الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة المليشيا.. وصناعة الحقد

زيرفان سليمان البرواري
(Dr. Zeravan Barwari)

2015 / 11 / 16
السياسة والعلاقات الدولية


دولة المليشيا.. وصناعة الحقد !! زيرفان البرواري
إن الحديث عن العراق كدولة بات أقرب إلى الفرضية منها إلى الواقع، بل أصبح مثلا يضرب به في قياس الأنظمة والدول الفاشلة، أما الإنسان العراقي هو الآخر يعيش أسوء مراحل تاريخية لا تختلف عن تلك المراحل التي مرت على أهالي ما بين النهرين في العهود التاريخية الغابرة، وكذلك في التاريخ المعاصر لهذه المنطقة.
إن الفراغ في القوة تفرز نتائج خطيرة على الاستقرار السياسي والأمني للمجتمعات البشرية؛ خاصة في ظل النظام العالمي الجديد وعصر الدول القومية. وبالنسبة للعراق فمنذ الاحتلال الأمريكي تم تسليمه لنخبة فاسدة لا تنتمي للوطن، ولا تشعر بالماساة التي مر ويمر به الفرد العراقي الذي لم يذق طعم الاستقرار جراء مغامرات القائد الاسطورة في فترة صدام، وتحول معاناته إلى كوابيس الميليشيات وتقديس الرايات والشعارات وتشريع القتل، وتقديس الفاسدين، والعمل وفق الأجندة الأقليمية التي لم يقف يوما في التدخل السلبي في شوون العراق.
وبعيدا عن السرد التاريخي، السؤال الذي يطرح نفسه اليوم، من يحكم العراق؟ هل العراق كدولة ما يزال له بقاء؟ هل هناك فرق بين ميليشيات تعمل وفق أجندة مذهبية وتقتل باسم آل البيت؛ مع داعش الذي يقتل الناس باسم رب آل البيت؟
إن الأزمات السياسية والأمنية التي تمر به العراق منذ الاحتلال الأمريكي أفرزت نخبة فاسدة لم تكن لديها الدراية الجيدة في إدارة الدولة، ولم تع المعادلات الداخلية والخارجية في إدارة بلد مقعد كالعراق، ففي البعد الداخلي رسموا سياسة البلاد على الكره والعنصرية المذهبية على درب العنصرية القومية التي سبقت الاحتلال، بل وسارع النخبة الجديدة على تقديس التصرفات والممارسات الخاطئة لتعبئة الطبقات الفقيرة، وتهيئة المشاعر العاطفية في إدارة الشارع العراقي، حيث يوفر لهم الفرصة في الاستمرار بالفساد المالي والإداري وإهدار المال العام لصالح عوائلهم وأُطرهم الأيدولوجي والحزبي، وبذلك تحول حكام العراق إلى أبرز أغنياء العالم، واستمر التفاوت الطبقي في الداخل وازداد التخلف وتجذر الجهل، وفي ظل الأنظمة الفاشلة تعد الأمن والتخويف من أبرز الأوراق في اخضاع العامة لرغبات الفئة الحاكمة، فالمالكي بدأ يتصدق على الشعب العراقي من خلال تقليل نسبة القنابل والانفجارات في عاصمة الرشيد، وكأن الشعب العراقي حلم بالقائد الملهم السيد المالكي الذي حوَّل العراق إلى قائمة الدول المتصدرة في ملفات الفساد!
من يحكم العراق؟
إن العراق منذ بداية تسلم المالكي لرئاسة الوزارء ينقاد من قبل الدول الإقليمية بل وتحوَّل العراق إلى ساحة التصفيات السياسية بين أكثر من طرف، فالولايات المتحدة كانت تخاطب طهران عبر العراق والعكس صحيح، وبعد الربيع العربي استمر انجازات المالكي من خلال تقوية الدول الإقليمية للعراق، وأصبح العراق تدعم النظام السوري بالمال والمليشيات الطائفية؛ رغم الممارسات الهمجية التي مارستها النظام البعثي السوري من سنة ٢-;-٠-;-٠-;-٣-;- ولغاية ٢-;-٠-;-٠-;-٨-;- ضد العراقيين بإرسال الجماعات الإرهابية وخلايا الوت،وبدلًا من أن ينظر القادة العراقيين إلى إضعاف النظام السوري من ناحية استراتيجية لصالح العراق؛ اختاروا العمل وفق الاصطفاف الإيراني والانشغال بالشعارات العاطفية التي لم تجلب للعراق سوى المزيد من الدمار والمعاناة؟
إن بغداد لا تمتلك قرارها الذاتي، ولا يوجد قائد أو عقلية سياسية تمل الفراغ النخبوي الذي حصل في العراق جراء احتكام الأمور إلى غير أهله، مما تسبب في صيرورة البلاد عن طريق هولاء من سيء إلى أسوء، فالمالكي على سبيل المثال يعد حجر العثرة في أي عملية إصلاحية أو محاولة إبعاد السياسة عن المذهبية والعواطف التي تسيء إلى التعايش السلمي بين مختلف الأطياف العراقية.
إن الشعب العراقي منذ المظاهرات التي اندلعت في معظم المحافظات العراقية عبر عن استيائة للفشل النخبوي في العراق، فالعيش الكريم والحريات العامة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية من المحال تحقيقة في ظل استمرار النخبة الراهنة؟
إن العراق كونه بلدًا لا يزل موجودًا على الخريطة السياسية للعالم، ولكن في واقع الأمر كل محافظة تعتبر دولة بحد ذاتها، من خلال تحكيم كل حزب بما يشتهي من دون أي اعتبار للمبادىء الديمقراطية أو الأسس المشتركة بين أطياف الشعب العراقي.
إن احتكام الأمور في العراق إلى المليشيات، وإدارة البلاد من قبل مجاميع مصلحية؛ اتخذت من تسليح المدنيين سوقًا لتمرير بضاعتهم الفاسدة تبعث بمستقبل قاتم للأجيال القادمة.
وإن أخطر الظواهر التي تعيشه البلد في الوقت الراهن تكمن في الحرب المقدسة، وتقديس الرايات؟ فالميليشيات المدعومة من قبل الحكومة تقتل باسم آل البيت، وداعش تقتل باسم رب آل البيت، وإن التعبئة غير المسوولة في المناطق الحساسة والمتنازع عليها تعبر عن فشل حالة الدولة في العراق، وكيف أن مصير الشعب بات بإيدي أفراد لا يعبون بالقتل، ولا يعرفون معنى للتعايش السلمي واحترام كرامة وحقوق الإنسان، إن تسليح الحشد الشعبي وتوفير الموارد المالية لها قد حل محل الجيش المهني، ولم يعد من الممكن الحديث عن المعايير الوطنية في عمل المؤسسات الأمنية والعسكرية؟
إن داعش والميليشيات الشيعية التي تقتل باسم الدين؛ وجهان لعملة واحدة وهي الإرهاب، لأن الارهاب والتهريب سواء مارس ضد العراقيين في الوسط أو الجنوب، أو في كوردستان تظل إرهابا، وإن العراق لم تقم له قائمة في ظل النفوذ العسكري للميليشيات، واستمرار ادارة البلاد من قبل الطيف السياسي الذي اثبت فشله لسنوات متتالية؟
إن التاجيج الطائفي وفتح جبهة مع الكورد في طوزخرماتو وكركوك؛ يعد التلاعب بالنار، ولو حدث أي تصدام فعلي بين الكورد والشيعة فالنتائج ستكون كارثية؟ وعلى الحكومة والأحزاب العراقية والعقلاء في العراق الاختيار بين حكم المؤسساتية؟ أو الانجرار إلى حرب لا يحمد عقباه؛ من بدءه ومن يعمل على إثارته في الداخل والخارج.
واخيرا على الأطراف الكوردية العمل على تقوية الجبهة الداخلية، والوقوف أمام ممارسات نوري المالكي الذي طالما حلم وعمل على إشعال الحرب الأهلية في العراق، فهو المهندس في تدمير البنية التحية للعراق، وهو السبب الرئيس لاحتلال الموصل من قبل داعش، وهو العقل المدبر للانتهاكات التي حدثت مؤخرًا ضد الكورد في المناطق المتنازع عليها من خلال إثارة النعرات الطائفية، ويبدو أن استدراك الأحداث والمعطيات من الأمور المعقدة على النخبة الحاكمة في العراق، وهو ما سينعكس على البحث عن البدائل، وكل طيف يدعو دولة إقليمية لحمايته من الطيف الآخر.. وبذلك سوف ترفع أجهزة التنفس الاصطناعي على جسد العراق .. ويعلن حالة وافاته رسميًا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات إسرائيلية ومؤشرات على تصعيد محتمل مع حزب الله | #غ


.. سائق بن غفير يتجاوز إشارة حمراء ما تسبب بحادث أدى إلى إصابة




.. قراءة عسكرية.. المنطقة الوسطى من قطاع غزة تتعرض لأحزمة نارية


.. السيارات الكهربائية تفجر حربا جديدة بين الصين والغرب




.. طلاب أميركيون للعربية: نحن هنا لدعم فلسطين وغزة