الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دمشق الياسمين

فاهان كيراكوسيان

2015 / 11 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


دمشق الياسمين
آهٍ يا دمشق، يا عاصمة الياسمين، يا بنفسج الروح و الخيال، يا عذوبة الفيجة، يا فيحاء الشام، يا خضرة الرياض و حمرة الورود، يا بساتين النارنج و الرمان، يا جمال الروح و روح الجمال، يا جمال الكون و عيون الجمال، يا دمشق يا نبض الروح و اختلاجات الخلايا يا حُبَّ الكون، يا أم الصبايا الناعمات الرقيقات الجميلات اللماحات الواعيات الدارسات الفنانات، يا أمّ عشتار و أوروب و أورنينا و زنوبيا. دمشق يا أمّ سوريا و حاضرتها المقدّسة، كنتِ كما كانت أثينا مركزا من مراكز العلوم و الفلسفة و الفنون، كما كانت روما و نينوى و الاسكندرية، كما الهند و الصين و المايا في الطرف الآخر من المحيط. كنتم حواضر الثقافات الرفيعة و مراكز اشعاع العلوم، كنتم عباقرة الهندسة و الطب و الرياضة و القانون و المسرح، و بكلمة، كنتم عباقرة الحياة. أنتم و ليس سواكم مَنْ فتح حوارا مع السماء، لأن الأرض لم تتسع لِ عبقريتكم و خيالاتكم. كتبتم أروع الملاحم و القصائد و المسرحيات و الأوبيرات. أنهيتم المسح الجيوإنساني الشامل هنا على الأرض، و حين أدركتم الحقيقة الأرضية، أنْ لا جديد تحت الشمس، رحتم تنصبون السلالم نحو السماء، و راحت أرواحكم تتسلقها، و خيالاتكم تحاكيها. أنتم مَنْ أَبْرَمَ المعاهدات مع ممالك السماء و أتيتم بِ بنود تلك المعاهدات و الاتفاقيات إلى أهلكم هنا على الأرض، بعد أن أهديتموهم نماذج من عبقرياتكم كَ الإنوما إليتش، جلجامش، أدون، عشتار، نشيد الأناشيد، أوذيس، أوديب، أتون، إزيس، أوزيريس و هوريس. كل حاضرة كانت قد أبرمت معاهدة مع مملكة سماوية و كانت قد تبادلت معها وثائق الاتفاقية، مبادئها، شروطها و أهدافها، و لم تحتوِ على برامج و خطط سرية تستهدف الآخر، فَ اتفاقية الهندوس مع السماء لم تتضمن بنودا معادية لِ حضارة البوذيين، كما أنّ معاهدة البوذيين مع السماء لم تكن موجهة ضد حضارة الفرس، و أيضا معاهدة الفرس مع أهورَمَزدة لم تنصّ على معاداة حضارة الآشوريين، و الآشوريون أيضا لم يشكلوا حلفا سماويا ضد العبرانيين و السوريين، فَ كل حضارة اختارت كيانا سماويا لِ التفاعل معها دون استهداف الكيانات السماوية الأخرى و حلفائها، و كلّ المنظومات المختلطة التي تشكّلت كانت بين حضارات المياه و الأشجار من ناحية و بين منظومات و قيم أخلاقية و روحية سماوية من ناحية أخرى، إلاّ أنّه كانت هناك جبهة قد تشكّلت مؤخرا بين حاضرة الرمال و مطاريد السماء، و كان أساس ميثاقها معاداة كل تلك المنظومات المسالمة التي سبقتها، و بالتالي محاربتها و القضاء عليها لأن الدستور الذي أرسله رئيس مطاريد السماء إلى رئيس بدو الرمال ينصّ على وجوب قتال و مقاتلة كل الآخرين الذين لم يؤمنوا بِ مبادئ دستورهم الصحراوي. لقد اجتاح جنود إله مطاريد السماء حواضر الأنهار و الأشجار و الينابيع كما الذئاب و الجراد، أتت على الأخضر و اليابس. لقد استباحوا الحياة بِ كلِّ ما في كلمة الاستباحة من معنى. إنهم أفرغوا اليخضور من نسغكِ، حقنوا الزئبق في روحك الطرية، لوّثوا هواء الغوطة بِ زفيرهم الصحراوي، قتلوا ابنتكِ أوروب و ابنكِ آدون و اغتصبوا حفيدتكِ زنوبيا. إنهم جنود إله الرمال و البعير العاقل الذي دلّ الأمة على المكان المقدّس، إنه البعير السماوي ذي البول الملوّن الذي تتنافس عليه أكبر المختبرات العلمية و أرقاها في العالم، أخشى أن يكون البعير على قيد الحياة، و أخشى أن يكون هو الذي يسوق هؤلاء جنود الإله المطرود من السماء إلى ساحات الوغى، و الخوف الأكبر هو في احتمال مشاركة سرب الأبابيل و فيلق بدر و كتيبة البراق المزركش في هذه الحرب الإلهية. إنه القدر يا دمشق النور، فَ الإله المطرود من السماء قد أسّسَ معسكراته الإرهابية حول البساتين و الفيافي و الأنهار الرقراقة، و تراه بين زمن و آخر يقوم بِ غزوة وحشية على السلام و الجمال و يعيث فسادا في الأرض دون حسيب أو رقيب، و لأن جغرافيته تضيق على مجاله الحيوي، فَ هو يستعد لِ اقتحام جنان و رياض الشمال موئل الشقراوات الحسناوات المغناجات، و ستتحول بلدان الفرنجة إلى شاشة عملاقة لِ نَقْلِ الحريق و الدمار الذي سَ تسببه فيالق الإله المطرود من السماء، لِ نَقْلِ وقائع و فظائع الجهاد الكوني المقدس. الصبر يا زهرة المدائن، يا زينة الكون يا سوريا الروح. فَ طَبْعُ الهمج الخسّة و الغدر، و سَ يفتكون بِ بعضهم بِ شراسة الضواري. ثبّتوا الأنظار على الشاشة العملاقة.
11/11/2015
فاهان كيراكوسيان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معركة رفح.. إسرائيل تتحدث عن خيارات بديلة لهزيمة حماس | #غرف


.. العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران.. عقبات -لوجستية- و-سياس




.. قصص ومعاناة يرويها أهالي منطقتي خزاعة وعبسان الكبيرة بسبب تو


.. شهداء غزة من الأطفال يفوقون نظراءهم الذين قضوا في حروب العال




.. نتنياهو: قمت بكل ما في وسعي لإضعاف قوة حماس العسكرية وقضينا