الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الارهاب ونظرية سلب العقول أو شلها بالصدمة

خالد الصلعي

2015 / 11 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


الارهاب ونظرية سلب العقول أو شلها بالصدمة
********************************
امام الرواية الرسمية التي نقلتها السلطات الفرنسية حول العملية الارهابية الأخيرة بباريس ، وعممتها جميع وسائل الاعلام العالمية ، ان نقف لحظة امام نفسنا ونطرح بعض السئلة البسيطة تجاه ذواتنا . فنحن امام رواية تسخر من عقولنا وتستهزئ بذكائنا .
علينا اذن اعادة الاعتبار للعقل كأداة وكقوة للتعليل ، فالعالم المعاصر وبدفع قوي من أعتى أسلحته الجديدة المتجددة ، وهي الاعلام ، هو عالم مقولب ومسير . هنا تخرج لنا نظرية الجبر والاختيار بعنفوان امبريالي رهيب . ليس بدافع ديني ، بل بدافع اقتصادي داخل جبة حضارية ملعونة .
وقد تلبس الارهاب اليوم ثوب التغطية على العقل ، اذن فهو وظيفيا اذا أردنا الاستئناس بالنظرية الوظيفية ، يتم ، وقد تم توظيفه بكثافة واضطراد للهيمنة على عقول الناس ، بعد الهجوم على عواطفهم وتدميرها . فنحن مثلا اذا انتخبنا منطق الأولوية فان أي عقل او رؤية عادلة ستصطف ضد الجريمة الأكبر، ثم الكبيرة والمتوسطة فالصغيرة ، ثم الأصغر ، وان كانت جريمة قتل النفس في الثقافة الاسلامية توازي بين النفس الواحدة وبين مجموع الأنفس . لكن منطق الانسان يبقى أبدا دون تشريع خالق الانسان مهما تبجح لفظا ونظرية .
فتاريخ ما يسمى بمحاربة الارهاب مرتبط بثقافة امريكية محضة ، لكن امريكا وبشهادة أكثر من باحث ، ولنأخذ أمثلة من ابنائها كالمفكر تشومسكي ، والمخرج هوارد دين وغيرهما ، يرون أن النظام الأمريكي أكبر ارهابي على وجه الارض .لكن سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على ما يفوق من 80 في المائة من الاعلام الكوني تجعلها في موقع يمكنها من حجب مثل هذه الاعترافات والشهادات والحقائق .
وقس على ذلك ما تصنعه فرنسا وانجلترا ، وقد اعترف مؤخرا رئيس وزراء انجلترا السابق امام قناة اعلامية أمريكية بارتكابه مع جورج دابليو بوش جريمة اجتياح العراق بناء على تقارير كاذبة ومزيفة . واذا ما عدنا الى الوراء قليلا لنقارن عراق اليوم بعراق الأمس ، فسيغمى علينا اذا ما وقفنا أمام هول الجرائم التي حدثت على يد الحلفاء الغربيين وخاصة امريكا وانجلترا وبمباركة عربية بحق العراق والعراقيين .
لكن اللعبة اليوم تغيرت فأمام نظرية الجيل الرابع من الحروب التي أسس لها أحد فطاحلة الاستراتيجيين الأمريكيين هو وليام س ليند ، تغيرت اللعبة كليا ، فالعرب لم يعودوا سوى أدوات لحروب تشن بالوكالة ، والارهاب سيظهر صنيعة أيديهم وأشراره الوحيدون . لكن قراءة في سيكولوجية العرب وفي عقليتهم تمنحنا تأكيدا راسخا ان بعض العمليات الارهابية لم يكن بالامكان التخطيط لها بعقل عربي صرف ، وان كان تنفيذها بأيديهم ، ومن تتبع تصريحات كثير من الشخصيات الفكرية والسياسية والعسكرية اثر أحداث شارلي ايبدو الارهابية التي وقعت أيضا في فرنسا ، سيدرك حقيقة الأمور .
هكذا صار الارهاب يلعب وظيفة أكثر قذارة منه , فمن أجل غزو العراق ضحت أمريكا بأكثر من 2000 مواطن امريكي في احداث 11 أيلول 2001 ، وليس بعيدا ان تضحي فرنسا ب129 مواطن او يزيد قليلا من اجل منازعة دور روسيا في سوريا ، خاصة اذا استحضرنا التاريخ وعرفنا ان سوريا كانت تشكل اهم مستعمرة فرنسية في القرن الماضي ، وقد خرجت منها بشكل جزئي . لكنها اليوم وجدت نفسها خارج اللعبة ، فسوريا أصبحت منطقة تنافسية بين الولايات المتحدة الأمركية وروسيا حصريا ، مع اهمال شبه كلي لفرنسا وتاريخها بالمنطقة .
وللعودة للمنطقة لابد من تضحيات كبيرة ، وان كانت جزءا من الشعب الفرنسي , وليس هناك من طريقة لاستدرار عطف الجماهير من احداث مجزرة ضخمة في أوساط الأبرياء .
فالارهاب ، ولناخذ مثال ما حدث مؤخرا ببياريس ، تعامل معه الجميع في شكله الظاهر ، أي في شكله السطحي ، وقليلون من حاولوا مقاربته في بعده الخفي والمحجوب . قام الجميع بتنديد هذه البشاعة ورفضها ، وهي بشاعة مباشرة ، تمس الاحساس والشعور والعواطف اول ما تمس ، فيأتي رد فعل الغالبية الساحقة التي تفوق معدل 99 في المائة انفعاليا خالصا ، وتعمل وسائل الميديا على طبع هذه السطحية بتغذيتها بمقاربات تلامس قشرتها الفوقية . بينما تفكير بسيط في الحدث الارهابي سيقودك الى أسئلة ورائية ، الى دوافع متوارية ؛ من قبيل كيف يمكن لأحداث بهذه الدرجة من الدقة أن تكون من تدبير حركة عشوائية ؟ وكيف لها ان تجد تحققها فقط في فرنسا وليس في بلد آخر كالولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا مثلا ؟ . من سهل ادخال كل ذلك العتاد الحربي الى بلد زاد من تحصيناته الرقابية الضعفين قبل ثمانية أشهر فقط ؟ ، وهل هؤلاء المنفذون من قاطني وسكان باريس ؟ كيف تم توزيعهم بعناية عسكرية على تلك المواقع الثمانية ؟ . ولماذا تماهى عدد المتورطين الارهابيين -8- بين البيانات الرسمية للسلطات الفرنسية وبين بيان داعش ؟ . مع العلم ان آخر تقارير الحادث تعلن ان ثمانية مناطق كانت موضع تواجد الارهابيين ، بينما تم الاعلان عن موت أربعة بقاعة باطاكلون وحدها ، وثلاثة بملعب باريس ، والثامن بمطعم بالمنطقة العاشرة . واذا كان الامر كذلك هل نوزع الباقي وهو "صفر " على خمسة أو أربعة مواقع أخرى ذكرتها تقارير السلط وتناولتها القنوات الاعلامية الفرنسية ؟ . وماذا عن الشخص المبحوث عنه والمدعو "عبد السلام صلاح " ؟ . ونحن حتى اذا تتبعنا رواية المدعي العام الفرنسي الذي يقول ان الارهابيين توزعوا على ثلاث فرق اشتغلت على سبع او ثماني نقط ، فان سؤالا ضخما يفتح في وجه جهاز الأمن الفرنسي ، اذ في هذه الحالة نكون امام انتقال سلس وسهل للارهابيين من منطقة الى أخرى وكانهم في نزهة وليسوا بصدد ترويع امن وسلامة الفرنسيين ، وهذا يعني أن باريس المحصنة امنيا كانت فارغة من الأمن أثناء العملية الارهابية .
فهل يعقل هذا ؟ .
ان ايادي خفية تدخلت في صنع فاجعة باريس وهذا واضح . فهناك في علم النفس ما يصطلح عليه بالعلاج بالصدمة ، وليس بعيدا في ظاهرة الارهاب ان يتم ، ليس قصف العقول حسب عناوين أحد الكتب ، بل سلب العقول وشل ديناميتها كليا بالصدمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير دولي من كارثة إنسانية في مدينة الفاشر في السودان


.. أوكرانيا تنفذ أكبر هجوم بالمسيرات على مناطق روسية مختلفة




.. -نحن ممتنون لكم-.. سيناتور أسترالي يعلن دعم احتجاج الطلاب نص


.. ما قواعد المعركة التي رسخها الناطق باسم القسام في خطابه الأخ




.. صور أقمار صناعية تظهر تمهيد طرق إمداد لوجستي إسرائيلية لمعبر