الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة قبول الآخر والدولة المدنية

زيد كامل الكوار

2015 / 11 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


من أكبر النعم التي تقدرها وتثمنها المجتمعات وجود تنوع في مكوناتها المجتمعية، لأن ذلك التنوع يغني المجتمع ويثريه بالإبداع والثقافات المتعددة المختلفة التي تختلف باختلاف وتعدد المكونات، ولا يختص في الوطن احد دون آخر بأسبقية الوجود أو السكن فالكل منتم إلى تراب الوطن يولد عليه ويحيا ويدافع عنه ويكد ويعمل من اجل تقدمه وتطوره وعندما يموت يدفن في ذلك التراب ليحتضن رفاته كأم حنون، ولن تجد على الأرض مجتمعا خالصا من مكون واحد فقط فتنوع الأجناس والقوميات والأديان موجود في كل بلدان العالم، على إنها تتباين في تعاملها مع التنوع بحسب تقدمه وتحضرها وتنورها فمنها ما تنصهر المكونات فيه فلا تكاد تلمس فرقا أو تباينا ظاهر للعيان ين مكون وآخر من حيث الحقوق والواجبات، فالكل متساوون في القيمة المعنوية والحقوق بحكم الانتماء إلى الوطن، ولا يلمس المراقب الفرق إلا حين يتوغل في عمق المجتمع ليجد التنوع والاختلاف في العادات والتقاليد والديانات التي تظهر جلية في الاحتفالات الدينية أو الوطنية، من حيث الملبس أو الأغاني الفولكلورية، أو حين يتاح للمراقب فيتوغل أكثر دخولا في بيوت بعضهم لتجد الخصوصية في المأكل والملبس البيتي أو طقوس العبادة أو صور المناسبات الخاصة، ولا تشكو تلك المجتمعات من ذلك التنوع بل تعتبره امتيازا يتيح لها التفوق الفكري والفني والأدبي بسبب تنوع واختلاف الثقافات والحضارات الأمر الذي يكسب المجتمع ثراء وغنى في كل مجالات الفكر والمشاعر الإنسانية وربما تجد في تلك المجتمعات تلاقحا واتصالا ثقافيا يصل حد الاندماج بين المكونات التي تنصهر في بوتقة الأدب والفن فلا تميز بين تلك المكونات، ولا نفشي سرا إذا قلنا إن مجتمعات مثل المجتمع الأمريكي أو المجتمع الهندي على اختلاف مكوناتها لكنها تتعايش مع وجود إشكالات تاريخية كبيرة في تلك المجتمعات تتجلى في الحرب الأهلية الأمريكية التي سبقت توحيد الولايات المتحدة الأمريكية، أو الاشتباكات التي تحدث بين الفينة والأخرى بين السيخ والمسلمين في الهند لكن ذلك لم يمنع وحدة المجتمع والنهوض بالواجبات الوطنية للفرد من اجل دفع عجلة التقدم إلى الأمام و اللحاق بركب الإنسانية المتسارع باتجاه التطور والترقي، ولا جدال أو تشكيك في مقدرة وكفاءة وتطور الهند بين دول العالم، وما ذاك إلا لأن الهنود قد عرفوا كيفية استغلال التنوع ليكون دافعا للإبداع والوحدة عن طريق إشراك كل فئات المجتمع في العمل والتخطيط والبناء والقيادة من دون تهميش مكون أو صعود نجم مكون على حساب آخر فالكل سواسية أمام القانون ولا امتياز لأحد على آخر إلا على أساس ما يقده للشعب والوطن، فتم استغلال كل الطاقات والقابليات استغلالا مثاليا، مع أن الهند فيها من الديانات ما يتجاوز عددها خمس مائة دين ومن اللغات الآلاف ، لكن الجميع يلتقون في وطنيتهم حيث المواطنة الحقة التي ترفع شأن الوطن والمواطن، وما سبب تلك النجاحات الباهرة إلا وجود الدولة المدنية التي تضمن للمواطن حتى وان كان من مكون أو طائفة قليلة العدد والتمثيل، فلا يشعر بحال من الأحوال انه غريب أو أن هنالك من يترفع عليه أو يستغله أو يغصب حقه، وفي أمريكا حيث يتمتع المواطن الأمريكي بالحقوق المدنية الكاملة من حق اختيار الدين أو الاتجاه السياسي، أو العمل أو مكان السكن أو الدراسة، وفي كل هذه المجتمعات التي ذكرنا فهم المواطن وعرف سلبيات الخلاف والشقاق وأثرها على أمنه ومستقبله وحياته الشخصية فآثر مختارا قبول الآخر والتعايش معه وعدم الاعتداء عليه أو على خصوصياته من الديانة أو الاعتقاد الفكري أو السياسي ما دام مواطنا ملتزما بما يمليه عليه واجب المواطنة واحترام الآخر والتعايش معه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف