الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحداثة ليست تحررا كاملا

حميد المصباحي

2015 / 11 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو ظاهريا أن الحداثة مناقضة للتقليد اجتماعيا وحتى سياسيا,بل يمكن القول,أنه حتى دينيا هناك تأويل ديني حديث,وآخر تقليدي,ونمط أسري وعلاقات,فمست هده الثنائية,كل نواحي الحياة,الفردية والجماعية,والمدنية والسياسية,وهي ثنائية جديدة عوضت ثنائية الخير والشر,الرديلة والفضيلة,الوجود والعدم,وكأن العالم لايستطيع العيش دون هده التقابلات,المقبول والمرفوض,العقلاني والأسطوري,المتطور والمتخلف,وعلى هدا الأساس تم تصنيف الدول,والحضارات والثقافات .
وحده العلم بقي في منأى هن هده الثنائيات,لأنه خارج التصنيف وإن اعتبر وليد الحداثة دون أن يعترض أحد على دلك.هناك سلطة ما,تسن التصنيف,لتفرض التراتب كحكم على الأجهزة والأفكار ليمتد إلى الحضارات,وهو يستمد سلطته من مقولة الزمن,كماضي وحاضر,غير قابلة للشك أو التفنيد,لكن ألم تعد الحداثة وفق منطق الزمن هدا ماضيا؟
ألا تحمل قيم الحداثة بقايا من الماضي؟ألا يوجد ما هو مظلم في الحداثة كما وجد المشرق في الماضي كتقليدي وماضوي؟ألم يثبت العلم أن تاريخه,تاريخ أخطاء اعتقد أنها حقائق؟
علينا أن نعترف بأن الحداثة فكرا وسلوكا وسياسة ليست إلا حصيلة تجارب كل الشعوب والحضارات ,حتى تلك التي ترفضها أو تعاديها,ففي تاريخها شيء منها,منسي أو ملغى أو مضمر ومقموع,ولأنها سلطة لايعنيها من ماضيها إلا ما تعتقده هي,فالحداثةبب الغربية تنكرت لماضيها القرون وسطوي,بنقده والكشف عن اللا عدالة فيهه,لكنها تناست سطوتها هي على غيرها من الشعوب والحضارات,وأقرب هده الأحداث ظاهرة الإستعمار,وما خلفه من مآسي لازالت الكثير من الشعوب تعيش تبعاتها السياسية والإقتصادية وحتى الثقافية,والحضارة العربية نفسها تظهر نفسها كمثال للعدل والمساواة وتنسى كيف عاملت السود حتى بعد إسلامهم,وهي رغم كل دلك شيدت نمودجت للبناء العلمي والتفكير الديني كان جديد في وقته وفرضت ما يفرض عليها من طرف حضارات أخرى.إن الفكر الإنساني المعاصر في حاجة إلى الكثير من التوقفات الثقافية والحضارية لمساءلة نفسه عما يستطيع تقديمه للوجود الإنساني الغائر في التحرشات الفكرية بالماضي ورهانات السيطرة المعترف بها اليوم أكثر من أي وقت مضى,إن الحداثة في تصورها للسلطة الدديمقراطية,تنتقد الشمولية والسلط الدينية المقدسة,لكنها شيدت قداسة مغايرة,جمدت العقل وألهته واعتبرته عقلها الوحيد الممكن,تمن به على العالم,وتفرض عليه اتباعها دون إضافة,وحتى عندما يضيف الآخر قيما أو علما لاتعترف به,بل إنها تحاصر حضارة أخرى وتريد حرمانها من حق البحث العلمي بحجة استخدامه في المجال العسكري كما هو الشأن في التعامل مع إيران وغيرها من الدول الطامحة لبناء داتها بطرق تختلف عن الغير,أو على الأقل تتميز عنه دون أن يعني دلك الإنغلاق باسم الخصوصية واستغلالها للقمع والقتل والسطوة,فالحداثة رغم سطوتها وجبروت قسوتها لن تكون كما كانت النظم الشمولية وتقاليد العقاب وطقوس عبادة الحكام أو تأليههم كما كان في الأزمنة الغابرة.
1_الحداثة سياسيا
تعيش مأزقا خطيرا,فالدول الممثلة لها,لم تعد تحتكم لمبادئ العدل,و الخير الإنساني في مناهضته لقيم السيطرة و العنف,بل إن دولا غربية باسم الحداثة تاجرت بصمتها مقابل مواقع و امتيازات مالية,فصمتت عن نظم تقليدية لا علاقة لها بالديمقراطية و لا حتى القرن الواحد و العشرين,و كمثال على ذلك لنتأمل علاقات فرنسا بدول الخليج و أكثرها تقليدية و قدما سياسة و ثقافة و سلوكات,إنها تضحي بكل معايير الحرية من أجل أن تطأ أقدام تجارها و مستثمريها سوق النفط الواعدة,بل حتى مؤسساتها الصناعية عسكريا تضطر لغض الطرف عما يمارس في حق الغير مواطنين و دولا سعيا لبيع الأسلحة و الذخيرة,فأين هي قيم الحداثة و العقلانية,التي لطالما اعتبرت فرنسا رمزا لها و حامية لها,باعتبارها دولة الثورات الحقوقية,
2_دوغمائية العقلانية
و هي مبررات تسعى من خلالها النزعات الهيمنية لتبرير سلوكات الساسة و سادة القرار,لآجل مراكمة الثروات و لو على حساب أكثر الأحاسيس إنسانية و أخلاقية,و هو ما سوف يسمح بانتشار التشدد الدولي للدفاع عن المصالح مهما تطلب الأمر,بل حتى و لو قاد لحروب مشؤومة مدمرة للضعفاء قبل الأقوياء ,هنا تكون الحداثة مرادفا للتدمير الناعم و السري للحضارات,بغية إعادة تشكيل الدول و إعادة صياغة خريطة العالم,كما يحدث بالشرق الأوسط و سوريا و العراق و غيرهما من الدول,التي سوف تصلها مقصلة التقسيم,مما يطرح أسئلة أمام الفكر الحداثي عربيا و حتى عالميا,فإن كان هذا هو مآل الحداثة,فلا داعي لها,بل إنها مجرد تمرينات للإستعمار, طمس هويات الشعوب و الحضارات,و يمكن في مثل هذه اللحظات,الشك فيما تمارسه الدول المنتمية تاريخيا لفكر الحداثة, و هي تدعي الإنتصار لها,بينما في الحقيقة ,تعمل على إعادة بعث الهويات بعنف ديني و عرقي لتمهد لما يمكن اعتباره حلقة جديدة للسيطرة على العالم العربي و الإسلامي,و ربما كل الأمم غير الغربية.
3_حرية السطو
اعتبر الفكر الحداثي دعوة مستميتة عن الحرية,بصيغتها الفردية و الشخصية,لكن أيضا السياسية,من خلال الديمقراطية,كنموذج للحكم,و ما عداه لا يمكن أن يكون توليتاريا شموليا,مهما كانت صيغ وجود÷,فكيف تنظر الحداثة و الدول المبدعة لها,لمشايخ الخليج العربي؟و لماذا تتم عملية تسليحهم و ضد من؟و كيف يتم الصمت عن أحكام إعداماتها و سوء تدخلاتها في الدول الأقل شمولية من نظم حكمها بالعالم العربي؟,ربما هي حرية اختيار النظم لما يمكن أن يطلق حريتها في السطو و تصدير الثروات التي تحتاج شعوبها لترشيدها و التحكم فيها حفاظا على التنمية,أو على الأقل الإقتراب منها علميا و معرفيا,فلا يعقل أن يتجاور التخلف مع ثروة لو استغلت علميا,لعرفت تلك المناطق نهضوة حضارية شبيهة بالثورة اليابانية و الصينية.
خلاصات
علينا أن نعترف بأن الحداثة لم تعد كما بدأت,بل سالمت الفكر المحافظ,و ربما هي في حالة تحول لمحافظة جديدة قاهرة,بدل أن تكون محررة,لكن الغريب,,هو صمت الثقافات الحداثية أروبيا و عربيا عن هذه النزوعات المصلحية.
حميد المصباحي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء ومصابون بقصف إسرائيلي استهدف مباني في مخيم جباليا ومدي


.. أبرز ما تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية في الساعات الأخيرة




.. لا معابر تعمل لتربط غزة مع الحياة.. ومأزق الجوع يحاصر السكان


.. فرق الإنقاذ تبحث عن المنكوبين جرّاء الفيضانات في البرازيل




.. جامعة برشلونة تقطع علاقتها مع المؤسسات الإسرائيلية