الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة المدنية وضبط السلاح السائب

زيد كامل الكوار

2015 / 11 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


معلوم أن المجتمع العراقي بغالبيته ينحدر من أصول ريفية فلاحية أو بدوية، ونسبة سكان المدن إلى سكان العراق قليلة، لا سيما بعد التغييرات الديموغرافية التي حدثت في العراق على مراحل وفترات زمنية متعددة امتدت منذ الهجرة السكانية الكبرى لسكان المحافظات الجنوبية إلى بغداد مطلع الستينات من القرن الماضي، وما تلتها من نزوح الكثير من الموظفين والعسكريين الذين سكنوا المدن ليكونوا قريبين من أماكن عملهم، وقد أدت هذه الموجات المتقطعة من الهجرة إلى زيادة سكان المدن الذين ينحدرون من أصول ريفية أو بدوية، وكانت تلك الزيادة في السكان قد أدت فيما بعد إلى تغيير في المنظومة القيمية للمدن التي تأثرت بصورة مباشرة بتلك الثقافات المتباينة التي غزت المدن وفرضت جزءا من ثقافتها على المجتمع بحكم التأثر المباشر نتيجة الاختلاط الكبير والمباشر، وقد أدى ذلك التأثير إلى شيوع الكثير من القيم الراقية في المدن بسبب تلاقح الثقافات فالتضامن شبه القروي في الأحياء السكنية وصيرورتها مجتمعا متماسكا أكثر من ذي قبل كان نتيجة زيادة أهل القرى وتمثيلهم جزءا كبيرا من أهل المدينة، على أن بعض سلبيات الريف والصحراء قد انتقلت أيضا إلى المدينة ومنها الأخطر والأهم ألا وهي عادة اقتناء السلاح التي يعتبرها سكان الأرياف ضرورة لا يمكن التساهل فيها فالسلاح جزء حيوي ومهم من تركيب شخصية القروي والبدوي، لكن هذا الأمر يتقاطع كليا مع مبادئ الدولة المدنية التي تشترط حصر السلاح بيد الدولة لضمان الأمن واستتبابه، على أن الذي حدث من انفلات أمني بسبب ضعف هيمنة وسلطة الحكومة على الملف الأمني ولد في المجتمع قلقا وانطباعا دعاه إلى الاعتماد على نفسه في حماية عائلته وتأمين الأمن الشخصي له، إثناء فترة انفلات الأمن الخطر في الأعوام التي تلت 2005 حتى عام 2008 الذي شهد نوعا من الاستتباب الأمني في الشارع العراقي، وقد رأينا نحن العراقيين من السلاح واقتنائه ألوان المآسي والويلات التي طالت الأرواح البريئة التي تركت بفقدانها في ضمير العراق جروحا لن تندمل بسهولة وهنا تحديدا تظهر أهمية الدولة المدنية التي تحجم وتحاصر كل المكونات التي تحاول التجاوز على المجتمع ماديا ومعنويا فضمان الأمن الشخصي للمواطن من أهم غايات الدولة المدنية وتحقيق الأمن المجتمعي هدف أسمى للدولة المدنية كي تضمن للمواطن حقه في السفر والانتقال والسكن في أية بقعة من بقاع الوطن من دون خوف أو قلق منه على حياته أو ماله أو عائلته. فلا سلاح إلا بيد الدولة ولا جهات مسلحة أو ميليشيات مسلحة منفلتة تجوب الشوارع وتروع الآمنين، وما ذلك إلا لأن القانون في الدولة المدنية يعلو على كل المسميات والمكونات باسطا رداءه الحامي بلا تفريق أو تمييز بين مواطن وآخر على أساس عرقي أو ديني أو طائفي، فلا يحتاج المواطن أو يضطر إلى اقتناء السلاح حينذاك. وهنا سوف يتلمس المواطنون حسنات الدولة المدنية التي يكون فيها السلاح محصورا بيد الدولة القادرة على توفير الحماية الكاملة تحت ظل القانون، فالدولة المدنية وكما نسمع ونرى في الإعلام كيان ضامن لكلفة الحقوق والامتيازات على أساس المواطنة، والشرطة والجيش فيها تخضع لشروط عالية الضبط من حيث الكفاءة المهنية الاحترافية والخبرة العالية والالتزام بأن تكون مستقلة من حيث الانتماء السياسي، ومدربة على التعامل الإنساني واحترام حقوق الإنسان على اعتبار أن الإنسان هو الغاية الأسمى ، وعلى أساس أن القانون ولا شيء غيره ينظم العلاقة بين أفراد المجتمع من جهة والدولة المدنية من جهة أخرى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة نجل البرهان متأثراً بإصابته في حادث مروري بتركيا


.. أردوغان يعلن إغلاق باب التجارة مع إسرائيل وتل أبيب تبحث فرض




.. شاهد: خلال لقاء جمعه مع ناجين من المحرقة النازية.. نتنياهو ي


.. مفاوضات الهدنة: -حماس تريد التزاما مكتوبا من إسرائيل بوقف لإ




.. أردوغان: كان ممكنا تحسين العلاقة مع إسرائيل لكن نتنياهو اختا