الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أناس بدون مأوى..

محمد البورقادي

2015 / 11 / 8
حقوق الانسان


تمر سيارتك بجنبه فتسطع أنوارها على حاله ..ويُرى المُوارَى في الظلام مكشوفا ..مفرشا للأرض يتوسدها ..في ملبس خشن وفي وضع مرث ..يحز في النفس رؤيته ويصيح في القلب وقْع مألمِه ..
وفي وضح النهار تلمحه عيناك في خجل ..يختبئ في الظل من وهج الشمس ..ويفترش الورق من شدة الفاقة..الذقن منسدل قد طال منكبه ..والشّعر غابة من شدة كثافته ..والجسم متسخ قد اسمر لونه ..والرجلان متورمان من كثرة التعب ..
لا دار له بعد الشارع يسكنها .. ولا ملجأ له من البرد يقصده ..لا أهل هناك في سند.. ولا صديق يُعرف وقت الضيق ..لا كريم يشفق من حاله ..ولا غني يعطي من ماله ..ينظره الكل في ضنك ..وينعته الكل بالوهن ..
ُيرَى يبن القمامات موطؤه .. هناك حيث يلتقط ما يفضل عن بني جنسه ..فيقتات من أحسنه ..ويحفض ما قد يزيد عن حاجته ..
وما يفضل عن الإنسان من فضل ..إلا التي لم يرجى منها صلاح ولم يبق فيها مفيد ..فما تراه ينفعه فضل أخيه في شيء ..ولكن يرضى بالدنيء ويقبل بالحقير ..فما له من بدل ..ويصبر النفس شهوتها وقد سقمت من كثرة القمع ..ويكبح الجسد مطلبه ..ويسعى في موجد الآن ..يقنعه بقدر الحال ..ويسكته بمآل الأيام ..فيرأف به الجسد ويكف عن طلب الزبد ..فيكتفي بالآني.. ويعيش في أمل الآتي ..ويتسلى بأمجاد الماضي ..ويعيش في أحلام الحاضر..
هو الزاهد بغير زهد ..هو المتواضع بغير تواضع ..هو الضعيف من غير ضعف ..هو الكليل بلا كلل ..والسقيم بلا سقم ..أتراه قد أنهكه طول الطريق وضعف الزاد ..
هو المريض لا طبيب له إلا مناعة الجسد ..وحتى الأخير لا يقوى بلا زاد ..
هو البصير بعينه ..الفقير بحاله ..العين تبصر وتطلب.. واليد تقصر ولا تنفذ ..
النفس تشتهي وتتمنى ..والقلب يصدى ويكلم ..كيف بالسلوى لمن لا سليل له إلا جامع الألم..!!
ضعيف الحيلة لا يقوى على كلم ..وفي من يصرخ .. لآذان لا يسمعون بها ..ولمن يشكي ..لقلوب لا يفقهون بها ..ولمن يظهر ..لعيون لا يبصرون بها!!
ولكن لا نفرط في التعميم ..ولا نتقل في التشاؤم ..فأيدي الخير لم تنقطع ..والرجاء في القلوب الرحيمة موصول ..ولا قنوط مع الأمل ..ولا أمل مع اليأس ..!! ولا حياة في الإستكانة والجمود ..
فقد يرق القلب ..وتدمع العين ..وتألم النفس ..وتتيقظ الحواس ..ويخرج إلهام البصيرة من معقله كأنه النور لا يرى إلا به ..فيشفق على الحال بعضهم ..
فتجد حينها الخير ينعم ..وترى المدد يهبط ..وأيدي العون تمد ..في وجه ضعيف الحيلة ..فلا يلقط ما يلفظ من فضل ..بل يأخذ من الأصل لا من الفرع ..وبالعز لا بالذل ..
فيقيم صلبه ..وتستقيم حاله ..ويعظم شأنه ..وتعلى هيبته ..وتصان كرامته ..ويقول هأنذا وقفت بعد الجلوس ..ونهظت بعد الركون ..وصرت مقتدرا لا ضعيفا ..كريما لا ذليلا ..
ولكي يصير ضعيف الحيلة كذلك لزم إيقاض الضمير من العامة ..وإعمال البصيرة في حق موضعها لترى الحقيقة وسط الظلام ..فتأثر حب الخير وإيثار الغير ..فالنفس لن تنال البر حتى تنفق مما تحب ..وتأتر على نفسها ولو كان بها خصاصة ..وتتولى وعينها تفيض من الدمع ألا تجد ما تنفق ..فالرزق للرزاق ليس لها ..وإن علمت بذلك لم تمنعه عن أهله ..لأن في منعها الحرمان وليس العكس ..وفي كفها الخذلان ..وفي بخلها الذل والهوان !!
وهي إن علمت بذلك علم اليقين ..انقطعت من الحرص على الجمع ..ولم تتشبت بما ليس لها ..وقاسمت من سألها من سائل ومحروم ..فنعمت ونعم هو بذلك ونعم الجميع ..وساد العدل وحقق الرخاء بإعمام الخير على الكل ..
وإنعامها بالإنفاق يأتي في الحين ..وتجد وقع أثره في القلب حلاوة وسعادة ..فالخير يورث الراحة والسكينة في النفس ..والشح والمنع يورث الضنك والقنط وعدم الرضا ..
فيا أخي لا تقولن مالي وحسبي حالي ..فلا تعلمن ما تحمل لك الأيام ..وافعل خيرا وكابد هوى الجمع ولا تحرص على الفاني ..واعمل حسنا عسى تجازى بعد الموت بالحسن ..وكن رحيما عسى يرحمك الله
وفقنا الله لصنع الخير والأمر به وهدانا بوحيه عن الوقوع في شرك الزلل واتباع الهوى والجري وراء الفتن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أطفال فلسطينيون يطلقون صرخات جوع في ظل اشتداد المجاعة شمال ق


.. الأمم المتحدة: نحو نصف مليون من أهالي قطاع غزة يواجهون جوعا




.. شبح المجاعة.. نصف مليون شخص يعانون الجوع الكارثي | #غرفة_الأ


.. الجنائية الدولية.. مذكرتا اعتقال بحق مسؤولَين روسيين | #غرفة




.. خطر المجاعة لا يزال قائما في أنحاء قطاع غزة