الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رَجُلٌ يُعتَمَد أم خُرّاعَةُ خُضرَة ؟

ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)

2015 / 11 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


يتسرّب الإحباط إلى نفوس جماهير الشعب التي طلعت إلى ساحات التظاهر في بغداد والمحافظات ذات الأكثرية السكانية من المسلمين الشيعة ، المذهب الذي يسيطر على السلطة سياسيون بإسمه ، والمدّعون برفع الحيف الذي لحق بأبنائه في تأريخهم الطويل منذ أن إنقسم المسلمون إلى شيعة وسنة قبل ما يزيد على الألف وأربعمائة سنة . إثنتا عشرة سنة عجافا مرّت وقد بلغ السيل الزبى حتى خرجت جموع المتظاهرين مطالبة بالإصلاحات ، و كان أن إقتنعت الطبقة الحاكمة بكتلها السياسية أن لا مناص من " التغيير " فكان إتفاقها على عدم تجديد ولاية ثالثة لنوري المالكي ، بعد أن حكم العراق لدورتين أمدهما ثمان سنوات أدخل فيها البلاد في مأزق ثلث أرضه محتل من قبل إرهابيي داعش وأكثر من ثلاثة ملايين من أهله مهجرون وخزينته خاوية بعد تبديد ألف مليار دولار . إتفقت الطبقة الحاكمة على " التغيير " ، إستبدال نوري المالكي بحيدر العبادي الذي هو من ذات حزب المالكي وكتلته ، مع بقاء المالكي زعيماً للحزب الذي ينتمي إليه العبادي . فهل كانت هناك نية جدية عند الطبقة الحاكمة في " التغيير " أم كانت مساومات مبيّتة لتسليم مقاليد الأمور إلى العبادي شكلياً بينما تبقى الخيوط بيدهم يشدّون ويرخون حسبما يشاؤون وتتطلّب مصالحهم ؟ وبكلمات أخرى : هل كان العبادي الرجل القادر على تحقيق مطالب الشعب أم أنه عملياً " خُرّاعة خُضرة " ألبسوه كسوة رئيس مجلس الوزراء ليحافظ على مصالحهم إلى أمَد ؟ كلُّ المُعطيات تشير بوضوح أن الطبقة الحاكمة تعرف أنها زائلة بعد حين ، ولذلك فإنها تعمل ما في وسعها لإطالة مدة بقائها في السلطة أطول مدة ممكنة ؛ فمن إحتفاظهم بجنسياتهم للبلد الذي كانوا فيه قبل مجيئهم مع قوات الإحتلال ، وشدة نهمهم في سرقة أموال الشعب بأساليب مبتكرة فاقت كل المقاييس ، وإحتفاظهم بعوائلهم في تلك البلدان ، بل وإحتفاظ بعض منهم حتى بالمساعدات الإجتماعية فيها ، وكذلك شرائهم العقارات وإستثمار أموالهم خارج العراق .

سنة مرّت على تسنّم العبادي موقعه الرسمي ، وهو في دوّامة ، بين الحرب على داعش ، ومكافحة الإرهاب الداخلي ، والفساد المالي والإداري في جميع مرافق الدولة ، ومطرقة جماعة الولاية الثالثة و إنقسام مجلس النواب الذي أصبح العائق لتمرير أي قرار يمكن أن يتخذه . أصدر العبادي قرارات " إصلاحية " جوبهت بالإزدراء من جميع حلفائه المستفيدين من الفساد وسرقة أموال الدولة ، ولم ترَ طريقها للتطبيق ، ووحّدت صفوفهم ضده ، فضَعُف تجاههم وعادوا إلى تناسي خلافاتهم الداخلية مع بعضهم ، وهم الذين كانوا يبتزون بعضهم بالملفات التي يحملونها ، وتوجّهت سهامهم نحوه ، على الرغم من وقوف جماهير الشعب المتظاهرة لإسناده ووقوف المرجعية الدينية العليا في النجف داعمة ومحرّضة له للضرب بيد من حديد على كبار الفاسدين والعابثين بأمن البلاد .

فهل يا تُرى كان العبادي الرجل الذي يُعتمد عليه لإنجاز الإصلاح ووضع البلاد على مسار صحيح ليستقبل مصيراً واعداً أم كان فعلاً خُرّاعة خضرة أوتيَ به لتخدير الشعب بالمناداة بشعارات ثوروية فارغة من المحتوى ؟

ما زالت أمام العبادي فُرصٌ لإثبات جدية توجهه لتنفيذ ما وعد به ، ولو أنه قد فوّت الكثير من الوقت الذي كانت نتيجته تسرّب الإحباط إلى نفوس جماهير الشعب المتظاهرة وخفتت جذوة إندفاعها في التظاهر وكبرت الآمال لدى حيتان الفساد بالتمكّن منه وإزاحته قريباً .

كنا قد وجّهنا رسائل عديدة إلى العبادي ننبهه إلى بيضة القبان التي يملكها " الإتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية " الضامنة لترجيح ميزان القوى لصالح مشروعه ، مهما بان مظهره آنيّاً في غير صالحه . لقد كنا نأمل أن تثمر زيارته إلى واشنطن ولقاؤه بالمسؤولين عن شيءٍ من هذا القبيل ، إلاّ اننا لا نرى مطراً محتملاً لحد الآن من الغيوم المتلبّدة في الفضاء السياسي رغم مرور أسابيع على تلك الزيارة .

نتوجّه مرّة أخرى إلى العبادي ، مُذكّرين ، وهو العالم بأعدائه ، أنهم مجرمون لا يتوانون عن إرتكاب أخس الجرائم لإزاحته وإفشال مشروعه الإصلاحي ، وإن كانت قد فشلت عدة محاولات لإغتياله ، لحدّ الآن ، لكنّهم لا يكفّون عن المحاولة ، فليس هناك وقت كثير لإضاعته .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزارة الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني كان يستهدف


.. قنابل دخان واشتباكات.. الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا لفض اعت




.. مراسل الجزيرة: الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل عددا من


.. شاحنات المساعدات تدخل غزة عبر معبر إيرز للمرة الأولى منذ الـ




.. مراسل الجزيرة: اشتباكات بين الشرطة وطلاب معتصمين في جامعة كا