الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المواطن العراقي؛ واجبات مستحقة و حقوق مؤجلة

رشاد الشلاه

2005 / 10 / 30
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مثلما توقع كثيرون منذ أسابيع، ورغم كتابته بأقلام لا يقل عددها عن عدد ألوان الطيف الشمسي، أقر الشعب العراقي مشروع الدستور الدائم، وبنسبة 78.59%. لقد كان مبعث التكهن بترجيح كفة المصوتين بايجابية لمشروع الدستور؛ سعة جماهيرية الأحزاب والتشكيلات والشخصيات العراقية التي دعت إلى التصويت بنعم، مضافا إليها الدعم الدولي لهذا الاتجاه. ومما عزز ذلك التكهن، انضمام الحزب الإسلامي، للمؤيدين للتصويت بنعم عشية يوم التصويت، وهو بتلك الخطوة، تفادى موقفا مقاطعا انعزاليا، اتخذه آخرون، بدوافع مهما خلصت نياتها، فأنها لابد ملتقية مع من يريد، بأي ثمن، عرقلة العملية السياسية الجارية، خصوصا في مثل هذه الظروف الدقيقة والفريدة التي يمر بها البلد، ويبقى لهؤلاء كما لأي مواطن عراقي حق المشاركة السلمية ي الحياة السياسية، عبر التصويت أو التحفظ أو الامتناع عنه، في أي استحقاق يفرضه سير وتطور العملية السياسية الجارية في البلد. وهذا مكسب ثمين يوفره التمسك بالديمقراطية إيمانا وسلوكا.

المشاركة في هذا التصويت، كما المشاركة في انتخابات الجمعية الوطنية في شهر كانون الثاني الماضي، عبرت عن توق الأغلبية من العراقيين إلى بناء نظام دستوري ديمقراطي، يكفل قبل أي شيء إنسانيتهم على أنقاض نظام الديكتاتورية والحروب والإرهاب، مع إدراكهم أن لهذا التوق والاختيار مخاض عسير، و فداحة باهضة، ولكن بديله، العودة إلى نظام فرد اعتبر القانون، أي قانون، ورقة يكتبها متى شاء ويمزقها متى شاء، وهذا ما وسم فترة اغتصابه للسلطة في العراق.

قد تكون محض صدفة أو لا تكون، أن يوضع ديكتاتور العراق في قفص العدالة التي ازدراها طوال حياته السياسية، في ذات الأسبوع الذي وضع العراقيون أوراقهم التصويتية في صناديق الاقتراع على مشروع دستور يكفل لهم عدم عودة حاكم مطلق استوعب علوم السابقين واللاحقين، وما يتفوه به بأي مزاج كان، يصبح قانونا.

إن اختيار الشعب العراقي للنظام الدستوري الديمقراطي الفيدرالي بعد إقرار مشروع الدستور، يلقي على النخب السياسية العراقية أحزابا وتجمعات و أفرادا واخص العلمانية منها، مهمة ثقيلة. وعلى هذه النخب النهوض بمسؤوليتها بعد أن أكد المواطن العراقي انه قادر بصبر وتحمل أسطوريين، وتضحيات ثقيلة، مع إرادة أكيدة، على المضي في الطريق المفضي إلى تحقيق ما افتقده في عهد ديكتاتوري أشبعه شعارات بلت، وتفنن في استعباده، وتلذذ في ذله.

المواطن العراقي أوفى في أداء واجباته، و قدم ويقدم كل يوم تضحيات فريدة، لم يشهدها تاريخ العراق الحديث نفسه، ولا تاريخ شعوب ودول المنطقة، هذا المواطن يريد اليوم تامين حقوقه و رؤية حصيلة تضحياته وصبره، متجسدة بمنجزات ملموسة، أهمها تحقيق الأمن، والحد من الفساد الاقتصادي و الإداري اللذين هما الوجه البشع الآخر للإرهاب، وتأمين احتياجاته الأساسية من الكهرباء والوقود، وتقديم جلاديه للعدالة، ومكافحة الميلشيات المسلحة، ونبذ الطائفية قولا وممارسة، وتحقيق سلطة القانون، واستعادة سيادته الكاملة، والتمتع بخيرات بلده الوافرة.

إن هذه المطالب المشروعة لم تستطع تحقيقها لا الحكومة السابقة؛ حكومة السيد إياد علاوي، ولا الحكومة الحالية، حكومة السيد إبراهيم الجعفري، لأسباب عديدة، منها ما هو متأصل في برامج الحكومتين وفي التوليفة الوزارية الهجينة في كليهما، ومنها ما هو ناتج عن تراكم السياسات اللامسؤلة و الخاطئة للنظام الدكتاتوري السابق، و أخطاء قوات الاحتلال المتعمدة و"العفوية".

لقد طويت صفحة التصويت وإقرار مشروع الدستور، و بدأت مرحلة الاستعدادات لانتخاب مجلس النواب الجديد، الذي نأمل أن لا يكون قريناً للجمعية الوطنية الحالية، جمعية قيّدها مبدأ المحاصصة وأفرغها من مهمتها في مراقبة الأداء الحكومي لمصلحة أبناء الشعب، لتجد نفسها أسيرة مهمة التبرير أو التغاضي عن سوء أداء وزراء القوائم الفائزة نتيجة انتخابات أثقلها الهاجسان القومي والطائفي اللذان أضرا واضعفا الشعور بمبدأ المواطنة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيضانات عارمة تتسبب بفوضى كبيرة في جنوب ألمانيا


.. سرايا القدس: أبرز العمليات العسكرية التي نفذت خلال توغل قوات




.. ارتقاء زوجين وطفلهما من عائلة النبيه في غارة إسرائيلية على ش


.. اندلاع مواجهات بين أهالي قرية مادما ومستوطنين جنوبي نابلس




.. مراسل الجزيرة أنس الشريف يرصد جانبا من الدمار في شمال غزة