الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاهد سردية ... أقصوصتان

صلاح زنكنه

2015 / 11 / 17
الادب والفن


مشهد في كافتريا

ثلاثة رجال وامرأة واحدة , تجمعهم طاولة تناثرت عليها اقداح الشاي وفناجين القهوة ومنافض السجائر في كافتريا شبه خالية الا من رجل آخر في الركن المقابل ونادل ضجر وصوت أم كلثوم يتهادى عبر جهاز التسجيل ( أنا بأنتظارك خليت ) الرجال الثلاثة يتحدثون بالتناوب وبصوت عال وكأنهم يتبارون في مهرجان للخطابة والمرأة تصغي , وما ان يسكت أحدهم حتى يمسك الآخر بزمام الكلام لتصغي المرأة اليه الى ما لا نهاية , الرجلان الآخران لا يصغيان أبدا وأنما يتأملان المرأة المصغية .
الرجل الجالس في الركن المقابل والذي تبدو عليه امارات القلق والحيرة لا يحفل كثيرا بالضجيج الذي اثاره هؤلاء بالرغم من انه يرمقهم بين فينة وأخرى بنظرة استياء أثناء تصفحه الكتاب الذي يقرأه بتمعن وهو ينظر الى ساعته اليدوية وكأنه بأنتظار شخص ما أو بأنتظار امرأة وعدته بالمجيء .
الرجال الثلاثة يتحدثون بشغف عن أشياء شتى , يتكلمون بحماسة يقاطعون بعضهم البعض بعصبية , يقهقهون تارة ويثرثرون تارات , يحتسون الشاي والقهوة والنسكافي ويدخنون الأركيلة وينفثون الدخان في الهواء , والمرأة وحدها تصغي بلا كلل وتضرب كتل الدخان بكفها لتبددهها وتزيحها عن وجهها , والأحاديث تتشعب وتتفاقم وتتناسل على أفواه الرجال المولعين بسبك الكلام لتخترق رأسها وتدغدغ أنوثتها .
فجأة تنهض المرأة من كرسيها وحقيبتها تتدلى من على كتفها , يفسحون لها المجال لتمر متمايلة بغنج ذاهبة الى التواليت , بعد لحظات تعود وهي أكثر تمايلا وغنجا , الرجال الثلاثة يتأهبون لاستقبالها , بيد انها لا تأبه بهم ولا تعيرهم أدنى اهتمام , لتذهب مباشرة نحو طاولة الرجل الوحيد الجالس في الركن المقابل والذي ما برح ينظر الى ساعته بنفاد صبر , تستأذنه وتجلس بجواره , حيث راح يطبق كتابه دون اكتراث للقرأة وهو الآن يبدو منشرحا يؤمىء برأسه مصغيا لحديث المرأة بأهتمام .
الرجال الثلاثة صامتون باهتون , وبين حين وآخر يمدون أعناقهم ويرنون صوب المرأة وهي مشغولة عنهم منهمكة في حديث حميم , وبات الرجل بالغ الأنشغال بحديثها المسهب دون ان ينبس بكلمة تاركا كتابه جانبا , حتى انه لم يلحظ المرأة المتأنقة التي دخلت الكافتريا للتو ورمقتهما بنظرة غضب واستخفاف لائكة كلماتها باستهجان ( خائن غشاش ) , صافقة الباب خلفها تاركة الكافتربا ومن فيها وهي تكفكف دموعها , والمرأة ما زالت تتحدث وتكركر وهو يصغي لها منتشيا .
والرجال الثلاثة يلفهم الصمت والخواء , وصوت أم كلثوم يتماوج
( يا ريت يا ريت يا ريتني عمري ما حبيت ) والنادل ما زال ضجرا في هذا المشهد .
2000

الكرنفال

ها هي الأجساد تتمای-;-ل ، رجال ونساء ، موسی-;-قى صاخبة ، خمور من شتى الأصناف، دخان ، عی-;-ون ی-;-تطای-;-ر منها الفرح والنشوة ، أرداف مكتنزة مثی-;-رة لنساء جمی-;-لات ملونات كقوس قزح تهتز، صدور عاری-;-ة تعبق برائحة الخزامى ، سی-;-قان ملساء بی-;-ض وسمر... حناجر تصدح بأغان عن نار حب تتأجج وعن امرأة وحی-;-دة ورجل منسي .
أزواجاً أزواجاً ی-;-رقصون ی-;-ترنحون ، أذرع الرجال تطوق خصور النساء وأی-;-دی-;-هن بأنامل رشی-;-قة تتعلق بأكتافهم ، الوجوه نضرة مشرقة كأن الحزن لم ی-;-مر بها ی-;-وماً. قهقهات ، مداعبات، همسات ماجنة، رجل نزق وامرأة لعوب ، عاشق عجوز وصبی-;-ة شقراء ، البهجة كل البهجة في هذا الكرنفال ، وهو مشدوه مبهور حائر ی-;-راقب هذا الجمع السعی-;-د المنهمك في طقوسه ، لا أحد ی-;-أبه بالآخر، لا أحد ی-;-أبه به ضائع في هذا الزحام البشري.
ی-;-ومئ لامرأة فتبتسم ، ی-;-طی-;-ر فرحاً وی-;-رفرف بأجنحة الخی-;-ال , ی-;-طلبها للرقص فتوافق لكنه لا ی-;-عرف كی-;-ف ی-;-رقص ، ی-;-حاكي الآخری-;-ن بحركاتهم، ی-;-خفق، تضحك ملء شدقی-;-ها وتتركه لترتمي في حضن آخر.
ها هي الأجساد تتمای-;-ل شبقاً، كلهم ثملون إلا هو وحده ی-;-رصد الكرنفال ، ی-;-كرع قدحاً بعد آخر وی-;-دخن سی-;-كارة بعد أخرى، وی-;-غازل امرأة تلو الأخرى وی-;-بتدع رقصات خاصة به وی-;-شعر بالسعادة .....
_ ما هي السعادة؟
تسأله ذات قوام جمی-;-ل وجسد فاتن ...
_ السعادة هي أنت ، هي .....
روی-;-داً روی-;-داً ی-;-نتهي الكرنفال وی-;-تلاشى الجمع كفقاعات صابون وی-;-بقى وحده خائباً مواجهاً نفسه في المرآة .
في المرآة رأى جنداً وجوههم معفرة بالتراب ، رأى دبابات تزأر ومدافع تهدر، رأى الدم ی-;-سی-;-ل وی-;-تناثر وی-;-لطخ ثی-;-ابه ، رأى رذاذ الدم , دمه على سطح المرآة وتهاوى .
1985








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لتسليط الضوء على محنة أهل غزة.. فنانة يمنية تكرس لوحاتها لخد


.. ما هي اكبر اساءة تعرّضت لها نوال الزغبي ؟ ??




.. الفنان سامو زين يكشف لصباح العربية تفاصيل فيلمه الجديد


.. الفنان سامو زين ضيف صباح العربية




.. صباح العربية | الفنان سامو زين ضيف صباح العربية