماما عن تحليلها في زمن النزاعات فلكل من هذه المراحل ديناميكية تختلف من ناحية المعطيات والمخرجات الواجب النظر اليها على الأصعدة الاستراتيجية والعملياتية والتكتيكية. ان تقييم القدرات الوطنية وتطوير البرامج المتعلقة ببنائها لمواجهة مختلف أنواع التحديات والأزمات هو من صميم واجبات منظومة الامن الوطني. وكذلك فأن تطوير القدرة الاستخبارية والعملياتية على المستوى الوطني بشكل متواز وتقديم المعلومة لصاحب القرار لتوظيفها في اصدار قراره مهمات لم تتصدى لها منظومة الامن الوطني العراقي بجدارة.
وعلى الرغم من صعوبة عكس الوضع الراهن الا ان الحل الوحيد الذي يجب ان يبدأ الان وليس غدا هو توفير بيئة عمل فنية حرفية بحتة لمجموعة من المهنيين من غير السياسيين لإدارة هذا الملف والبدء ببناء قاعدة بيانات المعلومات الوطنية التي تعتبر الركيزة الأساسية للتخطيط القصير والمتوسط والطويل الأمد. وتشمل اولا اكمال البيانات الديموغرافية للبلد وكذلك البدء فوراً بتقييم قدرة البنى التحتية العراقية وبيان الحاجات المستقبلية لها مع الاخذ بنظر الاعتبار مؤشرات النمو السكاني. مع إيجاد آلية مؤسساتية امنية تعمل الوزارات من خلالها معا كأنشاء مركز وطني للأمن وإدارة الازمات للتصدي للازمات العابرة لاختصاص الوزارات بدلا من الية اللجان المؤقتة والمعتمدة على العلاقات الشخصية بشكل كبير. فكيف يمكن لمستشارية ذات دور مهم تقديم توصيات لصناع القرار بدون وجود بيانات كافية لديها من كل الوزارات تعتمد عليها كأدلة في اصدار قراراتها؟
ان ممارسات بائسة لعملية لمصالحة الوطنية التي تعتبر العمود الوطني لمجتمع آمن مثل انشاء مجالس الاسناد او عقد مؤتمرات لشيوخ العشائر توزع في نهايتها مبالغ نقدية وتقام فيها الولائم والعزائم وتشوى الخرفان لن تنفع .. الكل يعرف ان الوضع العراقي لن يحسم عسكريا ابداً و ان الحل سياسي صرف وان من يجب ان يقود هذه العملية عليه ان يكون بمستوى مسؤوليتها الكبيرة و ان يكون هدفه الأول الامن الوطني و ليس امن حزبه او طائفته .. فلنكن أكثر علمية واحترافا في التصدي لمشاكل العراق المعقدة، يكفي تلاعبا بمصير الشعب فلم يعد في القوس منزع ولات ساعة مندم....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها