الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علم من مدينتي محمود شكر محمود الجبوري

قحطان محمد صالح الهيتي

2015 / 11 / 16
سيرة ذاتية


لم يكن محمود شكر محمود الجبوري معلما لي فقط، بل كان وما يزال أخا كبيرا وصديقا عزيزا، عرفته قبل أن أكون أحد طلابه في متوسطة هيت للبنين. فقد عرفته من خلال نشاطه المتميز في إقامة المعرض السنوي لمدارس ناحية هيت في نهاية خمسينات القرن الماضي وفي بداية ستيناته، وعرفته أكثر حين تشرفت بأن أكون أحد طلبته في مادة الرسم في ثانوية هيت في مراحل الدراسة المتوسطة.
-
كان محبا لعمله ولنا، وحين يكون الفنان هكذا، يكون العطاء بلا حدود، وهكذا كان استاذنا محمود، فلم يبخل علينا بتوجيه او نصيحة فهو معلمنا ومرشدنا ليس في الرسم بل في تقويمينا من أجل النجاح والتفوق.
-
أتذكر اليوم وأنا اكتب عن هذا العَلم، أياما ما زالت عالقة في اذهان أبناء هيت رجالا ونساءً ممن عاشوا ذلك (العصر الذهبي) عندما تلبس مدرسة الكفاح حُلّة من البهجة مكللة بأطواق سعف النخيل وأغصان الزيتون، في أيام إقامة المعرض الفني السنوي لمدارس ناحية هيت ومن ثم قضاء هيت. وكيف كانت كل مدرسة تتخذ من أحد الصفوف (قاعة) لعرض ابداعات طلبتها الفنية في الرسم والخط والزخرفة والسيراميك.
-
أتذكر كيف كانت الأنفاس تتقطع منتظرة نتيجة السباق لتعلن المدارس الأولى على البنين والمدرسة الأولى على البنات. أتذكر الست عفيفة ومعلماتها وهن يلبسن في تلك الأيام أزهى وأجمل الملابس بأحدث الموديلات وكأنهن في يوم عرس. واتذكر قاعتهن وما كانت تحويه من ملابس للأطفال والحياكة اليدوية الماهرة والشراشف المطرزة. واتذكر رائحة الكيك الذي كان يعد خصيصا للمسؤولين في حفل الافتتاح.
-
تذكرت اليوم وأنا اكتب عن محمود شكر محمود معلمات فاضلات ومربيات كريمات كان همهنّ تعليم اخواتنا الفن بأحلى صوره، واتذكر معلمين كراما كانوا قدوة لنا لنتعلم منهم الأخلاق والفضيلة. وتذكرت ذلك المعرض السنوي في العام 1961 حينما كنت طالبا في الصف السادس الابتدائي، كيف تم حجز ركن من قاعة معرض مدرسة النضال لموهبة بارعة في الرسم آنذاك هو الطالب خليل جبير صدف أحد طلبة الصف الرابع الابتدائي، وكم كانت رسوماته ولوحاته المرسومة ببساطة رائعة وجميلة ومعبرة.
-
ولادته ونشأته
-
ولد محمود شكر محمود الجبوري في هيت في عام 1928، ونشأ فيها وتربى في بيت من بيوتها الكريمة، بعدها دخل مدرستها الابتدائية، ونظرا لحبه للفن وبالأخص الخط العربي فقد وجد ضالته عند السيد حسين عز الدين ذلك الرجل الهيتي الطيب الورع التقي الزاهد الذي لم يبخل عليه منذ أن عرف برغبته في الكتابة والخط العربي حيث أهداه كراسة للخط العربي للخطاط التركي المعروف محمد عزت، وطلب منه الاطلاع عليها والتعرف على بعض اسرار الخط العربي.
-
لقد كانت تلك الالتفاتة الأبوية مبعث فخر للفتى محمود ودافعا له للتعلم أكثر، سيما وقد طلب منه السيد حسين أن يعود اليه بعد الاطلاع جيدا على الكراسة من أجل البدء بالدروس العملية في الكتابة والخط على وفق القواعد الخاصة بذلك خطوة خطوة بعد أن أعطاه قصبة الكتابة الخاصة بذلك. لقد اهتم ذلك الرجل الزاهد بتعليم محمود حبا للعلم ولينال الأجر والثواب. وكانت الكراسة والقصبة أجمل وأثمن ما قدم له في حياته.
-
تحصيله العلمي
-
بعد أن أنهى دراسته الابتدائية في هيت دخل دار المعلمين الريفية ببغداد حيث درس فيها لمدة خمس سنوات المنهج المقرر لإعداد الطالب ليكون معلما وفي تلك الدار أضاف لموهبته الكثير مما يخص الخط العربي من خلال مدرس الرسم فيها (قاسم الفنان) الذي كان له دور مهم في توجيهه ورعايته، وقد تخرج منها في عام 1951.
-
عمله ونشاطه العلمي
-
بعد تخرجه من دار المعلمين الريفية عين معلما في مدرسة هيت الابتدائية، وفي العام الدراسي 1959-1960 نسب لتدريس مادة الرسم في ثانوية هيت للبنين لعدم وجود مدرس مختص بتدريس المادة، وقام بتهيئة احدى القاعات في الطابق العلوي من المدرسة وجعلها مرسما فضلا عن أن درس الرسم للمراحل الدراسية كافة كان يقدم فيها، فقد كان المرسم بمثابة القاعة الدراسية نظريا وعمليا.
-
في ذلك المرسم نمت وتطورت مواهب الكثير من الطلبة من خلال الإشراف المباشر والمتابعة المستمرة لأستاذ الرسم محمود لطلبته حيث ترك لهم حرية التواجد والعمل في المرسم في أي وقت يشاؤون بعد أن وفر لهم ما يكفي من مستلزمات الرسم والخط والزخرفة. كما خصص جزءا من المرسم ليكون ورشة لتعليم الطلبة صناعة الفخار، وقد أبدع الطلبة بذلك.
-
في عام 1971 استقر في بغداد بعد أن نقل خدماته من وزارة التربية الى وزارة الداخلية، فاعتزل التعليم ومارس عمله موظفاً في شعبة الاعلام وسكرتيراً للمركز الاعلامي فيها، وفي عمله الجديد البعيد عن التعليم مارس الكتابة، كما كلف بإصدار نشرة دورية تغطي أنشطة الوزارة كافة كما كلف بأعداد برنامج تلفزيوني كان عنوانه (الادارات المحلية في المحافظات) وصدرت النشرة وبث البرنامج.
-
بعدها اعيد نقله الى وزارة التربية لا ليكون معلما او مدرسا في مدارسها، بل ليشارك في عضوية بعض اللجان المعنية في وضع المناهج وخاصة مفردات مادة الخط العربي التي تدرس في معاهد اعداد المعلمين، ولهذه المادة أهمية كبيرة في توجيه معلمي المستقبل أصول الكتابة والخط. كما اشترك في عضوية اللجنة المشكلة من قبل مديرية المناهج والكتب في وزارة التربية لوضع مفردات خاصة لكراريس الخط لمراحل الدراسة الابتدائية، كما اختير لإلقاء المحاضرات في مادة اصول تدريس التربية الفنية في المراحل الدراسية، وكذلك تدريس الاتجاهات الحديثة في تحسين الكتابة وتجويد أو تعليم الخط.
-
مؤلفاته
-
نشر بعض المقالات الخاصة بموضوعات الخط العربي والفنون الإسلامية في العديد من الصحف والمجلات التي تعني بهذه الأُمور مثل مجلة (آفاق عربية) و (المورد) فضلاً عن المجلات التربوية. أما أهم مؤلفاته فهي:
-
1.نشأة الخط العربي وتطوره، مكتبة الشرق الجديد، بغداد، 1974.
2.الخط العربي لدور ومعاهد المعلمين (مشارك)، بغداد، 1979.
3.الخط العربي والزخرفة الإسلامية – قيم ومفاهيم-: إربد، الأردن، دار الأمل، 1991
4. المدرسة البغدادية في الخط العربي، بغداد 2001م.
5. بحوث ومقالات في الخط العربي، دار الشرق، دمشق، 2005م.
6.مسيرتا الكتابة والخط وتطورهما في بلاد الشام، دار الشرق، دمشق، 2011.
7.الاتجاهات الحديثة في تحسين الكتابة والخط العربي، دار دجلة، 2012
-
لقد قدم لنا هذا العلم الكثير فكان حقا له أن اذكره، وأن أقدم لكم بعضا من سيرته العطرة أطال الله في عمره ومده بالصحة والعافية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حراك دبلوماسي لافت بشأن مفاوضات التهدئة في غزة


.. كأس أوروبا.. ما حظوظ المنتخبات الأربعة في الدور نصف النهائي؟




.. مؤتمر القوى السياسية المدنية السودانية يعقد في القاهرة


.. في ظل الحرب.. سيدة تحوّل منزلها في الجنوب اللبناني إلى مصنع




.. ما أبرز ما أوردته الصحافة الدولية بشأن الحرب الإسرائيلية على