الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإستعمار والإقطاع الديني والسياسي , عماد الثورة المضادة - 1 - على جدار الثورة السورية - 107

جريس الهامس

2015 / 11 / 16
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


دروس من التاريخ القريب :
============== كان للثورة الفرنسية الكبرى عام 1789 والقوانين والتشريعات التقدمية التي صدرت عنها أثرها الكبير على جميع شعوب العالم الطامحة للحرية , بنسب مختلفة حسب وضع الطبقة الإقطاعية التي كانت سائدة في كل بلد وموقع الدين والكهانة إلى جانب سلطة الإستبداد فيه ...إنتصرت الثورة الفرنسية وتميزت عما سبقها من ثورات وإنتفاضات لأنها كانت بقيادة بورجوازية المدن المتقدمة عبر تطور وسائل الإنتاج في المدينة من الإنتاج الفردي المحدود للنول اليدوي الفردي إلى تجمع العمال المنتجين في نظام ( المانيفاكتورة الأكثر تطوراً نحو الصناعة الاّلية الحديثة ) ذات الإنتاجية الإنتقالية.. كما كانت تمتلك برنامجاً ثورياً عنوانه " الأرض لمن يفلحها " والقضاء على الإقطاع ونظام ( الأقنان ) الملكي إلى الأبد وعزل الكنيسة عن السلطة والدولة ..
وصلت مبادئ هذه الثورة إلى مشرقنا عن طريق التجارة والمستشرقين , ثم عن طريق حملة نابليون بونابرت إل مصر 1798 – 1799 وما تلاها من سيطرة محمد علي السلطة في مصر , وتحرير جيشه بلاد الشام من الإحتلال العثما ني بقيادة إبنه إبراهيم عام 1830 .

وكما لم يعد حكم الإحتلال التركي ظِل الله والخلافة على الأرض بعد هزيمة جيوش الباب العالي أمام جيش محمد علي الفتي في مصر والحجاز وبلاد الشام .. كذلك لم يعد حكم الإقطاع الهمجي المغلف بالدين الذي خلفه الإحتلال العثماني والعهود الظلامية الأخرى التي سبقته في إحتلال بلاد الشام مخيفاً للشعب المستعبد الجائع , الجريح , والمنهك من الإستبداد الهمجي المزمن - ومن دفع الضرائب وأعمال السخرة والتجنيد الإجباري لتحقيق فتوحات السلطنة وغزواتها لإستعباد وإفقار الشعوب الرازحة تحت إحتلالها الهمجي أربعة قرون بإسم الخلافة الإسلامية , الذي هزم لأول مرة على أبواب " فيينا " عاصمة النمسا ... ..


سأمر بهذه العجالة عل الثورات الشعبية الطبقية في لبنان التي أطلق عليها إسم ( العاميات الشعبية ) ضد الولاة الأتراك وضد أجرائهم المحليين وجباة الضراب لهم في لبنان كله من الإقطاعيين ورؤساء الطوائف الدينية المسيحية والدرزية والمسلمة الملتفة حول أمير الإقطاع ( بشير الشهابي ) -

لقد أثبتت هذه الثورات الشعبية التي إلتفّ حولها الفلاحون الفقراء وسائر الشغيلة البؤساء في الريف والمدينة أن شعباً صغيراً متوحداً بإمكانه هزيمة إمبراطورية إستعمارية كبرى تقود مؤامرة ضخمة لإبقائه في صف العبيد والأقنان .. فالشعارات الطبقية البسيطة التي طرحتها عاميات ( أنطلياس ولُحفد والمتن وجبيل بتاريخ 1820 -- 1821 وغيرها وصولاً إلى ثورة الفلاح الفقير" طانيوس شاهين " عام 1858 , في كسروان ...هي التي وحدت الفلاحين الوطنيين اللبنانيين الذي تمردوا , ومرّغوا هيبة إمبراطورية " أل عثمان " وزعماء الإقطاع الزراعي والإقطاع الديني التابعين لها في لبنان , بوحل الهزيمة والعار ..
وبشعاراتهم الطبقية البسيطة إنتصروا مثل : رفض دفع الضرائب لجباة الأمير بشير الشهابي الإقطاعي المحلي حاكم لبنان . وللوالي التركي عبدالله باشا - التابع للباب العالي في عكا مرتين في العام .. ورفض أعمال السخرة المجانية سواء كانت لخدمة الإقطاعيين , أوالتي كانت السلطات التركية وأتباعها تفرضها على الفلاحين دون أجور ولا طعام ,. ورفض التجنيد الإجباري الذي كا ن يدعى ( السوقيات ) لسوق شبابنا إلى الموت مجاناً في جبهات الغزو العثماني للبلدان الأخرى المختلفة من البلقا ن شرقي أوربا إلى المغرب العربي إلى جنوب القارة السوداء أفريقيا .

وكانت هذه الشعارات تجمع حولها الأكثرية الساحقة من الناس ومن عنصر الشباب خصوصاً ..وتوحدهم من مختلف تكوينات الشعب الدينية والقومية والمذهبية .. وتجلت هذه الوحدة في إجتماع - أنطلياس – التاريخي الذي عقده الفلاحون الثائرون على الإقطاع الذين يحملون السلاح رغم وجود بعض ممثلي الإقطاع الذين رضخوا لمطالب الفلاحين العادلة ,, الأمر الذي أرغم الأمير بشير الشهابي وشبيحته إلى الهرب من بيت الدين والشوف إلى حوران ليحتمي بالجيش التركي .. وأقض إتحاد الفلاحين مضاجع الإقطاعيين فاستنجدوا برجال الدين من مختلف طوائف لبنان ليقوموا بلعبة المصالحة بين الفلاحين والإقطاع لكنهم فشلوا .
وإمتد لهيب الثورة شمالاً... فرد عليهم فلاحو جبيل شمال بيروت التي كانت تزرع شجر التوت لتربي عليه ( دود القز ) الذي يصنع الحرير الطبيعي وقد إشتهرت به .. - ومن المصادر اللبنانية التاريخية أن لبنان كان ينتج عام 1913 ستة ملايين كيلو من شرانق الحرير بالسنة وكان يصدر معظمها إلى أوربا –


رد فلاحو جبيل وريفها الجبلي على ظلم وبطش الأمير بشير وجُباته وشبيحته بإنتفاضتهم الخالدة التي أطلق عليها : ( عامية لحفد ) نسبة لمعركة الثوار مع جيش الشهابي ,, فوق الشير الجبلي الذي أشتهر في المجزرة الأخيرة قرب قرية ( لحفد ) الجبلية على أشلاء مئات الضحايا من فلاحي جبيل الذي إستشهدوا بإلقاء أنفسهم من شير- لحفد - ضد حكم بشير الشهابي طاغية لبنان وخادم والي عكا صنيعة السلطان التركي . مفضلين الإستشهاد على الإستسلام له ..
وإذا كانت العاميات الشعبية الرائعة في لبنان بدءاً من عامية أنطلياس الواسعة الإنتشار 1820 و عامية " لحفد " عام 1821 وما تلاها من الإنتفاضات التي قصمت ظهر الإقطاع في لبنان وسورية , وأرغمت حاكم لبنان الأمير" بشير الشهابي " على الفرار إلى حوران جنوب سورية .1820. كما أدت ثورة 1839 -- 1840 لهزيمة جيش إبراهيم باشا المصري الذي إنسحب من بيروت مع جيوشه مهزوماً بعد أن قصفها بمدفعيته قصفا مدمراً ..كما أرغم حليفه الأمير بشير الشهابي على الفرار إلى مالطة , واستقر فيها تلا ذلك ثورة كسروان ضد الإقطاع السياسي والديني بقيادة البطل ( طانيوس شاهين) الذي قال عنه الكاتب التقدمي اللبناني -- يوسف خطار الحلو -- مايلي : (إن فلاحي كسروان تمكنوا من إعلان ثورتهم ضد الإقطاعية سنة 1859 بقيادة البطل ( طانيوس شاهين ) وقد حطموا النظام الإقطاعي , وأقاموا حكماً شعبياً جمهورياً , قضى على الإقطاعية في كسروان ,, كان الأول من نوعه في الشرق – يوسف خطار الحلو – العاميات الشعبية في لبنان – ص 107 – دار الفارابي ) –

..... لابد بعد هذه اللوحة الثورية الرائعة الشبه مطموسة في تاريخنا من معرفة أسباب فشلها ؟؟؟. بعد إنتصاراتها الميدانية الخالدة .. وقد إنطلفت هذه الثورات وانتصرت في مشرقنا العربي بعد عقود قليلة جداً من إنتصار الثورة الفرنسية الناجحة التي نقلت فرنسا وأوربا من ظلامية القرون الوسطى وحكم الإقطاع والكنيسة ... إلى عصر الأنوار والتقدم الليبرالي الذي وضع العالم على سكة التطور إلى مرحلة البورجوازية الجديدة والحرية والعقد الإجتماعي ومبدأ فصل السلطات – وفصل الدين عن الدولة – وإلغاء النظام الإقطاعي برمته وتطبيق مبدأ ( الأرض لمن يفلحها ) ومساواة المرأة مع الرجل في جميع الحقوق والواجبات في النظام الجمهوري المدني الجديد .. فلماذا فشلت عاميات وثورات لبنان وسورية و إنتصارات محمد علي في مصر في القرن التاسع عشر وإنتصرت في أوربا وغيرها .... هذا ماسنجيب عليه في المستقبل القريب إنشاء الله ؟؟ - لاهاي –
المصادر
====
- المطران يوسف الدبس – تاريخ سوريا – المجلد الرابع
- أوراق لبنانية – يوسف إبراهيم يزبك
- العاميات الشعبية في لبنان – يوسف خطار الحلو
- بيروت ولبنان في عهد اّل عثمان – يوسف الحكيم
- وثائق اساسية في تاريخ لبنان – د. عبد العزيز نوار
- وغيرها – لاهاي - 15 / 11








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رولكس من الذهب.. ساعة جمال عبد الناصر في مزاد


.. Socialism 2024 rally




.. الشرطة الألمانية تعتدي على متظاهرين مناصرين لغزة


.. مواطنون غاضبون يرشقون بالطين والحجارة ملك إسبانيا فيليب السا




.. زيادة ضريبية غير مسبوقة في موازنة حزب العمال تثير قلق البريط