الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشفافية مصطلح أم أداة للبناء

زيد كامل الكوار

2015 / 11 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


في دول العالم المتحضرة والمتطورة والمستقرة أمنيا وسياسيا واقتصاديا، تبرز للمراقب حالة لا تمكن رؤيتها في العراق، ألا وهي الشفافية ووضوح الصورة الكاملة لعمل المؤسسات، فكل تفاصيل ومفاصل العمل ظاهرة للعيان من دون إخفاء أو تكتم أو سرية إلا في ما يخص الدوائر والمؤسسات التي تعنى بالأمن والتسليح، والشفافية كمبدأ ومفهوم تعني وببساطة أن العمل والعاملين فيه يكونون خلف الزجاج لا خلف حيطان صلدة لا يعلم ما يجري خلفها، فعقود الشركات والمؤسسات وتعاملاتها المالية متاحة ومكشوفة للعيان لغرض المراقبة والمتابعة الضروريتين لإنجاح العمل وتدارك الخطأ وتصحيحه في بداية حدوثه. فلا كواليس تختبئ خلفها ملفات الفساد أو تعقد في ظلماتها الصفقات المشبوهة، حيث كل شيء واضح وظاهر ومكشوف، لا يمكن لمن يفكر حتى مجرد التفكير أن يفسد في تعاملات مالية فاسدة، فكل التحركات واضحة مكشوفة لا يغطيها ستار التكتم و الاختباء خلف اللوائح القواعد البيروقراطية التي تغذي الفساد بمادة وجوده وبقائه، فإذا كان العمل والمعاملات في هذه المؤسسة أو تلك يجري بانسيابية وتلقائية من دون تعثر أو تأخير واضح فما الذي يضطر ويدعو المراجع لتلك المؤسسة إلى أن يقدم الرشوة لموظف قد أتم إنجاز المعاملة في وقتها الطبيعي والقياسي؟
فعندما تحدد المسؤوليات وتتضح المهام عند تقسيم العمل بصورة عادلة، ستتجلى وتظهر بوضوح إمكانات العاملين ومقدرتهم حين تتحدد المهام والمسؤوليات ، حينها تتفتح آفاق التميز والإبداع في العمل سيما إذا كان فريق العمل متفاهما، وفي نطاق عمل منظم كهذا تظهر بوضوح مكامن التعثر والخلل بين العاملين فيتم تقييم العاملين بدقة وفقا لكفاءتهم وتفانيهم وإخلاصهم، ليكون مجال العمل فضاء رحبا للتنافس والإبداع، إن فصل المهام وتحديد المسؤوليات يمكن المراقب من تحديد المقصر والمخطئ بسهولة ويسر كبيرين كي ما تتم محاسبة المقصر وتشجيع المبدع ومكافأته على إخلاصه وإبداعه، كما أن من شروط الشفافية احترام المهنية والتخصص في العمل فلا يتعدى أحد تحت أي مسوغ على عمل غيره مهما كانت الظروف لتبقى استقلالية الرؤية واتخاذ القرار محصورين بذي الاختصاص المحترف الذي أن تحققت تلك الشروط سيكون متحملا كامل المسؤولية لحظة وقوع خطأ ما. هذه الأسس العلمية العملية كفيلة بتمشية العمل في أية دائرة أو مؤسسة حكومية كانت أو أهلية، فتوزيع المسؤولية وعدم حصرها في شخص واحد يقلل من احتمالات حدوث الخطأ ويمكن من تشخيص الأخطاء بسهولة ويسر كبيرين، هذه الأمثلة عن الشفافية تظهر مدى ضرورتها وأهميتها كنظام إداري واعد وضامن في الوقت عينه متى ما تحققت في مكان ما وجدت أن العمل يجري بانسيابية لطيفة ومذهلة فلا يضيع الوقت ولا المال ولا الجهد. وتبقى الشفافية في بلدنا شعارا افرغ من محتواه وأصبح عرضة للتندر والسخرية الأليمة اللاذعة لا سيما حين يتشدق الفاسدون بتلك العبارات الرنانة التي أفرغت من محتواها ولا تملك من اسمها إلا لفظه الخاوي من المعنى والمضمون. وإن من أهم ما يصبو إليه العراقيون في هذه الأيام التي تشهد ذلك الحراك الجماهيري وعلى مديات واسعة نوعا ومكانا في الشارع العراقي الذي بدأ يطالب بحقوقه المشروعة مغادرا خندق الانطواء والسلبية فأصبح مواطنا ايجابيا يتعايش ويتفاعل مع الحدث بانسجام ووعي وتفهم حقيقي، وقد علم العراقي بعد امتحانه العسير الذي نجح فيه بعد أن ضحى بالكثير فوعى الدرس واخذ العبرة فعلم أن مرضه وداؤه الحقيقي هو سوء الاختيار لمن يمثله، كما عرف العراقي بالتجربة المؤلمة ما للكفاءة والنزاهة والاخلاص من أهمية عظمى في البناء السليم وإنشاء دولة المواطنة المبنية على كل ما هو جميل ومنطقي وعادل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البرازيل.. سنوات الرصاص • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قصف إسرائيلي عنيف على -تل السلطان- و-تل الزهور- في رفح




.. هل يتحول غرب أفريقيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب؟.. أندري


.. رفح تستعد لاجتياح إسرائيلي.. -الورقة الأخيرة- ومفترق طرق حرب




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا قصفت مباني عسكرية لحزب الله في عي