الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في - قمصان شفافة - لفاتن واصل

صلاح يوسف

2015 / 11 / 17
الادب والفن


قراءة في " قمصان شفافة " لفاتن واصل

تأخذنا الكاتبة إلى وقائع كابوس فظيع، بعبر عن حياتنا التي تحولت إلى هذا القدر من القبح والبشاعة. القصة لا تبدأ بالوصف الرتيب، بل يأتي الوصف في زمانه ومكانه، فالطائر (فلا هو بغراب، أو حتى بصقر.. مُعرّى الجسد والجناحين من الريش ، وبقع بنية اللون تنتشر على جلده، وقطرات من الدم تتساقط من منقاره الخطافي الذي يشبه منقار الصقر كأنه فرغ لتوه من التهام فريسته ) ..

وتستمر الكاتبة في تفجير أحداث الكابوس الفظيع الذي يأتي على صورة ديدان تتحول إلى أفاعي، وظهور شخصيات من قبيل ذوي القمصان الشفافة الذين يضيفون العرب الأسود إلى التفاصيل .

لقد أخذتنا الكاتبة معها في رحلة مدهشة من تطور الدراما والكآبة والحزب والألم، يشبه كثيرا طبيعة الحياة التي أصبحت تميز كوكبنا، فالقتل وسفك الدم أصبح حدثاً عرضيا، من بيروت إلى باريس ومن لندن إلى نيويورك ومن بغداد إلى موسكو ومن دمشق إلى مدريد، ومن الرقة السورية إلى مطار شرم الشيخ. هل تختزن الكاتبة تصوراتها لمدى بشاعة ما وصلنا إليه ؟

اللغة جاءت جميلة والنسيج الفني للقصة رائع، لكن الألم في النهاية ظل مستمراً، وهو في رأيي ما أضعف القصة التي يجب أن تفتح أفقاً أو أملا للخروج من هذا الكابوس، مثلما يفعل كبار الكتاب الذين يرسمون بأدواتهم ولوحاتهم خيوطا من نور بين الألوان الداكنة، لكن يظل هذا رأي شخصي لي كناقد وليس شرطاً أن يكون مطلق الصحة، فنحن لسنا أمام تقاطع مستقيمين في نقطة هندسية !

لكن الغريب أن القصة إنما تزامنت مع تفجير الطائرة الروسية فوق سيناء ومع تفجيرات الضاحية في بيروت بعدها بأيام ومع أحداث الرعب الدامية في باريس، حيث نأت الكاتبة بنفسها عن المباشرة بكتابة المقال كما يفعل الكثيرون، بل قامت بتحويل كل تلك الكوابيس إلى أحداث درامية تجبر القاريء على الانصهار في الشعور والاندماج في توصيف الحال على نحو لا يقل قوة وجمالاً عما جاء به أنطون تشيخوف في رائعة " المستكينة " أو " المغفلة " ..

شكرا أستاذة فاتن ودام قلمك وخيالك الرائع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأفاعي العربية في قصة الأستاذة فاتن واصل وكابوسها
سامح ابراهيم حمادي ( 2015 / 11 / 18 - 08:38 )
سيدي صلاح المحترم

قرأت قصة الفاضلة الأستاذة فاتن واصل، ولاحظت معلقا على الفيس بوك يدلي برأي قريب لرأيك وإن اختصره بكلمتين
الحقيقة أنه كان رأيي أيضا، فوجدت أني لن أضيف شيئاً للقصة

لقد أشرت أستاذ صلاح إلى نقطة هامة وهي

أن يعمل الكاتب على أن يفتح أفقاً أو أملاً للخروج من هذا الكابوس
فلا يكفي أن يعبر الكاتب عن مشاعره، وتصوير الحالة التي هو عليها
فنحن لا نكتب مذكرات يومية خاصة، بل نخاطب القارئ ونعرض عليه مشكلة ستؤدي إلى النقاش حولها وتقديم الحلول المختلفة

هذا لا يمنع أبداً أن أشير إلى موهبة الأستاذة واصل، ولغتها البسيطة التي تصل إلى عقل القارئ بسلاسة

وكانت الأستاذة قد أتحفتنا برواية لم أتوقع منها هذا النفس الطويل، وهي التي دأبت على قصص قصيرة تختصر فكرة ما في صفحة أو صفحتين

قلمها جدير بالاحتفاء به، وأرجو مع أقلام بطلاتنا وأبطالنا الشباب أن يواصلوا تجاربهم الأدبية الثرية
فما أحوجنا إلى تنشيط صفحة الأدب

والسلام عليكم


2 - السيد سامح
صلاح يوسف ( 2015 / 11 / 18 - 20:49 )
أخي الفاضل .. شكرا لاهتمامك وإثراؤك للمقال ولقصة الأديبة فاتن .. بالفعل أشعر أننا جميعا مقصرون في جبهة الأدب .. ذلك البناء الإنساني الذي نهض بأمم مغمورة بينما تحطيمه على يد الأصوليين أدى بشعوبنا إلى الحضيض.
تحياتي تقبل احترامي

اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر