الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنتفعون لا يصلحون للتشريع

عبدالزهرة حسن حسب

2015 / 11 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


في أجواء كتابة الدستور كان ساسة العراق أنقسموا بين ساعٍ الى إعادة نظام تسلطي بائد بكل رموزه وأيديولوجيته وبين مفلس بهوية طائفية مضادة تحمل جذور دمارها الذاتي وتمنع نمو تيار عابر للطوائف , وغالباً ما حاولت في التشريع خنق هذ التيار والخلاص منه .
شكل هذان الموقفان الصراع السياسي حول الدستور , لذلك حاء يحمل تناقضات كان لها أثر كبير في النظام السياسي , وبالتالي مسّ حياتنا وحرياتنا ونشاطنا وقادنا الى ما نحن عليه من إرهاب وفقر وفاقة .
بريمر الحاكم المدني للعراق , أضاف الى الصراع المشار اليه صراعاً دائمياً أكثر شمولية وقسوة وظلماً , عندما وزّع ثروة البلاد بشكل غير عادل , اذ ميّز أعضاء السلطة الحاكمة برواتب وامتيازات لا يقرها العقل ولا يوجد مثيلها في دول العالم . فبرر فعلته الشنعاء بالقول . وجدت معارضة الأمس , والمسؤولين اليوم توّاقين لملء الجيوب , فحققت لهم رغباتهم كي أتمكن من فرض ما أريده عليهم .
بفضل بريمر نشأت طبقة السلطة الطفيلية مالكة وسائل نمو الثروة وتطور مدخولاتها الاقتصادية بفضل هيمنتها على التجارة وهي صاحبة العقود مع شركات النفط , ولا تمنح العقود إلا برشاوى كبيرة جداً أو بنسب غير مقبولة . وهي التي خلقت الظروف المساعدة على سرقة المال العام , حتى صار الفساد هو الخلق الشائع في جميع مفاصل الدولة .
بناء على ما أشرت إليه أعلاه , انقسم الشعب الى طبقة طفيلية فاحشة الثراء ومالكة للامتيازات وشعب يزداد أعداد فقرائه يوماً بعد يوم , وبعبارة أخرى وجد الظالم والمظلوم في مجتمع المفروض لا يرى شعبه الجوع , لا بلد من بين الدول العشر الأغنى في العالم .
من الطبيعي وبعد ثلاثة عشر سنة من التسلط أن نشأ للسلطة الطفيلية مصالح وامتيازات لا يمكنها التخلي عنها تحت أي ظرف , ومن الطبيعي أيضاً . ان تسرع القوانين الضامنة استمرارها في السلطة أولاً وعدم المساس بمصالحها ثانياً , بان ذلك واضحاً في رفضها قرار المحكمة الاتحادية الخاص باحتساب متبقي الأصوات لصالح الخاسر الأكبر وهو ما معمول به في بعض دول العالم . ورفضها طريقة التمثيل النسبي على أساس العراق دائرة انتخابية واحدة .
ليتها اكتفت بما حققه من ثراء ومنعها وصول الآخر للسلطة بكل الطرق غير الشريفة , ولم تنظر الى الشعب , انه شعب عاق لم ير جميلاً بما فعلت وخيراً بما قدمت ولم يرَ أيـــــــضاً البطون التي أشبعت , فخرج متظاهراً عليها فاستحق نشطاء الحراك القتل والاعتقال والتعذيب وللصحفيين التهديد بالقتل .
لما تزايدت أعداد المتظاهرين وبلغت الحد غير المتوقع قام السيد رئيس الوزراء بإطلاق حزمة إصلاحات كان من بينها تشريع قانون سلّم الرواتب الجديد . ولأن من كتب مسودة القانون أعضاء في الحكومة ومشاركيهم في المصالح , جاء القانون فاشلاً في تخفيف معاناة الناس المعاشية , لو طبق يضيف الى الفقراء موظفي الدولة البالغ عددهم 3 مليون حسب ما ورد في الصحافة .
السؤال المطلوب الإجابة عليه لماذا حصل هذا والحكومة تدّعي الإصلاح ؟
الجواب الذي لا يحتمل الشك . ان سبب ما حصل هي الجهة التي كتبت مسودة القانون , وهي التي خرج عليها المتظاهرون منددين بنهج عملها التي تمحور حول مصالحها , فامتلكت الامتيازات وازدادت ثراء دون تحقيق الحد الأدنى من متطلبات العيش لغالبية ابناء الشعب فهل من المعقول مثل هكذا حكومة ان تتنازل عما حققته بالباطل , بمثل هذه السهولة وتسرع قانون ينصف من سلبتهم حقوقهم ودفعتهم الى الفقر دفعاً .
المنطق لا يقر ذلك ولا يزكيه سلوك الإنسان عبرّ التاريخ , الإنسان لم يتنازل عما ملكت يداه يملك الاّ بالقوة ( أنا أتكلم عن عامة الناس - ولا أنسى من وهب ما يملك للفقراء دون اكراه ).
قد يفترض البعض ويقول : الحكومة التي شرعت القانون خفضت رواتب الرئاسات الثلاث وأصحاب الدرجات الخاصة والمدراء العامين . والجميع هم جزء من الحكومة .. هذا صحيح لكن ما فعلته ليس طوعاً بل فرضته الجماهير المحتجة عليها وحاجتها الى المال لتمويل الحرب ضد داعش .
شمول رواتب الموظفين بالتخفيض جاء بناء على طلب بعض النواب الذين تضررت مصالحم , فجاء تخفيض الرواتب نكاية بهم وبالشعب المتظاهر ضد الفساد وسرقة المال العام .
في القادم من الأيام ينبغي أخد الملاحظات التي تجعل من القوانين أكثر عدلاً وقبولاً من الجميع.
عندما تقتضي ضرورة للتشريع ، يجب ان تناط كتابة مسودة القانون الى فريق عمل يتميز بالكفاءة وقدراته العلمية ومؤمن ان وجوده مشرعاً هو خدمة للشعب لا غيره .
ومن موجبات التشريع الحوار المباشر مع المتظاهرين واللقاء بالساسة الرافضين نظام المحاصصة وخارج كابينة الحكومة .
توفير الفرصة للقاء بالمثقفين أصحاب الرأي والأكاديميين أصحاب الاختصاص اذا كان كل من ذكر من اهتمام السلطة سيكون القانون متكاملاً ومقبولاً من قبل الجميع .

3/ 11/ 1015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تطيح انتخابات البرلمان الأوروبي بالمستشار الألماني شولتس؟


.. إثيوبيا تجذب مزيدا من الاستثمارات في مختلف المجالات | #مراسل




.. جرحى بقصف إسرائيلي جديد على النصيرات وسط قطاع غزة


.. بالخريطة التفاعلية.. رشقة صاروخية مشتركة للقسام وسرايا القدس




.. الشرطة الكندية تفرق مظاهرة أمام القنصلية الأمريكية في تورنتو