الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كوابح الإصلاح السياسي والإقتصادي في المغرب : الجزء 3

محمد البورقادي

2015 / 11 / 8
الادارة و الاقتصاد



مما لا شك فيه أن جل قوانين والبنوذ الدستورية سليمة وواضحة وشفافة ولا تقبل الجدل في حيثياتها ..لكن الإشكال يكمن في مدى الإلتزام بها والإنقياد لها من طرف واضعيها في المقام الأول كمواطنين ..لهم كغيرهم نفس الحقوق والواجبات ..فالديمقراطية تعني الحكم للقانون الذي هو أصل الحكم.. وكل التفاف عليه بدعوى الجاه أو المنصب يعد فسادا ..وكل تملص من بنوذ الدستور هو إخلال بتوازن المنطومة المواطناتية وتهديد لاستقرار كل المنطومات الأخرى تبعا لذلك ..
إن انتشار لوبيات الفساد وتحكمها في صياغة بنوذ جديدة مرتجلة تخدم مصالحها ..هو من دواعي الفساد ..وذلك جلي في اللوبيات المتحكمة في الإقتصاد الوطني ..كلوبي النقل مثلا الذي يغير قانون وزارة النقل فيما يخص تذاكر الحافلات ..والتي تقف وراءه المصالح المشتركة ..إذ يقوم بالتلاعب بأسعارها ضدا على ماجاء به القرار الوزاري المتعلق بها ..لتصل في بعض الأحيان إلى ضعف السعر ..
ولوبي الصناعة والزراعة والصيد ......
فتلك اللوبيات لها من القوة والنفوذ ما تغطي به على تصرفاتها وتضفي عليها طابع الشرعية ..فالمال يساوي السلطة ..أو بالمعنى الدارج ..يشتري السلطة ..ويحابي صناع القرار ويخدم مصالح الكل.. في تغاض تام عن كراسات القوانين وفي ضرب صارخ لحقوق الإنسان وفي غفلة من المواطن المسكين الذي يكتفي بالإذعان والخضوع والإكتواء بنار الظلم وجشع التحكم ...
فلوبي الفساد كوّن نفسه إبان الإستقلال ..واستمر يحصد في ثروات البلاد وخيراته ويتملك صياغة قراراته وفق هوى نفسه وخدمة لمصالحه الإمبيريالية التوسعية إلى أن سيطر على كل مؤسسات الدولة وأحاط بكل صغيرة وكبيرة ..واستأسد بذلك على دواليب الحكم فألجمها بتقواه مخافة الإنقلاب ..وفرض عليها اتباعه لاتقاء شروره ...
حتى لم يعد هناك أي كلام للوزارات المتعاقبة ..فتنخرص وتُشلّ أطرها ..وتكون مهامها منحصرة على خدمة مصالح تلك اللوبيات ومنكبة على التواطئ الخفي عن انتهاكات ومخالفات تلك القوى الفاسدة ..بل وحتى القضاء المعول عليه بنزاهته وحياده أضحى بدوره كارثة وصار منحازا للوبي الفساد بل هو الحلقة الأقوى والدافعة لاستمراره ..
فهذا جين شارب في كتابه من الديكتاتورية إلى الديموقراطية يقول
علينا أن لاننسى أنه مهما كانت الوعود التي تقدمها الحكومات الديكتاتورية في التسوية السلمية فإنها تصب في إتجاه تأمين خنوع خصومهم من الحركات الديموقراطية، وفي النهاية تجدهم حقيرين لدرجة أنهم ينتهكون الإتفاقيات التي وقعوا عليها
الغريب في الأمر هو أن الشعب المغربي أرسل ملايين الشكايات أغلبها تحمل هما واحدا...هو تحقيق العدل والإلتزام بالقانون .. سواء لديوان المظالم أو لوزارة العدل أو حتى للديوان الملكي ...لكن لوبي الفساد المغربي المستأتر بدواليب قيادة الدفات وتوجيه المسارات قد حسم الكفة لصالحه ..مما ولد لدى الشعب المغربي فقدان الثقة ..فتأجج الإحتقان في داخله منعكسا في ثورات وإضرابات بين الفينة والأخرى..لا تفيد الكثير.. ولا تغير السبيل ..ولا تصلح شيئا سوى الوعود من ذوي السلطة ..والأمل في التحقيق من ذوي المطالب مما يؤول إلى الركون وتطبع المواطن عليه بكثرة التعود عليه.. !!
وما مصير ثرواث البلاد إن لم تصرف في رفاه المواطن وتستثمر في تنمية بلده وتزكية عيشه !!..
فبلادنا الغنية تستفرد ب% 75 من احتياط الفوسفاط العالمي ..وتحتل الصدارة في تصدير الحوامض والبواكر والخضر والفواكه ...وعائداتها السنوية من السياحة تفوق عشرات المليارات من الدراهم ..أضف إلى ذلك إيرادات الحشيش التي تقدر ب130 مليار درهم سنويا ..هاته العشبة التي يتم تصديرها بتوقيع الجنرالات وعلى مرأى الجميع ..ويتشدق بعد ذلك الإعلام الرسمي بأنه حجز كمّا معينا منها في بوابة الجمارك درء ا لنعته بالتعتيم ..ورفعا لحرجه كونه يقوم بدوره وواجبه من حيث تنوير الرأي العام وتغطية الأحداث الراهنة ..
فمن المستفيد الأكبر من تلك الثروات الخيالية ..ومن المحروم !!
أيعقل أن يظل بعض الأشخاص المحسوبين على رؤوس الأصابع.. هم من يتحكم في تلك العائدات ويبقى المواطن متضررا تفرض عليه أثمنة خيالية من أجل اقتناء مادة معينة يتم استيرادها من الخارج..
أيعقل أن يتحكم قلة من ذوي النفوذ واللوبيات الفاسدة في مصير المغرب و مصير خيراته !! أيعقل أن تغتني قشدته باقتصاد الريع على حساب قاعه ..!!
تعلم الحكومة الحالية ..بأن سيادة اقتصاد الريع تم بتخطيط من اﻻ-;-دارة المخزنية.. أي الدولة.. ﻷ-;-سباب سياسية .. وأن عدد المستفيدين منه كبير للغاية... وأن العبرة لم تعد في الكم وإنما في النفوذ والقدرة على التأثير الناتج عن سطوة المال الذي صاروا يتوفرون عليه من استغلال الرخص الممنوحة لهم... وحرمان هؤﻻ-;-ء من مصادر الدخل تلك ستحولهم إلى قوى مقاومة عنيدة وأعداء محتملين للحزب في مناطق نفوذهم وتأثيرهم ...ولذا يشعر الحزب بأنه لو نفذ كل ما سبق له أن تعهد به فسيدخل حقل ألغام لن يسلم من أضرار فادحة قد تلحق به... وهذا ما يدعوه حاليا اﻻ-;-لتزام بالحذر والعمل على التخلص من اقتصاد الريع تدريجيا ودون أن يثير حفيظة مراكز القوى تلك المنتفعة من الريع...
كما وجب عليه الحرص على امتداد صلاحيات المجلس الأعلى للمنافسة وضمان شفافيتها ونزاهتها ..والحرص الشديد على إعطاء رخص الإستغلال لمستحقيها من دون سمسرة أو انحياز ..ووفق شرعية وضوابط وبالتزامات محددة ..كما يجب علم كافة المواطنين في الإعلام الرسمي بلائحة المستفيدين منها وشروط تلك الإستفادة ..
فاقتصاد الريع يغطي أكثر من % 20 من الإقتصاد الوطني وهو في ازدياد مستمر ..كما يوجد في المغرب لوبيات قوية تحتفض بمناعة قوية ولم يطلها الإصلاح الذي يقوم به المغرب... بل قاومته ضدا على الإرادة السياسية للدولة... وأن هذه اللوبيات لا ترغب في انتهاج مبادئ الشفافية والتنافسية..حفاضا على ثرواتها ومكاسبها ..
كما أنه بدون وجود سياسة عامة تروم إصلاح الإقتصاد والشغل عامة وفق مبادئ الكفاءة والمنافسة ..لن يتم القضاء على اقتصاد الريع ..وأن اللوبيات المتحكمة في ذلك لها من القوة ما يمَكنها من ضرب الإقتصاد الوطني إن لم تستفد من احتكاراتها ..وإن لم تنعم بالضروف الملائمة والأجواء السياسة لممارسة فسادها ...
والغريب وليس بالغريب هو أن سياسة المغرب الحالية في هذا الشأن تروم إبقاء الوضع على ماهو عليه ..كما أن تلك السياسة تحضى بدعم ملك البلاد محمد السادس !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تراجع إنتاج -إيرباص- من الطائرات بسبب مشاكل الإمداد


.. كيف يمكن للدعم الاجتماعي أن يعزز الاستدامة الاقتصادية في الع




.. خبير اقتصادي يوضح كيفية التخطيط للإجازة الصيفية


.. بعد صعود عيار 21.. ا?سعار الذهب اليوم الثلاثاء 25 يونيو 2024




.. أخبار الصباح | نزوح مليوني سوداني إلى الخارج.. وتعطيل صادرات