الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرؤى الإجتماعية في نص احلام فتاة شرقية

سعاد جبر

2005 / 10 / 30
الادب والفن


قراءة نقدية في نص احلام فتاة شرقية للقاص يحيى الصوفي

يشكل المجتمع برؤاه الجمعية ، انعكاساً جلياً لمؤثرات السلوك على مسرح واقعه المتضاد ، وفي الوقت ذاته مادة تراكمية اجتماعية لأسقطاتاته الجمعية ، وتتشكل تلك الإسقاطات في خطوط متقاطعة في أبعاد متنوعة ، ومنها بعد الأنوثة واقعا وحلما ، والرؤى الاجتماعية التي تؤطر حياتها ، بين النمطية وكسر الحواجز في لغة الهروب اللاشعورية ، في متناقضات الأنا التي تسكن الروح في الأعماق ، وتنعكس في متناقضات قيم الجسد ، ومن هنا يطل علينا نص ( أحلام شرقية ) ليعكس لنا حياة حالمة في تراكمات أنوثة ما في مقطع المجتمع ، حيث تدور مادة القص في تتبع رحلتها العمرية باختزال للحظات عابرة عبر ذلك العقد الزمني في حباته المتسلسلة ، حتى بلوغ سن الثمانين ، في الاقتراب تسارعا نحو وداع الحياة ، والنص يكثف بؤرته المركزية في أحلام تلك الصبية الصغيرة في ظل لغة فارس الأحلام ، وتداعيات أسرة أمام المجتمع في ظل أزمة كثرة عدد البنات في الأسرة ونظرة المجتمع لبقائهن بلا زواج وما في ذلك من خدش للأسرة ، إضافة إلى عدم تحمل المجتمع لحقيقة كثرة عدد البنات في الأسرة واعتبارهن عبئا ثقيلا في عين الأسرة ومصدر تهكم المجتمع وسخريته ، ويسلط النص على تراكم تلك الإسقاطات في تماهيات الأمومة في الأسرة ، ومثابرتها في الخروج منتصرة من رؤى المجتمع ، في لغة تزويج البنات وتأهيلهن للحياة ، وهنا تنقدح الجدلية هل هو سلوك في محض الواجب أم الحب والانتشاء أم رد اعتبار قبل إصدار المجتمع أحكامه المتهكمة على الأسرة في لغة العنوسة وعدم الزواج ، في ظل معطيات كثرة البنات في الأسرة .
ويعكس النص الرؤى النمطية للزواج واختزاله في مقطع من اللحظات ، غدا من سلم القداسة بين الذكورة والأنوثة ورحلة اعتبار الرجولة ، وتماهيات تلك الرؤى المتضادة التي تعكسها العادات والتقاليد الرثة ، في لغة زخم حراك الرؤى الاجتماعية في خصوصيات الذوات ورحلتها في الحياة في رباط الشراكة الزوجية ، وهنا يبرز لنا عدم عبئ الصبية الصغيرة بتلك التعليمات المنسكبة من الرؤى الاجتماعية ، وتكاثف رؤاها في آبهة الظهور في منصة الزفاف، وتكاتف الأنظار في مطالعة بهاءها الملائكي الأبيض ، وهنا مقطع اجتماعي انفصامي بين الذوات والمجتمع ، وتبرز حدته البالغة مع رحلة الزمن ، حيث يؤول انفصام مع الزوجية في انفصام مع الذات نفسها؛ بين الواقع المنهك بالأسقاطات ، واللاشعور الملتهب الصاخب في الوجود الحر، بعيدا عن الحواجز وجدران الحقيقة الصامته .
ويكثف النص سرده حول منظومة الرؤى التي تخترق بينت الزوجية في لغة الشراكة ، وثقل الأعباء التي تكتنف حياة المرأة الشرقية وفق تراكيب النص السردية ، بحيث تشكل تلك المحطة الخط الفاصل بين الواقع في متضادته وأعبائه والأحلام في خطها الساحر الواهم مع فتى الأحلام ، إذ ما زالت ترفرف في اللاشعور ولاتجد لها مكاناً في الوأد الوجودي ، ويتجاوز النص حبات عقد الزمان، ويعكس لنا شخصية " ندى " وقد غدت أماً مثالية ، حيث تحتضن أجنحتها أسرتها الصغيرة ، تتعهدهم ليل نهار ، ويعكس لنا النص حالة الزوج وقد ادهمته الأيام ولغة ذبول الجسد، وخطوط المرض المعمقة في الجسد ، وشدة معانات تلك الأمومة في الرعاية والتمريض وبذل التضحيات ، وهنا تبرز عقدة النص الاجتماعية في تراكمات اللاشعور الرافض للغة الواقع ، وتمرد تلك الأنوثة في تصاعدات لغة الرفض والإسقاطات ، إذ ما زال يسكن رسما واهما ما في أحلامها لفتى الأحلام البهي النشط على مسرح الحياة ، لا المقعد العاجز عن الحراك مع رحلة الزمان وضنكها ، وهنا تبرز حدة الصراع الدامي بين الأنا الناطقة والأنا اللاشعورية ، حيث تكون الغلبة للاشعور المتهالك في الرفض وأنانية الذات ، وهنا تتشكل لغة الإهمال في العناية بالزوج وبلوغ مسرح الجريمة ووداع الزوج للحياة لدواعي الإهمال ، وهنا تتساقط في النص لغة التأنيب وتقاطعات الذنب في حياة ندى الأم والجدة تواليك في الحياة ، ولغة الندم في وهم مسرح فتى الأحلام ، وهنا تتشكل يقظة الوعي في كلمات فتى الأحلام لها :
( كنت معجب بك واحترمك وأجلك لأنك امرأة تتمتعين بجمال وفتنة وعفة الملائكة... ولكن سرعان ما أدركت بان الهالة الإلهية التي كانت تحيط بك قد انطفأت بانطفاء من أشعلها بحبه ووفاءه،... وقريبا ستدركين حجم الخسارة بفقدانك الرجل الوحيد القادر على حبك وحمايتك ودفع الأذى عنك حتى وان كان مقعدا...)
وهنا تتصاعد اللسعات في اللاشعور ، ورفض لغة التأنيب والركون على تمرد وانانية الذات :
(ألا يحق لي أن احلم وأتنفس وأحب وأعيش كامرأة، ؟ كأنثى،...؟ ! – بكل بساطة – كامرأة أنثى ؟ ! ).
وهكذا يعكس لنا النص الرؤى الاجتماعية في مقاطع تضادتها وتبعثرها على الواقع ، واسقاطاتها السلبية في مؤثرات السلوك ، وتكثفها في مقطع بين الزوجية ، وانعكاسها على الواقع برمته .
ويؤكد النص حجم الهوة التي تصنعها تلك الإسقاطات ، واعتبارها قنبلة موقوتة ، تأكل الأخضر واليابس ، ولكنها ساكنة في المجتمع ، تؤطرها لغة التصاعدات والمزيد من الأستنزافات في مدارات اختلاف الذوات لا التقائها العبق على مسرح الحياة .
ولايسعني في نهاية مطاف رحلتي مع النص المبدع ورؤاه الاجتماعية إلا أن أزجي كل تحايا نوراس الإبداع على شواطئ التجليات لمبدعنا القاص الألق : يحيى الصوفي ودامت فراشات انشطارات إبداعه مرفرفة على الصفحات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة