الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خالد

رائد حسين

2015 / 11 / 17
الادب والفن




أسيرُ فى الطرقات لأبدد الإشاعات القائلة بموت "خالد" ,هناك شبه إتفاق على كونه مات ,
إنقطعت علاقتى به منذ أربع سنوات ,ومنذ ذالك الحين لا أعرف من أخباره القليل ,قلماَّ إلتقينا صدفة ,يُسلم وأُسلم ,ونفترقُ كلٌ الى شِعبه ..
لكنى لم أره منذ سنة ,ربما لأننى حبيسُ غرفتى, أدينُ بالعزلة .
"خالد" كان "حريَّف كورة" ,وكان حلمهُ الأسمى أن يكون نجماً فى أحد الأندية الرياضية ,لكنه قال لى ذات مرة أن حلمه مقيدٌ بالمحسوبية والرشوى .
عندما سمعتُ كلام الأهالى عن موت صديقى فقيد الشباب ,لم أصدق ,إستكثرتُ الموتَ على شخصِ لمسته يدى ,وزاد من حزنى كونه مات ولم تصفو نفسه تجاهى ,
ثم تذكرتُ النعى .. لماذا لم أسمع نعى خالد ؟
القرية تُصدّعنا بمكبرات الصوت كلما فقدت عجوزاً ,فكيف لا نسمع بنعى لخالد ؟ .

أسيرُ فى الشارع مهموماً به ,كنتُ أُحبهُ لدرجة غبية ,وفجأة إلتقيتُ بأخيه الأصغر وأخته الكُبرى .
سلَّمت عليهما وتوجهتُ الى أخته قائلا : "هو خالد فين ؟ " .
قال أخوه الأصغر : "خالد مات .. " .
قالت أُخته الكُبرى : "بَعِدَ الشّر ! .. خالد فى الدرجة التانية فى النادى ,ولا يزور البلد "
لا أعرف ماذا تقصدُ بالدرجة الثانية فى النادى .. معلوماتى فى كرة القدم تحت الصفر بعدة أمتار , لكنى فرحت لأنه لم يمت .

على نفس الخط أسير .. فى نفس الشارع .. نظرتُ للسماء مُرغماً حين مرَّ سربٌ من الطائرات فجأة ,
كانت شديدة البُعد ,شديدة الإضاءة ,ترسم كل طائرة خلفها شعاع ليزر شديد الحدة ,شديد الزُرقة,نكستُ نظرى الى الأرض وأنا أقول :
" الإنسان هيعمل ايه أكتر من كده ! " .
نظرتُ أمامى فوجدت "خالد " .
إحتضنتهُ مشتاقاً ,لكنه لم يك متحمساً لرؤيتى ,حافظ على وضعه الطبيعى جدا .
سألنى بفتور : "أخبارك ايه ؟" .
وكانت بيده رواية "شيكاغو" للكاتب علاء الأسوانى.
قلت : " الرواية دى فيها كام مشهد كده ,مش ولا بد " .
قال : "أدينى بتسلَّى فيها " .
قلت : "أنا كتبت رواية أحسن منها ,ياريتنى جبتهالك معايا " .
لم يرد علىَّ.
قلت : "إنت لسه زعلان منى ؟ " .
إبتسم نصف إبتسامة ,قال: "أزعل من ايه يا عم .
وضع يدهُ بجيبه وأخرج علبة سجائر وتابع : "تاخد سجارة ؟ " .
_ الله! كليوبترا .. شغَّال .
أشعلنا السجائر ونحن نسير ,وطائرات الليزر فى السماء ,لا حصر لها ولا صوت .
جلسنا على تل عالى نسبياً عن الأرض ,ندخن السجائر ونرقب الطائرات فى السماء ,لا عائدون .. لا رائحون ,وحدنا نرقب السماء .
وفجأة قال لى : "إنت مش هتروّح ؟ "
نظرت حولى متعجباً ,قلت : " والله يا خالد ما عارف بيتنا .. انت عاوز تروّح ؟"
قال : " طيب .. خلينا مع بعض مستنيين .. أنا كمان مش عارف بيتنا "

***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??