الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقف ودوره المفترض في الدولة المدنية

زيد كامل الكوار

2015 / 11 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


لا تستقيم الأمور في أي بلد كان من دون اتخاذ المثقفين قدوة وقادة اجتماعيين على الأقل لذلك البلد، فالمثقف الفاعل في أي بلد لا تكون فاعليته حقيقية فعلية من دون الانصهار في المجتمع والتماهي مع شرائحه بغية القيام بدوره الحقيقي على أكمل وجه وأتمه. ووسط كل هذا العالم الذي يعج بالعنف العبثي المفرط، لم يجد المثقف العربي الشجاع فرصة أو مجالا تعويضيا وإبداعيا سوى البحث عن ملاذات "شعرية" ليطمئن على خزائن روحه من الخراب، وعلى ما تبقى من توازنه القومي واللغوي، إذ تصطنع الدول والجماعات حروبا كلية تمسّ الجسد والنص والفكرة والمعنى.
لعبة البحث عن هذا الملاذ الاضطراري بدت وكأنها الأقرب إلى ممارسة طقس تأديبي روحي ، فيه الكثير من التطهير الرمزي، والبحث اللا مجدي عن الحقيقة، فما يحدث في المدن العربية الآن لا يشبه كل الحروب التي قرأنا عنها، أو ربما التي عشنا بعض حرائقها، إنها توغل خيالي في الانتهاك والموت، وتعرية وحشية لكل الأقنعة التي كان يتقنع بها أرباب الفتن والكوارث الإنسانية، وهذا الأمر ليس تعبيرا عن محنة تاريخ ما، أو حتى محاولة لاستعادةِ أوهامٍ مفقودة عند السلطة أو المعارضة، بقدر ما يبدو الأمر وكأنه تعبير عن هواجس مرضية للمثقف الضحية، وعن إحساس بالقمع الفكري والجسدي ، الذي جر المتورطين إلى ارتكاب المزيد من العنف غير المبرر.
ومما يحز في النفس ويؤلمها اشد الإيلام ظهور طبقة من الذين يحسبون ظلما على المثقفين ليروجوا لتلك الفكرة أو تلك مستغلين غياب أو تغييب المثقف الموضوعي المبدع نتيجة الصدمة والشعور باليأس واللا جدوى العبثية التي أفرغت المجتمع تلقائيا وقسريا أحيانا من تلك الطاقات التي اعترتها بعض السلبية التي ربما تكون قد نشأت عن اليأس والضياع أحيانا في بلد ضاعت فيه مقاييس العدالة والمهنية واحترام الكفاءات الفكرية والعقلية على مختلف اختصاصاتها، في بلد أصبح التقييم فيه على أسس حزبية أو دينية أو طائفية أو قومية، كل هذا جعل من المثقفين الذين تقوقعوا ونأوا بأنفسهم عن الخوض في هذه الأوضاع العبثية حفاظا على محتواهم الفكري من التدنيس والتلوث الذي قد يضطرون إليه فيما لو انغمسوا في هذه المتاهة، ولا أريد أن اتهم جميع هؤلاء المثقفين بالسلبية لان بعضهم محق في تحفظه، خصوصا أولئك الذين يشعرون بالتهديد ويتوقعون الاستهداف في ظروف وأوضاع ضبابية كالتي نعيشها في العراق اليوم. ولا أزعم بعد كل ما أسلفت خلو الساحة الثقافية العراقية كليا من المثقف الموضوعي الفاعل المؤثر في مجتمعه بل هو موجود يمارس نشاطه الثقافي ودوره في التغيير عن طريق التثقيف باتجاه التغيير السلمي والاشتراك في التظاهرات المطلبية السلمية التي تنادي وتطالب بالإصلاح ومحاربة الفساد واجتثاث المفسدين والفاسدين الذين بددوا وسرقوا المال العام، و مطالبتهم بإرجاع الأموال المنهوبة وإيقاع اشد العقوبات بهم وجعلهم عبرة لمن يفكر بالتجاوز على أموال وأملاك الشعب العراقي المتمثلة بالمال العام وأملاك الدولة. فالإعلاميون والأكاديميون والفنانون والمحامون وبقية شرائح المثقفين في الشارع العراقي يتفاعلون مع الحراك الجماهيري تفاعلا ممتازا و يثقفون باتجاه توحيد المطالب في التظاهرات وترتيب أولوياتها حسب الأهمية والترتيب والتسلسل الزمني من اجل تحقيق الهدف الأسمى الذي يصبو إليه العراقيون بمجملهم وهو تحقيق العدالة الاجتماعية في المجتمع العراقي الناهض المنتفض، عن طريق إقامة دولة العدل والرفاه الاجتماعي المتمثلة بالدولة المدنية التي يستطيع المثقف فيها إظهار إبداعه ونشره في أبهى صورة وأتمها من دون خوف أو وجل حيث حرية التعبير المكفولة في الدستور العراقي وحق الحصول على المعلومة والشفافية التي تتيح للمواطن مراقبة ومتابعة عمل الدولة وتصحيح أخطائها وتصويب طريقة عملها كلما استدعى ذلك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز