الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البكاء عند أسوار سنجار

جعفر المظفر

2015 / 11 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


البكاء عند أسوار سنجار
جعفر المظفر
الحديث عن الخلافات الكردية العربية في العراق وخاصة حول ما يسمى بالمناطق المتنازعة ومثالها اليوم قضاء سنجار, هو حديث ذو شجون مركبة لخطورة أن يجري وفق مؤشرات قديمة ومتراجعة الأهمية.
لا تكمن مقاييس الوطنية في العراق بحب مفتوح على الأرض دون الناس, فالسبت من أجل اليهودي كما يقال وليس اليهودي من أجل السبت, أما أغاني الوله الصوفي فتصلح أن يغنيها بطران لم يشهد يوما من أيام العراق الداميات المهلكات.
إن أبشع أخطاء السياسة هي أن تسقط مفاهيم وحلول لمرحلة سابقة على مرحلة لاحقة دون أن تأخذ بنطر الإعتبار مجمل المتغيرات الأساسية الجديدة التي غالبا ما تأتي الأحكام دونها بمثابة أخطاء وليست حلول.
لنقف عند سنجار تحديدا, مدينة الإيزيديين التي هزت مأساتهم العالم كله. في هذه المدينة التي حررها البيشمركة لن تجد إيزيديا واحدا سيتعاطف معك حينما تتحدث معه حول وطنيتك المغلقة على مرتكزاتها الماضوية.
منذ لحظة الإحتلال الداعشي لأرض السنجاريين فقد بدأ تاريخ جديد لهذه المدينة ومنذ لحظة تحريرها على يد البيشمركة فقد بدأ مستقبلها الجديد, ولا أظن أن سنجاريا واحدا سوف يقبل بالخرائط القديمة, لا لأن الكورد قد حرروه من داعش فإستحقوا بذلك الجائزة ولكن لأنه سيظل يعايش رهبة ورجفة إحتلال أراضيه من جديد, وهي أخطار تعيد بلا شك تعريف الوطن والوطنية مؤكدة على أنها مستقبل أكثر من ماضي.
لقد نظرت إلى جميع الشرائط المصورة التي تستعرض حياة الإيزيدين فرأيت الأغلبية منهم يرتدون السروال الكردي وسمعت الأغلبية منهم لا يتحدثون العربية بل الكردية, وقرأت عنهم أنهم أقوام ذا أصول هكارية وكل ذلك يجعلهم أقرب للأكراد إن لم يجعلهم أكرادا.
والمؤكد أن الدول لا تتأسس أو تتوسع أراضيها إعتمادا على قراراتها المحلية, وضم سنجار أو غيرها من المناطق, المقرة دستوريا كأراض متنازع عليها, لا يعتمد بالنهاية على قرار من طرف واحد بل هو خاضع دستوريا إلى قبول الطرفين بإشراف طرف ثالث كالأمم المتحدة أو مجلس الأمن. والمعني هنا أن الأكراد لا يملكون كامل الحرية لضم أية منطقة من المناطق المتنازع عليها دون أن يوفروا لذلك غطاء دستوريا أو دوليا.
والكورد هم من ضمن صناع الدستور الحالي, بل من أهم صناعه والمستفيدين منه, لذلك لا أظن بأنهم سيتضررون في قضية سنجار إذا ما لجأوا إلى الدستور نفسه. وإلى أن يحدث ذلك وجب أن يكون قرار الضم مؤقتا, أما حكومة بغداد فعليها أن لا تتطاير من قرار الضم ولا تلعبها وطنيا أو قوميا لأنها حكومة محاصصات طائفية وقومية, وللتلطيف فهي حكومة مكونات, وأرى أنها يجب أن تكون سعيدة بقرار الضم المؤقت لأنه يعفيها من مسؤوليات أمنية لا تساعد عليه السياسة ولا تساعد عليها الجغرافيا. وبإنتظار أن تتغير الأوضاع سياسيا وأمنيا وفكريا فإن الإيزيدين لن يكونوا ميالين بكل تأكيد لأن يكونوا ضحية للوطنيات المجوفة والمخادعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر عسكري: إسرائيل تستعد لتوسيع العملية البرية جنوب لبنان


.. لماذا يحتكر حزبان فقط السلطة في أمريكا؟




.. غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت والجيش الإسرائيلي يطلب إخلا


.. معلومات جديدة عن استهداف إسرائيل لهاشم صفي الدين




.. الحرب على لبنان | لقاء مع محمد على الحسيني