الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ثقافة التبعية والإتباع مابين شعارات النصر وفلسفة الهزيمة في عراق يحتضر.
حيدر جمعة العابدي
2015 / 11 / 15مواضيع وابحاث سياسية
ثقافة التبعية والإتباع *حيدر جمعة العابدي *
مابين شعارات النصر وفلسفة الهزيمة في عراق يحتضر.
منذ الحظه الأولى لتشكيل الدولة العراقية الحديثة على يد الاحتلال البريطاني وتقسيمه الى ثلاث ولايات والى حد يومنا هذا ونحن لا نزال نعيش مخاضات وتحولات اقل ما توصف به أنها الأكثر بشاعة وشراسة ودموية ، من سابقتها ، مما ترك تأثيرا عميقا وواضحا على الوعي الجمعي والفردي للعراقيين بمختلف انتماءاتهم : الدينية ،والعرقية ،والمذهبية ،ساهم ذلك في ضعف وتفكك الولاء الوطني الحقيقي المتمثل بالهوية والانتماء الوطني حيث تم استبدالها بهويات فرعية قومية ،مذهبية ،دينية ،أفشلت الكثير من المشاريع الوطنية العراقية بفعل تمركزها وتشبثها المفرط بوهم هوياتها الفرعية التي ترتبط ارتباط وثيق بدول الخارج التي تحيط بالعراق ، وابرز هذه الدول هي : تركيا ،ايران ، السعودية ، وقطر ، حيث استغلت هذه الدول ضعف الأنظمة السياسية الحاكمة ، وسوء أدارتها للبلاد، في قمع اي مشروع وطني قادر على إذابة هذه الهويات في بوتقة الهوية الوطنية الضامنة لوجودنا الحقيقي والسيادي الفاعل والمؤثر ، بدل من الوجود الاتباعي الضعيف المنكسر الذي نعيشه و الذي ساعد على فعل التدخل والتأثير السلبي على حياة العراقيين بكل أطيافهم وأعراقهم تحول معها العراق الى ساحة خلفية لصراعاتهم وأطماعهم ، السياسية ،والاقتصادية و همش الدور التاريخي والحضاري للعراق وحوله من دولة قوية فاعلة ومؤثرة الى دولة تابعة منتهكة .
إن استشراء ثقافة الوعي التابع افرز لنا قيادات سياسية أنتجها المحيط الإقليمي والدوالي لتحقيق أهداف وخطط مستقبلة ا تهدف لجعل العراق بلدا مجزءا وضعيفا غير قادر على مجاراة باقي الدول ذات المصالح الدينية والعرقية والاقتصادية مما عزز من ثقافة الانقسام الداخلي لدى اغلب شرائح المجتمع ، فبدون هذا الانقسام والتشظي في الهويات لا يمكن لهذه الدول من التدخل والتأثير سلبا في جميع مناحي الحياة لنصل الى ما نحن عليه اليوم من ضعف واقتتال طائفي وعرقي وخراب سياسي ،واقتصادي دفع في ترسيخ الاتباعية الثقافية في اللاشعور الجمعي لدى العراقيين وافرز ساسة عمقوا من الإحساس بالإتباع النفسي و الجماهيري للخارج كحل وجودي يقيهم مخاطر القتل والإقصاء السياسي بكل أشكاله النمطية التي حفظتها ذاكرتنا وغذتها سردياتنا الدينية والثقافية التي دعمت بدورها فعل الانقسام فيما بيننا ، والشواهد كثيرة سننطلق من أبرزها تأثيرا و أكثرها إيلاما وهي الحرب العراقية الإيرانية التي راح ضحيتها أكثر من مليوني قتيل فلو تعمقنا في طبيعة هذه الحرب سنجد ان دافعها الشكلي او الخارجي هو يحمل خطاب الدفاع عن عروبتنا وهويتنا الوطنية ضد المد الفارسي اي حرب ذات دافع وطني وقومي لكن في مضمونها الداخلي نجد أنها حرب او صراع طائفي وعرقي وإقليمي نقاتل فيه بالنيابة عن دول عربية وأجنبية دفعنا ثمنها غاليا ، حرب أنتجت لنا سلطة دكتاتورية جائرة قمعت الحريات وقتلت الحياة و زادت الانقسام الهوياتي وأضعفت دور العراق في المنطقة ،ليعود بعدها العراق الى نقطة البداية التي تشكل على أساسها ،وهي الهويات الاتباعية للخارج الإقليمي والدولي المتمثل في لحظة دخول الأمريكان وسقوط صنم الطاغية الهش ،لتكشف لنا زيف السلطة التي أرعبت جميع العراقيين عرب، وكرد ،سنة ، شيعة ، ومسيح ، ولكن ما زاد الطين بلة كما يقولون في العراق ان نفس هذه الأحزاب التي كانت تدعي النضال من اجل الحقوق والحريات والشعور بالظلم جاءت وهي تحمل في جعبتها نفس الإمراض السياسية والثقافية التي كانت مصابة بها الحكومات السابقة المتمثلة في تبعيتها الخارجية وهويتها الطائفية والعرقية وثقافة القتل والإقصاء والسرقة كمشروع بديل ضد الدكتاتورية ، متناسية أنها تدفع بالبلاد والعباد الى نفس فعل الدكتاتورية لكن بعناوين مختلفة ،حتى بات الكثير منا يفضل ا الدكتاتوري كحل امثل للخروج من المأزق .
في الختام ما تود قوله هذه الورقة هو: ان ثقافة الإتباع والتبعية للخارج هي احد اهم أسباب ضعفنا وخراب بلادنا ،فالفساد السياسي و الاقتصادي هو اهم سمات ثقافة الإتباع والتبعية للخارج الإقليمي لأنها عنصر داعم لوجودها السياسي وهي من أتت بهذه الأحزاب الى السلطة الممثلة بالأحزاب الرئيسية الثلاث :الشيعية ،والسنية ،والكردية ،التي تتحمل هذا الفشل والخراب الدائر اليوم من إفقار،وتهجير، وقتل ،ودمار، وسرقة المال العام ، وصراع طائفي وعرقي ، والأدلة كثيرة ومن أهمها دخول داعش الذي جاء كنتيجة حتمية لهذه الثقافة فبحجة التهميش والإقصاء تعاطف السنة مع داعش لأنها تمثل خيار سني عربي خليجي كحل يحفظ لها تاريخها بالحكم لكن جاءت النتائج عكس ما يريدون حيث دمرت اغلب المدن السنية وبحجة الدفاع عن المذهب والطائفة والسماح لإيران بالتدخل السياسي والاقتصادي مما ساهم في ضعف سلطة الدولة وسهل من سرقة الأحزاب الشيعية المال العام وأضعاف دور الجيش، وبحجة القومية والدولة الكردية التي لا يمكن لها ان تقوم الى بضعف المركز انسحبت القوات والكردية من الموصل مما عجل ذلك بدخول داعش وبدأت بالاستحواذ على كركوك وباقي المدن المحيطة به ا بدعم أمريكي تركي وبالتالي تتحمل هذه الأحزاب بفعل تبعيتها الجزء الأكبر من تدمير العراق ودخول داعش هذه المجموعات الدينية القذرة التي حطمت تاريخ وحضارة العراق عبر ألاف السنين وشردت وقتلت كل أشكال الحياة الإنسانية المتمدنة بحجة الدين والخلافة ،وعلية تكون ثقافة التبعية والإتباع هي اهم أسباب الفشل الذي نحن عليه اليوم من انهيار كامل للبلاد والعباد فنحن وفق رؤية هذه الدول والأحزاب لسنا سوى أدوات ووقود حرب بيد دول الخارج بكل توجهاتها الدينية والعرقية والسياسية تبعيتنا للخارج هي سر فشلنا لذلك نحن نعاني من القتل والإقصاء والحرمان كل يوم .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. روسيا تتهم أوكرانيا.. هل قدمت الدعم للتنظيمات المسلحة في سور
.. جدل في إسرائيل بعد انتقاد المتحدث باسم الجيش قانونا صدق عليه
.. قوات المعارضة السورية تقترب من تطويق مدينة حماة شرقا وغربا
.. شاهد| لقاء شقيقين سوريين بعد فراق 8 سنوات في حلب
.. أكثر من 17 شهيدا إثر قصف الاحتلال مواصي خان يونس جنوب قطاع غ