الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


((تصويب الأفهام في ما وقع من أغلاط في فهم كلام الإمام)) . قراءة نقدية للمغالطات التحليلية لخطبة الجمعة، ولتوقعات آثارها السياسية .

مرتضى عصام الشريفي

2015 / 11 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


أثارت الخطبة الأخيرة للمرجعية العليا قراءات متعددة في تحليل آثارها على الواقع السياسي، وأخذت بعضها صفة القطعية بعد زيارة رئيس الوزراء للنجف الأشرف؛ لزيارة المراجع العظام، ما عدا المرجع الأعلى؛ إذ فسّرت هذه الخطوة بعدم الرضا من قبل المرجعية الدينية على الأداء الحكومي في الإصلاحات، من جانب آخر ذكّرت هذه الخطوة بسلفه الذي خسر رضا المرجعية؛ بسبب تلكئه في مكافحة الفساد الذي فاحت رائحته النتنة حدّاً أزكم الأنوف .
.
قد تعددت هذه القراءات لخطبة الجمعة، فبعضها رجّحت خسران هذه الحكومة دعمها من قبل المرجعية على فرض وجود هذا الدعم بحسب فهمه مستندةً في فهمها لهذا الخسران إلى عبارة وقعت في طيّات هذه الخطبة من أنّ أغلب الإصلاحات لم تمسّ الجوهر الحقيقي له، جاعلةً هذا الفهم قطعي الوقوع بعد غلق المرجعية بابها بوجه رئيس الوزراء .
وبعضها وجّهت سهام النقد للمرجعية نفسها، ناقدة على المرجعية في أنّها دعت إلى القفز على الدستور، وقد تأتّى هذا الفهم من القراءة المغلوطة للاستدراك الذي أوضحته المرجعية بعد دعوتها إلى وجوب أنْ يكون هذا الإصلاح ضمن الضوابط القانونية، والدستورية، وهذا الاستدراك يقول: ((ولكن لابدّ هنا من التأكيد أيضاً على أنّه لا ينبغي أن يُتّخذ لزوم رعاية المسار الدستوري والقانوني وسيلةً من قبل السلطة التشريعية، أو غيرها للالتفاف على الخطوات الإصلاحية أو التسويف والمماطلة في القيام بها)) .
.
والأخطر من ذلك كلّه ربط إشارات هذه الخطبة بما يجري من تحركات سياسية يتوقّع أنّها تحاول تغيير طبيعة معادلة الاتفاقيات، والتحالفات السياسية، معلّلاً بأنّ عدم استقبال السيد السيستاني (دام ظلّه) لرئيس الوزراء، ما هو إلّا إبعاد المرجعية عن الواجهة؛ كي لا يساء إليها، وهذا ما جاء في تقرير برنامج (أحمد ملا طلال) ــ (من الآخر) .
.
يمكن مناقشة القراءات الأولى بالاستعانة بنصوص الخطبة نفسها التي تغافلها أصحاب هذه القراءات، وهذا التغافل هو محنة هذه الخطب الذي حدا بالأذهان عن إدراك الفهم الصائب، وإصابة الفكرة التي أرادت المرجعية إيصالها للحكومة، والشعب .
فبعد التدقيق في هذه النصوص، ومراعاتها جميعاً في فهم المقصد؛ نجد أنّ المرجعية عندما قالت: بأنّ الإصلاح لم يمس جوهر القضية؛ لم تغلق باب الأمل في جدواه، بل أردفت قولها هذا بأنْ قالت: ((إلّا إنّها أعطت بعض الأمل بحصول تغييرات حقيقية يُمكن أن تسير بالبلد نحو الهدف المطلوب)) . وعليه تبقى دعوة المرجعية للإصلاح الحقيقي قائمة .
.
أمّا ما يخص الاستدراك على دستورية الإصلاحات، فلا يفهم منه القفز على الدستور في إجراء الإصلاحات، ولو أردنا معرفة تفسيره علينا أنْ نستذكر بعض الخطب السالفة التي حمّلت السلطات الثلاث مسؤولية هذه الإصلاحات؛ ممّا يعني تضافر جهود هذه السلطات في تذليل الصعوبات، وتعديل الفقرات الدستورية بوجه الإصلاحات الضرورية التي تمس المصلحة العامة للبلاد، وقد وقع في هذه الخطبة ما يشير إلى ذلك : ((إنّ تحقّق العملية الإصلاحية التي هي ضرورية ولا محيص عنها مرتبطٌ بما تتّخذه السلطاتُ الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية من إجراءات حقيقية في هذا الصدد، ولا يكون ذلك إلّا مع وجود إرادة جادّة، ورغبة صادقة للإصلاح، والقضاء على الفساد، والنهوض بالبلد، كما أنّ انسيابية وفاعلية تلك الإجراءات منوطة بالتعاون، والتنسيق، والتفاهم المشترك بين السلطات الثلاث، وعدم التقاطع المؤدّي إلى عرقلة هذه العملية)) . وبذلك يكون هذا الاستدراك هو دعوة إلى الاتفاق، والتنسيق على تعديل القوانين؛ للمضيء بهذا الإصلاح .
.
أما القراءة الأخيرة التي رجّحت ارتباط هذه الخطبة، والزيارة بالتحركات السياسية في بغداد، ومنها إلى النجف، وأربيل من أنّها تحاول تغيير نمط التحالفات السياسية، وربّما هذا واقع سياسي؛ لكن المحظور فيه ربطه بالمرجعية، وهنا أعني مرجعية السيد السيستاني خاصة؛ لأنّ ذلك يعني أنّ المرجعية تخطّط إلى إيجاد مشروع سياسي يضمّ مجموعة من الكتل، وهذا خلاف كلامها، ورؤيتها السياسية، فكثيراً ما كانت تطلب الإصلاح من الجميع، والتعاون، والاتفاق من الجميع؛ لأنّها تدرك خطورة هذه الخطوة لو تحقّقت على الواقع السياسي الداخلي، وعلى ارتباطاته الخارجية، وكذلك له تداعيات خطيرة على الشعب الذي قسمته هذه الكتل للأسف؛ لذلك لا يمكن القبول بهذا الطرح، وكذلك لا يتصور كون المرجعية العليا طرفاً فيه .
. أسأل الله أنْ يوفّق الجميع لخدمة هذا البلد الجريح .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل - حماس: أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق


.. فرنسا: لا هواتف قبل سن الـ11 ولا أجهزة ذكية قبل الـ13.. ما ر




.. مقترح فرنسي لإيجاد تسوية بين إسرائيل ولبنان لتهدئة التوتر


.. بلينكن اقترح على إسرائيل «حلولاً أفضل» لتجنب هجوم رفح.. ما ا




.. تصاعد مخاوف سكان قطاع غزة من عملية اجتياح رفح قبل أي هدنة