الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحياة حلوة ... قصة قصيرة

صلاح زنكنه

2015 / 11 / 15
الادب والفن


جلسا على المصطبة الخشبية تحت مظلة أنتظار الحافلة , عجوزان نظران رجل هرم وقور أنيق الهندام تبدو عليه سيماء العزة والاعتداد بالنفس , وامرأة ذات شعر أبيض لم يمح الزمن عن وجهها أثر جمال غارب ونظارتها الطبية تضفي عليها مسحة من الغموض والشجن
يرنوان صوب أفق الفراغ غير آبهين بالمارة والباعة وكأنهما في شغل شاغل عن هذا العالم .
قال : الحياة حلوة .
قالت : حلوة .
قال : كل شيء فيها جميل , ان أردنا ذلك .
قالت : طبعا جميل .
قال : الحافلة لا تجيء .
قالت : لاتجيء .
قال : أنت تشبهيتها .
قالت : من ؟
قال : زوجتي .
قالت : أهي ميتة ؟
قال : ميتة , ميتة .
ثم استأنف : لكني كلما أفكر بها , أجدها حية .
قالت : كنت تحبها ؟
قال : لقد فقدتها , فقدتها الى الأبد .
وأضاف متحسرا : افتقدها دائما , مؤلم ذلك مؤلم جدا .
قالت : مؤلم جدا جدا .
قال : الحياة دون امرأة جحيم .
قالت : جحيم حقا , الوحدة جحيم .
سألها : أنت وحيدة ؟
أجابت : لقد مات منذ زمن .
قال : الموت وحش , أنه قدرنا في النهاية .
قالت : قدر مرعب , لا مفر منه .
قال : لابد أن نقاومه , أن نقهره , أن نهزمه .
استفسرت : كيف ؟
أجاب : بالحياة , لابد أن نعيش الحياة كما هي .
قالت : نعيشها , لكنها غادرتنا ولم يبق منها سوى الثمالة .
قال : علينا أن نستغلها , أن نتمتع بهذه الثمالة .
قالت : الثمالة مرة , مرة ليست بهذه السهولة .
قال : المر الحلو , شيئان نسبيان , نحن من يتحكم بها .
قالت غاضبة : هراء هراء , نحن لا نتحكم بأي شيء , الأشياء هي من تتحكم بنا .
قال مهدئا : أرجوك لا تغضبي , أن الحياة حلوة .
قالت باستغراب : من قال هذا الكلام السخيف ؟
قال : أنا , أنا مؤمن بهذا , مادمت معي تشاركيني الحديث .
قالت مستبشرة : الحافلة جاءت .
قال : جاءت , حسنا لابد أن تجيء .
قالت : هيا نصعد , ونكمل حديثنا .
وأرتقيا سلم الحافلة بتؤدة , وأحدهما يسند الآخر وجلسا متجاورين كزوجين أو كصديقين أو غريبين , صامتين يتأملان الطريق باهتمام كي يهبط كل منهما في محطته القادمة ويكمل طريقه الذي أقترب من نهايته حتما , وحين توقفت الحافلة .
قال : مبتسماً : هذه محطتي لكن لا رغبة لي في النزول .
قالت منتشية : حسناً تفعل .
وتحركت الحافلة وتهادت عبر شوارع المدينة وحين توقفت .
قالت : هذه منطقتي , لكنني سأبقى معك .
قال منتشيا : حسنا تفعلين .
في المحطة الأخيرة نزلا معا .
قالت فرحة : الحياة حلوة .
قال واثقا : حلوة , أن أردنا ذلك , ألم أقل لك .
2000








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لتسليط الضوء على محنة أهل غزة.. فنانة يمنية تكرس لوحاتها لخد


.. ما هي اكبر اساءة تعرّضت لها نوال الزغبي ؟ ??




.. الفنان سامو زين يكشف لصباح العربية تفاصيل فيلمه الجديد


.. الفنان سامو زين ضيف صباح العربية




.. صباح العربية | الفنان سامو زين ضيف صباح العربية