الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهداف و دواعي مشاركة السودان في عاصفة الحزم

عمر يحي احمد

2015 / 11 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


المقدمة
تتسم طبيعة التفاعل الدولي في الوقت الراهن بخاصية الترابط و التشابك إذ أصبحت ليس هنالك حدود بين حدود الدولة و غيرها وبين مصالحهها و مصالح الدول الأخرى ، ويرى كثير من علماء السياسة إن جوهر السلوك الخارجي للدول يبنئ على حسابات الربح و الخسارة أو ما يطلق عليه في العلوم السياسية باسم المصلحة الوطنية أو القومية .
تنتهج الدول مجموعة من الأسباب و الأساليب بغرض تحقيق هذه المصلحة وقد يقتضى الأمر إستخدام القوة العسكرية أو أي وسيلة أخرى ، ومن هذه الفرضية أصبحت ظاهرة الحروب و الصراعات أحد أهم الآليات لتنفيذ السياسة الخارجية كما حدث في حرب عاصفة الحزم الآن ، يجئ هذا البحث متناولاً هذه الحرب من أسبابها و أهدافها و طبيعتها ، يركز البحث بصورة كبيرة على مشاركة السودان في هذه الحرب لمعرفة دوافعه و النتائج التي خرج بها .
أولاً : إشكالية الدراسة
أدت مجموعة من الأسباب الداخلية و الخارجية إلى تدهور الوضع الأمني في جمهورية اليمن و كان لهذا التدهور إنعكاسات واسعة إمتدت إلى كثير من الدول المجاورة لها في منطقة الخليج العربي خصوصاً المملكة العربية السعودية بسببه إضطرت السعودية إلى إعلان الحرب ضد الحوثيين في اليمن ، وتبع ذلك تدخل لكثير من دول منطقة الخليج العربي ، إلا إن هنالك بعض الدول أعلنت مشاركتها في الحرب مثل ، السودان ، مصر ، المغرب ،عليه فإن إشكالية الدراسة تدور حول التساؤلات الأتية :
1ـ ما هي أهداف و دوافع مشاركة السودان في عاصفة الحزم ؟ .
2 ـ هل حقق السودان أهدافه من مشاركته في عاصفة الحزم ؟ .
ثانياً : فرضيات الدراسة :
1 ـ هنالك مجموعة من الاسباب الداخلية و الخارجية التي دفعت السودان للمشاركة في عاصفة الحزم .
2 ـ أثرت مشاركة السودان سلباً و إيجاباً على الأمن القومي السوداني .
المبحث الأول : خلفية عن عاصفة الحزم .
عاصفة الحزم هي عملية عسكرية جاءت كتحالف دولي مكون من عشر دول ضد جماعة الحوثي والقوات الموالية لهم ولعلي عبد الله صالح إنطلقت يوم الخميس 26 مارس 2015 حيث سيطر مسلحو جماعة أنصار الله "الحوثيون" على صنعاء في 21 سبتمبر 2014 بمساعدة من قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة اليمنية المرتبطة بعلي عبد الله صالح، واتهم عبد الملك الحوثي الرئيس هادي بالفساد ودعم الإرهاب وهاجموا منزل الرئيس هادي في 19 يناير 2015 بعد اشتباكات مع الحرس الرئاسي، حتي حاصروا القصر الجمهوري الذي يقيم فيه رئيس الوزراء، وظل الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي ورئيس الوزراء قيد الإقامة الجبرية التي فرضها مسلحون من جماعة أنصارالله منذ استقالته، واستطاع هادي الفرار من الإقامة الجبرية، واتجه إلى مدينة عدن .
اندلعت بعد ذلك اشتباكات عسكرية مع قوات أمنية مرتبطة بعلي عبد الله صالح مدعومة بالحوثيين وأخرى مؤيدة للرئيس هادي واستعادت القوات التابعة للرئيس السيطرة على مطار عدن الدولي في 19 مارس وتوجه الحوثيون مدعومين بقوات تابعة للحرس الجمهوري المنحل التابع لعلي عبد الله صالح صوب محافظة عدن وسيطروا على قاعدة العند الجوية ومن ثم تدهور الوضع الأمني بصورة عام في اليمن مما جعل كل الأطراف تسعي إلى إيجاد حل للأزمة اليمنية
عندما إزداد الأمر تدهوراً قدم وزير الخارجية رياض ياسين عبدالله لمجلس التعاون الخليجي رسالة من الرئيس عبد ربه منصو هادي يطلب فيها التدخلها لصد الحوثيين من التقدم نحو عدن بعد إعلان الحرب عليه من قبل الحوثيين وكانت المملكة العربية السعودية بدأت بحشد قواتها العسكرية على حدود اليمن في أواخر مارس بعد عرض عسكري ومناورات أجراها الحوثيون على الحدود اليمنية السعودية.
في 15 فبراير 2015، أصدر مجلس الأمن الدولي قرار رقم 2201 اتخذه بالإجماع، طالب فيه الحوثيين بسحب مسلحيها من المؤسسات الحكومية، واستنكر تحركاتهم لحل البرلمان والسيطرة على مؤسسات الحكومة واستخدام العنف لتحقيق أهداف سياسية، والاستيلاء على المنابر الإعلامية للدولة ووسائل الاعلام للتحريض على العنف، وطالبهم بالانخراط في مفاوضات السلام التي يرعاها مبعوث الأمم المتحدة جمال بنعمر، وطالبهم بالإفراج عن الرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس وزرائه خالد بحاح وأعضاء الحكومة، الموضوعين جميعا تحت الإقامة الجبرية، وأعلن المجلس استعداده لاتخاذ مزيد من الخطوات إذا لم ينفذ هذا القرار، بما فيها استخدام البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يسمح باستخدام القوة أو العقوبات الاقتصادية لفرض تنفيذ القرارات
تقدم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي برسالة بتاريخ 24 مارس 2015م، إلى قادة دول مجلس التعاون الخليجي، موضحا فيها تدهور الوضع الأمني و خطورته على الأوضاع الأمنية في الجمهورية اليمنية و منطقة الخليج العربي جراء الأعمال العدوانية للحوثيون، والمدعومة أيضاً من قوى إقليمية هدفها بسط هيمنتها على هذه البلاد وجعلها قاعدة لنفوذها في المنطقة، وناشد الدول الخليجية للوقوف إلى جانب الشعب اليمني لحمايته، وطلب منها، استناداً إلى مبدأ الدفاع عن النفس المنصوص عليه في المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، و ميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع العربي المشترك، تقديم المساندة الفورية بكافة الوسائل والتدابير اللازمة بما في ذلك التدخل العسكري لحماية اليمن وشعبه من العدوان الحوثي المستمر وردع الهجوم المتوقع حدوثه في أي ساعة على مدينة عدن وبقية مناطق الجنوب، ومساعدة اليمن في مواجهة القاعدة وداعش.
على الفور أعلنت السعودية يوم الخميس 26 مارس 2015 عن انطلاق عملية عاصفة الحزم من قبلها بالإضافة لدول مجلس التعاون الخليجي وهي الإمارات العربية المتحدة والبحرين وقطر والكويت وبمشاركة كل من الأردن ومصر والمغرب والسودان وباكستان.
أعلنت قيادة التحالف نهاية عملية عاصفة الحزم في 21 أبريل 2015، وبدء "عملية إعادة الأمل". وجاء ذلك بعد إعلان وزارة الدفاع السعودية أن عاصفة الحزم أزالت التهديدات الموجهة إلى المملكة، بعد أن تمكنت من تدمير الأسلحة الثقيلة والصواريخ الباليستية في عملية نوعية استهدفت جبل عطان بصنعاء
المبحث الثاني : أسباب و دوافع مشاركة السودان
المطلب الأول : الأسباب الداخلية
وهي التي ترتبط بطبيعة البيئة الداخلية للسودان ويمكن الإشارة إلى عدد من الدوافع تتلخص في الأتي :
أولأ : إنتخابات السودان 2015 م .
تستخدم في الحملات الإنتخابية مجموعة من العوامل مثل قرارات خوض الحروب لزيادة تأييد الرئيس المرشح ، فقد تزامنت عاصفة الحزم مع موعد إنتخابات السودان لعام 2015م الأمر الذي جعل من عاصفة الحزم أكبر ظاهرة يمكن إستغلالها لزيادة تأييد مرشح الحزب الحاكم " عمر البشير " إذ إمتدت الحملة الإنتخابية في السودان في الفترة من 13 فبراير إلى 30 مارس 2015 م ، في حين كانت عاصفة الحزم في 26 مارس 2015 بمعني إنها متزامنة مع الحملة الإنتخابية ، ويبدو إن الحزب الحاكم قد إستفاد من عاصفة الحزم في تحقيق هدفين :
1. إلهاء الشعب السوداني و تحويل مسار إهتمامه عن سير الإنتخابات و تركيزه على مجريات عاصفة الحزم و تطوراتها .
2. إظهار الرئيس " عمر البشير " كشخصية قوية و مناسبة و مدافع عن الأمة الإسلامية مما يزيد من شعبيته داخلياً و خارجياً .
ثانياً : الوضع الإقتصادي
يعاني السودان من تدهور في الوضع الإقتصادي جراء ضعف السياسيات الإقتصادية و خروج عائدات النفط بعد إنفصال الجنوب ، الأمر الذي جعل يبرز نفسه كحليف إستراتيجي لدول الخليج بصورة عامة وللمملكة العربية السعودية بصورة خاصة فقد أصبحت دول الخليج من أكبر المستثمرين في السودان خصوصاً السعودية ، عليه يمكن تلخيص أثر الوضع الإقتصادي كدافع لمشاركة السودان في عاصفة الحزم في المؤشرات الأتية :
1. تعويض السودان و مكافئته على مشاركته في الحرب .
2. تسويق السودان لنفسه كحليف إستراتيجي لدول الخليج و المملكة العربية السعودية
3. زيادة حجم ومستوى الإستثمارات الخليجية في السودان
4. مساهمة دول الخليج في رفع قرار الحصار الإقتصادي المفروض عليه و إعفاءه من الديون الخارجية .
ثالثاً : أزمة الشرعية
أصدرت محكمة العدل الدولية قراراً إتهمت فيه الحكومة السودانية بإرتكاب جرائم حرب في دارفور مما جعل الرئيس السوداني ( عمر البشير ) مطالب دولياً ، و من هنا جاءت مساعي الحكومة السودانية للبحث عن طرق لتثبت شرعيتها وقد مرت طريقة الحكومة السودانية لتأكيد شرعيتها بمرحلتين :
المرحلة الأولى : بدأت هذه المرحلة منذ إصدار مزكرة التوقيف من قبل محكمة العدل الدولية و تمثلت في كثرة الزيارات التي قام بها الرئيس السوداني " عمر البشير " لعدد من الدول و المناطق لتأكيد شرعيته .
المرحلة الثانية : بدأت مع بداية إعلان الحرب على جماعة الحوثي في اليمن و التي تمثلت في مشاركة السودان في الحرب بصورة مباشرة
نشر معهد ستراتفورد اﻻ-;-ستخباري اﻻ-;-مريكي تقرير قال فيه إن هنالك غيظا من الغربيين واليهود تجاه السودان بمعني أن السودان أخيراً قد وجد اللحظه التاريخيه التي كان ينتظرها وهذه اللحظه لم توفر مخرج للسودان فقط بل مثلت مصدر شرعية للنظام السياسي في السودان
شرعية مشاركة السودان قانونياً
تنص المادة ( 17 ) من قانون جمهورية السودان محور السياسة الخارجية على الأتي " تدار السياسة الخارجية لجمهورية السودان بعزة واستقلال وانفتاح وتفاعل، من أجل إبلاغ رسالة المبادئ السامية ، وبلوغ المصالح العليا للبلاد وللإنسانية كافة ، وذلك بالسعي خاصة لتوطيد السلم والأمن العالمي، وترقية التدابير لفض المنازعات الدولية بالحسنى ودفع التعاون في كل مجالات الحياة مع سائر الدول ، ولرعاية حق الجوار وعدم التدخل عدواناً في الشئون الداخلية للآخرين ، ولاحترام الحقوق والحريات الأساسية والواجبات والفضائل الدينية المثلى للناس جميعاً ، ولحوار المذاهب والحضارات ، ولتبادل المنافع ولتمكين النظم العالمية على أساس العدل والشورى والخير والتوحد الإنساني.
يتضح من المادة أعلاها وجود ثلاثة قواعد تحدد مدى شرعية مشاركة السودان و هي :
1. تحقيق المصالح العليا هي مسؤلية الحكومة .
2. إستخدام الطرق السلمية لفض النزاعات .
3. إحترام حق الجوار وعدم التدخل عدواناً في الشؤون الداخلية للدول .
المطلب الثاني : الأسباب الخارجية
أولاً : المكانة العقائدية و الدينية للسعودية
يمثل الجانب العقدي و الديني أحد أهم العوامل المؤثرة على السياسة الخارجية للدول و لسلوكها في المنتظم الدول ، يتضح من ذلك إن مشاركة السودان جاءت لأسباب عقائدية أو دينية كما في بيان الجيش السوداني "أن المشاركة في عمليات عاصفة الحزم تأتي من منطلق المسؤولية الإسلامية لحماية أرض الحرمين الشريفين، والدين والعقيدة، وأعلن أن مشاركة السودان بقوة ومنعة وعزة في هذه العمليات، لتبقى السعودية آمنة مستقرة، بلدًا حرامًا" وذلك حسب البيان الذي أصدرته قيادة الجيش السوداني.
شارك السودان في عمليات عاصفة الحزم و أبان بإنه لن يسمح بتمديد نيران العراق وسوريا وليبيا واليمن إلى السعودية. وأبلغ وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين الصحفيين أن القوات العسكرية السودانية التي تشارك برا وجوا بدأت حركتها و مشاركتها الفعلية لتكون بجانب المملكة العربية السعودية، وأكد السودان نيته للمشاركة في أي عمل يحقق الاستقرار في المملكة.
أن استقرار السعودية وأمنها يعني أمن واستقرار كل المنطقة العربية والإسلامية و أن السلطة السودانية لم تتردد مطلقا لأنها تعلم شعور الشعب السوداني تجاه السعودية
بينما قال بيان للجيش السوداني إنه "في إطار العلاقات الحميمة التي تربط بين السودان والسعودية، ومن منطلق مسؤوليتنا الإسلامية في حماية أرض الحرمين الشريفين وحماية الدين والعقيدة، يشارك السودان بقوة وعزة ومنعة في عمليات عاصفة الحزم
ثانياً : موقع اليمن من السودان
تقع جمهورية اليمن في الإتجاه المقابل للسودان في البحر الأحمر مباشرة لذلك يعتبر السودان من أكثر الدول المعنية بما يجري في اليمن لأنه البحر الأحمر يمثل شريان حياته ومنفذه البحري للعالم الوحيد لذا فإن محاولة أي طرف للسيطرة على اليمن أو البحر الأحمر لن تتوقف عند الدول الخليجية حال نجاحها بمعنى أن أي اضطرابات في اليمن أو البحر الأحمر أو أي نزاع فيه سيؤدي إلى مشكلة حقيقية للسودان وقد قدمت تنبيهات سابقة للحكومة السودانية بشأن التمدد الإيراني في المنطقة، ومحاولة طهران استغلال علاقتها بالسودان لتدمير المنطقة العربية بكاملها.
ومن جانب أخر يلاحظ أن الحوثيين نشروا أسلحة ثقيلة وزوارق هجومية سريعة على جزيرة ميون وجزيرة صغيرة في مضيق باب المندب الأمر الذي قد يؤدى إلى نشوب حرب حقيقية في مضيق باب المندب فأن نشر تلك الأسلحة يمثل خطراً كبيراً على السودان و حركة مرور الشحن التجاري ومن هنا تأتي مشاركة السودان لحماية البحر الأحمر وتأمين باب المندب على رأس أولويات الأمن القومي السوداني
ثالثاً : الحصول على مكانة الإقليمية و دولية
تتحدد فاعلية أي دولة و درجة تأثيرها في العالم على مكانتها في المنتظم الدولي ، و هنالك صراع في العالم ككل و منطقة الشرق الأوسط و العالم العربي حول تزعم هذه المناطق و الحصول على مكانة دولية و إقليمية تستطيع الدولة من خلالها التأثير في سلوك الدول الأخرى ، وقد أظهرت عاصفة الحزم وجود نوعين من الدول في المنطقة وهي :
1. دول قوية تستطيع إن تغير مجريات الأوضاع في المنطقة و إعادة توزيع خارطة القوى الإقليمية .
2. و دول حليفة و مؤثرة لا يمكن تجاوزها ، وهذا ما يصبو إليه السودان .
رابعاً : إرسال رسالة للحركات المتمردة داخلياً
تخوض القوات المسلحة السودانية معاركة واسعة و متعددة في مناطق دارفور و النيل الأزرق و جنوب كردفان و الشريط الحدودي مع دولة جنوب السودان ، عليه فإن الحكومة السودانية هدفت من هذه المشاركة إلى إرسال رسالة إلي الحركات المتمردة بإنها لازالت قادرة على الإستمرار في الحروب و المواجهة ، و إن مشاركتها بأكبر عدد من القوات دليل على ذلك ( 6000 ) جندي .
المبحث الثالث : تقييم مشاركة السودان في عاصفة الحزم
ينطلق هذا التقييم من السؤال التالي ، هل حقق السودان هدفه من المشاركة في عاصفة الحزم ؟ . عند النظر إلى إجابة هذا السؤال يتضح إن السودانيين قد إنقسموا إلى إتجاهيين : مؤيد ومعارض
أولاً : المؤيدون لمشاركة السودان
وهم يستندون في تأييدهم على الحجج التالية :
1 ـ اعتبر كثير من محلليين داخل السودان وخارجه على أن المشاركة السودانية في عاصفة الحزم أمر حتمي يتماشى مع الرؤية الإستراتيجية للمنطقة في ما يتعلق بالقضايا التي تخص الأمن القومي ، حيث دفع السودان أثمانا باهظة بسبب مناصرته إحتلال الكويت في السابق. وبسبب عدم مشاركة الفعلية في كثير من الصراعات التي حدثت في المنطقة .

2 ـ هنالك تنافس دولي حول منطقة القرن الأفريقي و البحر الأحمر اتجاه إيراني لخنق كافة الدول العربية عبر الاستيلاء على مضيقي هرمز وباب المندب باستخدام الحوثيين حيث أن الجانب الإيراني يريد تدمير الخطة الإستراتيجية السعودية للنفط والتي تحولت من الخليج إلى البحر الأحمر فقد أصبح يشكل عمقا إستراتيجيا مهما للسودان، مما يجعله محقا في المشاركة وبقوة لقطع الطريق على إيران وأطماعها في المنطقة.
3 ـ أن المشاركة هي لمصلحة السودان بالوقوف ضد المد الإيراني ( الشيعي ) أولا، والحفاظ على شريان حياته في البحر الأحمر ثانيا مع إمكانية أن يحقق السودان كثيرا من المكاسب المستقبلية السياسية من خلال هذه المشاركة

ثانياً : المعارضون لمشاركة السودان
وهم يستندون في معارضتهم على الحجج التالية :
1 ـ يروا إفتقاد السودان لكثير من المقومات الأساسية التي تؤهله لخوض صراعات وعملية قد تتطور إلى حرب إقليمية فيما بعد .
2 ـ إن السودان نفسه يعاني من حروب و صراعات داخلية ، فكيف له إن يحقق الأمن و الإستقرار في دولة أخرى ؟ .
3 ـ إن مشاركة السودان ستكلفه مبالغ و خسائر كبيرة و من يتحملها هو الشعب السوداني و ليس الحكومة .
مما سبق ذكره يتضح إن مشاركة السودان في عاصفة الحزم يجب إن لا تتم إلا في حالتين فقط :
الحالة الأولى : في حالة وجود عدوان مباشر على السودان .
الحالة الثانية : في حالة إجراء إستفتاء عام لسودانيين حول المشاركة إما بنعم أو لا .
المطلب الثالث : مستقبل السودان في خارطة الصراع
شكل غزو العراق للكويت واحتلاله له في أغسطس 1990 أول إختبار عملي لسياسة السودان إذ تبني النظام موقفاً راديكالياً لم يتقيد لا بالحق الذي يملي عليه رفض ذلك الاعتداء علي دولة ذات سيادة وتجاوز القانون الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية ولا بمصالح البلاد الوطنية العليا وقد يكون الدافع لهذا الموقف هو تقدير النظام أن الغزو سيصبح أمرا واقعياً وأنه إلى أن يتم جلاء العراق عن طريق التفاوض سيستغرق ذلك زمنا يقوم العراق أثناءه بمكافأة النظام على مساندته له ومهما يكن من أمر فان هذا الموقف يدل على عدم وعي النظام بالمتغيرات الدولية، ذلك الوعي الذي أدركه فيما بعد ولكن بثمن باهظ مما جعله يعيد خارطة علاقاته الخارجية .
بهذه المشاركة يكون السودان قد كسب مساندة الرئيس عبد ربه منصور هادي و المناصرينه له لكنه في ذات الوقت قد خسرالرئيس علي عبد الله صالح و حلفاءه حيث يعتبر علي عبدالله صالح اللاعب المهم في الصراع على السلطة في الجمهورية اليمينة بين الحوثيين وحلفائهم وحكومة الرئيس هادي
إن إنعكاسات الحرب في اليمن قد لا تصل إلى السودان مباشرة فيما وصفت بإنها عملية تهدف لحماية الأمن القومي للمملكة العربية السعوداية فقط وهذا ماظهر وفي تصريح لسفير السعودية في واشنطن "عادل الجبير" قال : بأن العملية العسكرية تهدف لتدمير الأسلحة التي قد تشكل خطراً على المملكة العربية السعودية سواء أكانت أسلحة جوية أو صواريخ بالستية أو أسلحة ثقيلة
بهذه المشاركة يكون السودان قد دخل في خارطة جديدة كحليف لقوى حلف الخليج العربي و من جانب أخر ستؤثر مشاركة السودان على علاقة السودان الخارجية خصوصاً مع كل من الصين و روسيا و إيران حيث أعربت الصين عن معارضتها للعملية، وقالت إنها قلقة للغاية من تدهور الوضع في اليمن، ودعت كل الأطراف إلى الالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة باليمن، وحل النزاع عن طريق الحوار .
دعت روسيا لوقف جميع الأعمال القتالية وأعربت عن استعدادها للمساهمة في تسوية الأزمة اليمنية بصورة سلمية فيما نددت وزارة الخارجية الإيرانية، بالغارات الجوية في اليمن، ووصفتها الهجوم الخطير والمغاير للقوانين والأعراف الدولية ، كما دعى العراق، إلى وقف عاصفة الحزم، معرباً عن قلقة وطالب المجتمع الدولي بانقاذ الشعب اليمني
وقد إتضح إيران لم تكن حليفا إستراتيجيا للسودان وليست مؤهله لذلك لأنها لاتملك شيئا تقدمه للسودان هي ليست صناعيه متقدمه ولاتملك حق الفيتو في مجلس الأمن وهي الآن تقع تحت الحصار الإقتصادي وتقدم لأجل ذلك تنازلات في برنامجها النووي. ويبدو إنها فقط كانت كانت حليفا تكتيكيا بالنسبه للسودان كان الغرض منه تذكير دول المنطقه بأن السودان لايمكن تجاوزه .
إن الخليج عندما أستشعرالخطرالشيعي يحيط به أول ما فكر فيه لمجابهة هذا الخطر السودان عليه سيكون مسرح الحرب القادمه هو البحرالأحمر وسيختنق السودان و من الأفضل له أن يقاتل في اليمن من أن يقاتل في بورسودان وعندها ستتغير خارطة السودان و مكانته الإقليمية فهنالك مكاسب ستتحقق له بسبب تحالفه مع المنظومة الخليجية عبرالبحر الاحمر وليس عبر مصر لأنه لا أحد يثق في مصر لا السودان ولا الخليج .
المشكلة الوحيدة التي ستواجه السودان هي إنه عندما تنظر إلى الدول المشاركة في عملية عاصفة الحزم العسكرية في اليمن تجد أن عشرة دول تحت قيادة عسكرية خليجية في مقدمتها المملكة العربية السعودية فلكل دولة أسباب و دوافع و أهداف خاصة من مشاركتها في هذه العملية وهذا بدوره قد يؤدى إلى ( تعارض مصالح ) هذه الدول سواءً في جانب من الجوانب أو في الأمد البعيد .
المطلب الرابع : النتائج و التوصيات
من خلال إستعراض موضوع الدراسة فقد خرج البحث بالنتائج الأتية :
أولاً : هنالك مجموعة من الأسباب الداخلية والخارجية دفعت بالسودان للمشاركة في عاصفة الحزم وقد تراوحت بين أهداف قصيرة المدى ترتبط بالحكومة الحالية ـ كنظام سياسي ـ و أهداف طويلة المدى ترتبط بالسودان ـ كدولة قومية ـ .
ثانياً : إن إختلاف السودانيين حول مشاركة السودان في عاصفة الحزم بين التأييد و الرفض إما ناتج من عدم وجود نتائج و عوائد ملموسة أو سبب إن الحكومة قد أخفت الأسباب الحقيقية و النتائج التي إستفاد السودان منها .
ثالثاً : ستؤثر مشاركة السودان في العلاقات السودانية اليمنية سلباً و إيجاباً ؛ سلباً إذا لم تستطيع قوات التحالف من هزيمة الحوثيين و حلفائهم ، و إيجاباً إذا تمت هزيمتهم و أصبح عبد ربه منصور هادى رئيساً لليمن .
عليه تقدم الدراسة التوصيات الأتية :
أولاً : وجود خطة شاملة تحدد أهداف و أولويات السياسة الخارجية السودانية ، مع مراعاة عامل المصلحة القومية العليا التي ترتبط بالشعب ككل .
ثانياً : تكوين لجنة لدراسة و تقييم مشاركة السودان في عاصفة الحزم .
ثالثاً : التأني و العقلانية ضرورة قصوى في حالة إتخاذ قرارات خوض الحروب .
ـــــــــــــ
الأستاذ. عمر يحي جامعة الزعيم الأزهري، كلية العلوم السياسية والدراسات الاستراتيجية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا