الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرة في دواعي الإدمان على التكنولوجيا ..

محمد البورقادي

2015 / 11 / 8
العولمة وتطورات العالم المعاصر


في وقت غزت فيه التقنية والتكنولوجيا بقاع الأرض ..وأضحى ما كان بالأمس بعيدا ومستعصيا قريبا وممكنا وصائغا وسهلا يسيرا ..
إنه عالم الحداثة والمعرفة ..عالم اللاحدود ..عالم الإختراق بامتياز ..عالم انتصرت فيه الآلة ومجّدت فيه الصورة ..وقدس فيه الوهم والخيال لدجة الهوس والجنون والإدمان ..
عالم الإنغماس في الصوري والسمعي والبصري والإنكباب على اللامحسوس واللاواقعي ...هل هو هروب من الواقع أم محاولة لإيجاد بديل للطبق !! وانقلاب على المعهود لصالح الجديد الموعود !!
وما جديد الموعود ليحابى على القديم المعروف !! وما جدوى ركوب الموج بغير بوصلة ..وما مآل السفر بغير عدة ولا زاد... وكيف الحال بمن دخل بدعوى الفضول فألجم بطوق الذهول فانجذب إلى سواء الغيبوبة والإدمان ..
أولا يعلم أن الإفراط يؤدي إلى الخمول والبلادة وذلك يورث الجمود الذي به يخبو نور العقل والفكر فيغدو مائعا تتلقفه الأهواء من كل جانب فلا يدري بعدها في أي واد يهيم ..فقد بلغنا أن الإعتدال سواء السبيل والشدود عنه بالسالب أو الموجب مصيره الهلاك والإنهاك لطول الطريق بلا غاء ولا مرمى...
وهذا مصير القلب بلا عقل .. وحال النفس بلا وازع ...ومآل الجهل بالعلم ..
والحديث هنا عن استعدادات الدخول إلى العالم الجديد وما الهدف المتغيى وراءه.. وما حدود الغوص فيه وماهية الأسباب المتخذة لبلوغه واستسراره ..
فالسباح الماهر يعرف مناطق الدخول ويتحرى مواضع الأمن عساه لا يُأسر أو تخونه القوامة فينحلّ في وسط البحار ..وينقلب من ضيف عزيز إلى ساكن أصلي لا يبارح سكناه إلا استجابة لضرورات الجسد ليعود بعد ذلك في بله وعته لافت إلى ما كان قد سحره وأدمنه ..
وذلك ما يشد الغالب ويجذب كل من يحاول الإختراق بدواعي الإكتشاف البريء من غير عدة ولا يقظة ولا حيطة ولا حذر ..
والوافد الجديد من الإنس به علة قد لا يعلمها أو قد يغشاها بغطاء الكرامة والأنا .. فمنهم من للوحدة أقرب.. فيروم الإجتماع بمن ابتلوا بنفس داءه ..فيسلو بعضهم بعضا ..ومنهم من أضنكه ألم الواقع فآثر سبر أغوار الخيال عساه يأنس ويلهو وينسى ما خلفه وقع الحياة على نشاطه ومزاجه ..ومنهم من يستهويه اللعب فتراه مشدوها أمام الشاشة لا حراك له سعيا لاجتياز جميع الراوندات ..وظف إلى ذلك ما تشاء مما لا يكاد يخفى على غير أميٍّ منا ..بل وحتى الأمي قد يجاهد نفسه لإرواء نهم الفضول واللحاق بركب الغالب ...
أصبحنا نعيش في عالم تحركه الأصابع ...وتقوده الآلات ...ويحكمه الإستهلاك ..ويفسده الإفراط الذي يودي به إلى التفريط وإهمال الأوليات على حساب الثانويات..عالم انتصر فيه الإتصال بهدف الفصل والعزل لا بهدف الجمع والتقارب ...عالم الأنانية والإنغلاق والتقوقع ..عالم العزلة والإنطواء ..حتى الحاضر منا غاب مهجه في أعماق سرداب لا قرار له ..ما إن يستفيق حينا لإلحاح النداء حتى يغوص أحايين أخرى في سنا برق يسلب الأبصار والألباب لهوان أصحابها وضعف حزمها ..
فالواجب اتخاذ المنجى وسد الحفر وطلب المنفع والبحث عن الطريق السليم واتقاء ضياع الوقت في ما لا ينفع.. واجتناب ما يلهي عن المراد تحصيله والمطلوب الإتيان به ..وكل ما خالفك في طريقك جانبه وقف مواجها له لا مؤيدا ونصيرا ..وكن لبيبا لا تغريك التوافه وحصينا لا تلهيك المهالك ..واحرص على الأخذ بما يصلح طريقك ويرفع مرتبك ويثمّن جهدك ..ولا أجد لك أغنى من العلم والمعرفة ما يستحق السعي وراءه ..ولا أرقى من الإتصال بالحاضر من الأحباب عوض السلوى بالغائب منهم ..فلا تزيدك السلوى إلى الغرق ..ولا تحابي القاصي على الداني ففي ذلك جحد لعزة نفسك وذل في غير موضعه ..
وتكفيك الإشارة في هذا المقال ففهمك أغنى عن الإسهاب والإفاضة !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كينيا: قتلى وجرحى إثر تفريق الشرطة مظاهرات مناهضة للحكومة في


.. احتجاج أمام شركة -سيمنز- الألمانية رفضا لتعاونها مع إسرائيل




.. تأثير الذكاء الاصطناعي في الحروب


.. السياسي العراقي فائق الشيخ علي يوجه رسالة لحسن نصر الله: -كي




.. الإفراج عن عشرات أسرى الحرب الروس بعد تبادل للأسرى مع أوكران