الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التبعية

حمزة الكرعاوي

2015 / 11 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


الانتداب والقيمومة والتبعية والتقليد والابوة وألفاظ أخرى تتعدد ، لكن معانيها واحدة .
كل هذه المفرد أو الالفاظ ، الهدف منها السيطرة على الاخرين ، وإجبارهم على التبيعة للأقوى .
على أنهم قصر ، غير قادرين على إدارة أمورهم ، لتبرير سياسات معينة ، منها الاذلال والتركيع ، ونهب الثروات .
المقصود من هذه الالفاظ التي لاتفهمها العامة ، التي إشتغل عليها ، لتكون أرضا خصبة ، لما يسوق لها ، وبالتالي فهي تقبل مرغمة وطوعا ، لجهلها وتقبلها السموم وأدوية التخدير .
تحدث المفكر الفرنسي ( دي لابوسيه ) قبل عدة قرون عن هذه الحالة ، في كتابه ( العبودية المختارة ) ، وتعجب وتساءل عن السبب الذي يجعل الامة تقبل بالذل والعبودية ، والمستعبد لها في بعض الاحيان شخص ( خنث ) ، لو صرخوا صرخة واحدة في وجهه لانهزم وتحرروا .
طاغية رومانيا ، وجه له بعض الاسئلة ، حول تغير الاوضاع في أوربا الشرقية ، فقال : إذا تحولت أشجار البلوط الى أشجار تين ستتغير الاوضاغ في رومانيا ، لكن صوت من فم طفل تجرأ وأسقط كل كبريائه ، وكسر حاجز الخوف .
سياسات إشغال الناس وتفريقهم مستمرة من قبل الحاكم ، على سبيل المثال ، في العراق إذا لاتوجد حروب ولا أعمال شاقة للجنود ، يطلبون منهم بدل التجمع والحديث مع بعضهم البعض ، أن يحفروا هنا أو هناك ، ويردمون الحفر بعد ذلك ، أو يطلبون منهم نقل الحجر من تل لاخر ، وبالعكس لالهاءهم عما يريد الحاكم ، ويخطط بعيدا عنهم .
التجهيل مستمر ايضا من قبل أصحاب النفوذ ( حكام أو رجال دين ) لفك الارتباط بين الانسان والكتاب ، للقضاء على العلاقة الحميمة بين الاثنين ، حتى يستعد الانسان لقبول مايصدر إليه من سموم ( ثقافات ) .
يحصر الحاكم الناس بين أمرين ( إما الانخراط في سلك العسكر أو أعمال البناء الشاقة ) ، والاثنين هما عقاب له ، وإبعاده عن عائلته ، كي يكون غريبا عن أطفاله ، ويبتعد عن تربيتهم ، الاول ( العسكر ) هو الموت في الحروب أو الموت البطيئ ، يدخل الخدمة العسكرية ولايعلم متى يخرج منها ، والثاني ( الاعمال الشاقة ) ، يخرج الشاب الرابعة صباحا الى أماكن العمل ، ويعود السادسة مساء ، منهكا لايعرف شيئا من حياته اليومية ، الا أنه عائد ب 8 دولارات لليوم الواحد ، فرحا بوصوله الى سريره لينام ، ويخرج في اليوم التالي الى الالتحاق بسوق العبيد ، ولم يكمل دراسته ، لان إكمالها خطر على أصحاب النفوذ .
وهكذا تكون سياسات التبعية والانتداب والاذلال ، من الاسرة والعشيرة والمجتمع والدولة ، لتنتهي بأعلى درجاتها ، وهي سيطرة الدول العظمى ، التي تمسك بخيوط اللعبة في الدول ، وتصدر أوامرها عبر سفاراتها ،أو مقرات صندوق النقد الدولي ، لفرض سياسات الاذلال ، ومخاطر العولمة تجني الشعوب ثمارها .
ظواهر كثيرة تكرس في المجتمعات ، لاجل ترسيخ سياسات الاذلال والانتداب ، بجميع مستوياتها ، هذا فضلا عن الضغوط التي يمارسها المجتمع والاسرة على الشاب والشابة في مجتمعاتنا العربية والاسلامية ، لسلب الاختيار في كل شيء ، من التفكير وإبداء الرأي والزواج ، ليظل الموروث والمحمول الاجتماعي القديم البالي الذي لاصلح للعصر ، مستمرا جاثما على صدور الناس .
الانتداب والقيمومة والتقليد ، والسياسات التي تسير بهذا الاتجاه ، كلها تكرس الاحساس بالنقص ، وعدم القدرة ليشعر الانسان أو الشعب ، بفقدان إمكانياتهم على إدارة الذات ، وتنهي الرغبة في مواصلة الارتقاء والتقدم ،وبالتالي يصل أصحاب النفوذ بالناس الى الشعور بالعجز ، ليصبح أمرا واقعا .
الالفاظ التي تقدم للناس ، على أنها هي الحلول ، ومنها الرعاية الابوية ( رجل الدين ) وهو مرتبط طبعا ، بوصفها علاقات بأنها تربوية ، ولولاها يضيع الناس ، تقضي على إستقلالية الانسان والمجتمع والدولة بشكل نهائي ، لانها تشعر الجميع بتبيعتهم وحاجتهم للاخر .
وقد لعبت ( لولا ) في العراق دورا سلبيا ، فلولا أمريكا لم يتحرر العراق ، ولولاها لبقي صدام حسين يورث أولاده جيلا فجيلا ، حتى يحكم العراق قصي العاشر ، ولولا الدعم من الجيران لما كسرنا شوكة ( داعش ) ، ولولا الاب الروحي لما بقي منا أحد ، ولوصلت بنا داعش ميناء الفاو .
الاقتصاد هو الفاعل الحقيقي في رسم سياسات الاذلال ، والصورة ومخرجها وممثلوها وديكورها ، لازالوا يغطون عورة ( المحرر ) الذي نحميه نحن ، ونمر عليه ، نسلم عليه ، في طريقنا لحرب وقتال ( الافعى ) التي جلبها معه ، ويغديها ويغدينا ، لكن ربها وممولها محمي بأسلحتنا ، وهو مرتاح الضمير ، يرسم سياساته بواسطة ( 35 ) ألف عالم في كافة الاختصاصات ، ليشرع لنا كيف نقضي على بيتنا ، ونشهر أسلحتنا في حروبنا الاهلية التي لازالت مستعرة ومشتعلة ، كإشعال الغاز في جنوبنا الغني ، ونعيش في المزابل ، وتضيء لنا شعلة الغاز الملتهبة طريقنا في الليل الدامس ، ونحميها له ، حتى يستخرجها ، ويبيعنا منها ما شاء لسد بعض حاجاتنا .
ونردد هيهات منا الذلة ، ولولاه لضعنا ، وسبت نساءنا ( دعوشه ) ، ولو لانا لم يصل هؤلاء الى كراسيهم ، ونحن أوصلناهم ، لنروج لهم ونشرع لهم سرقاتهم .
حالنا مثل حال من سبقنا في مملكة السلطان العاري ، الذي يخرج أمام شعبه عاريا ، ويجبرهم على التظاهر بعدم رؤيته .
ثروات نهبت ولاكشف لها ، أين صرفت ، ومن سرقها ، الاسياد أم العبيد ؟.
لم نجرأ على السؤال : ما هو عنوان دولتنا : هل هي دولة دينية أم مدنية ؟.
تشرذمنا وكل منا تبع شخصا ( معمم ) أو سياسيا ، وتحل الكارثة والمصيبة ، اذا مات منهم ( قائد ) نبكيه طول الدهر ، وتظهر الأسماء والكرامات له ، لتغطي اسم الوطن .
حروبنا داخلية ، بالاسلحة ، وبالإعلام ، تسقيط ونشر غسيل قذر ، وإصلاحاتنا ، الى الوراء ، لم نستدع فقهاء السياسة والاقتصاد ، ونستحضر فقه الماضي ، ونملأ جامعاتنا بكتب الطهارة والنجاسة ، ويخطب ( قائدنا ) من بلد أخر ، ويتلاعب بنا ، وقوافل الاموال المنقولة مستمرة ، مع استمرار هجرتنا من بلدنا .
ستبقى طويلا هذه الازمات
اذا لم تقصر عمرها الصدمات













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمود ماهر يخسر التحدي ويقبل بالعقاب ????


.. لا توجد مناطق آمنة في قطاع غزة.. نزوح جديد للنازحين إلى رفح




.. ندى غندور: أوروبا الفينيقية تمثل لبنان في بينالي البندقية


.. إسرائيل تقصف شرق رفح وتغلق معبري رفح وكرم أبو سالم




.. أسعار خيالية لحضور مباراة سان جيرمان ودورتموند في حديقة الأم