الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة السؤولية والوعي الذاتي!!

ساكري البشير

2015 / 11 / 9
كتابات ساخرة


الزمن زمن الكذب والنفاق، لم يعد فيه من يحمل أقلاما حرة تصنع لنا عالما اخرا بنهضات أقلامهم، ولا حتى دفاعا عن المقهورين والمظلومين من أبناء الوطن العربي، لم يبقى فيه سوى سلاطين المصالح تنادي كل يوم بكذبة جديدة، ...الجزائر تشتري النووي...المغرب تعقد إتفاقية النووي...مصر تريد مركزا أبحاث لمشروعها النووي، هو خرافات وأمنيات لا أكثر ولا أقل، هي هلوسات السياسيين وخدمتها، والشعب المسكين يصفق لكل كذبة، فليس إبن خلدون مخطئا حين قال بأن العامة من العمى، هو فعلا لأنهم يصفقون لكل من يلبس ملابس الساسة، لا أعرف بالضط هل خوفا منهم أم حبا فيهم؟
أما أصحاب الأقلام الحرة أكاد أجزم بأنهم غير موجودين في عالمنا الشرقي، غير الذين رحلوا ليس بإرادتهم بل بإغتيالهم كالدكتور فرج فودة، ومن أمثاله كثيرون، ليس المهم هو هذا ولكن الأهم هو كيف نصنع جيلا جديدا يكون مسؤولا عن المجتمع؟ وكيف نصنع جيلا يكون حاملا لراية الدفاع عن الحقيقة؟ مهموما بقضايا الأمة؟ أذكر أنني في يوم كنت جالسا مع أحد أئمة المساجد ونتحاور في قضي الإئمة والسياسة فقال: نحن نقدم الكثير لإنقاذ الأمة من الوحل الذي سقطت فيه، نحن نحارب الليل والنهار لتعليهم..فقلت له كيف ذلك؟ .. فقال: بالخطب المنبرية..
أي خطب تقدمونها؟ وأي نوع من هذه الخطب؟ كل ما تقدمونه ليس سوى أطر نظرية بعيدة عن واقع الحال إلا أنكم ترسمون واقعها بآية من القرآن الكريم، وحديث من قول الرسول صلى الله عليه وسلم، ليس أكثر، مجتمعنا لا يحمل ذرة من المسؤولية، فكل له مصالحه الخاصة وكأن الإضرار بمصلحة الغير لا تخصه، الوباء حين ينتشر يأكل الأخر واليابس ولا يترك أحدا يفر منه، هذه هي المصالح المتضاربة التي تحاولون تبريرها، حتى أدعيتنا ليست أدعية تصلح أو تليق بالمسلمين عامة فكيف ستليق بمن يدعون في يدهم مفتاح الحل لكل قضايا الأمة، فقد علمتموهم الكسل والتواكل، أدعو اله وسيستجيب لك، لا تشقى ولا تتعب...
ما جعل الغرب يتطور ليس العلم بل العلم والعمل به، فإن برز خطؤه يسارعون لتصحيحه، هكذا يسرون وهذا هو إجابة لغز من يقولون كيف يعطي الله لغير المسلمين من قوة وعلم، ولا يعطينا نحن، بل أعطانا وضيعناها، رزقنا علما وكتابا مبين لا يتغير بتغير الأزمان ولا بتغير المكان، إلا أن جهلنها لم يجعل منا نفهم هذا، فإنحرفنا بتفسيره، وقتلنا بعضنا بتحليل ما حرم فيه، وتحريم ما حلل لنا.
لكي نتجنب كل هذا وجب علينا بناء جيل جديد، هذا البناء يكون من القاعدة، أي من العامة، وبناء ملكة الوعي لدى العامة لا يكون عندنا نحن المسلمين سوى في إثنين: الأول هو المسجد؛ والثاني هو الأسرة، فالمسجد نرى فيه الفلاح، التاجر، الخياط، المعلم، الوزير، المتحزب، والمتعصب والعلماني وغيرهم من الصنفين، والأسرة نجد الأب والأم كأولى مسؤولين لتربية أبنائهم على وعي وإدراك لكل معاني الحياة.أما عن من يقوم بدور المعلم في المسجد فهو الخطيب، وإذا الخطيب صاحب ورقة يخطب بها على منبر، غير مدرك لما يقول، فهو من بين أحد أسباب غياب الوعي، خاصة ما نراه في مساجدنا أن موضوع الخطبة يكون من إقتراح وزارة الشؤون الدينية، فالمجتمع السوفي أو البسكري أو الوراني كلهم سواسية، وكل قضايا مجتمعهم موحدة في نظر تلك الوزارة، وليس هناك فرق، ألا يمكن يسمى هذا منكراً وعاراً؟
إن لم يكن الخطيب حرا في تناول قضايا المجتمع حسب ما هو مطروح من مشاكل فلا معنى للخطبة أصلا ولا معنى لبكائك يا إمام المسجد، فرثاء الغابرين ليس دواءا وليس حلا لقضايا الأمة، بل يجب أن تراعي مشاكل أمتك، وأن تحاول برسم الإسلام عمليا في أعينهم لا أن تقرأ آية وتذكر حديث تستدل به وتنتهي خطبتك، فأنت مسؤول على كل أعمالك وأقوال، ألم تسمع قول الله عز وجل: " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد"، أم أنك تنسى هذا لأجل منصبك.
بالنسبة للأسرة فيجب الإحاطة بدور الأب كأهم فرد في العائلة يدير شركته الأسرية، ويربي جيله وسلالته على أخلاق النبي كأولى درس لهم في الحياة، فالأخلاق تصقل الأطفال على طريق صحيح وقويم، وأن يعمق تفكيرهم في مناهل الدين من أقول وأحاديث وآيات قرآنية، حتى طريقة التكلم معهم فليس من وسائل التربية أن تقول لإبنك هل صليت العصر، بل قل له تعالى نصلي العصر مع بعضنا، هكذا تكون الحياة الأسرية وليس بالصراخ في وجههم الليل مع النهار.
سننهض يوم ندرك معنى أن تكون مسؤولا في حياتك، وأن تكون الأولى بهذه المسؤولية وليس محاسبة الغير، كما يقول الشاعر:
إبدأ بنفسك فأنهها عن غيها *** فإن إنتهت عنه فأنت حكيم
نعم أنت حكيم يوم تبدأ بنفسك ثم بمحاسبة غيرك، هل نبدأ الآن بمراجعة مسؤولياتنا، هل تبدأ أنت أيضا يا معلم، وأنت أيضا يا وزير ويا خياط ويا دباغ ويا دكتور، ويا مهندس، ويا قاضي، ويا محامي ...
هل نبدأ الآن أم ننتظر هلاكنا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا