الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجدانيات ... أقصوصتان

صلاح زنكنه

2015 / 11 / 18
الادب والفن


ذات الخال

المرأة ذات الخال اقتحمت حياتي بغتة وقلبتها رأسا على عقب .
لا أدري كيف حدث الذي حدث لرجل مثلي على مشارف الخمسين من العمر, فأنا طوال حياتي لم أعرف امرأة غير زوجتي التي تتهمني دوما ببلادة الاحساس حتى حطت ذات الخال مقابل بيتنا وأججت أحاسيسي وصارت شغلي الشاغل , اٍذ أنها كانت تقف بالباب كل صباح وقت ذهابي الى الدائرة لتحييني بابتسامة عذبة وهي ترشقني ب صباح الخير , لأجيبها بخجل وارباك واضحيين لا يليقان بسني :
_ صباح الورد .
في المرأة الأولى شعرت ان الأرض تميد تحت قدميّ وان الدنيا لا تسعني من الفرح , فزوجتي طوال عشرتنا لم تسمعني هذه الجملة البسيطة , انها سليطة اللسان وحادة الطباع وعدوانية المزاج وتثور في وجهي لأتفه الأسباب , وتلعن حظها العاثر الذي جمعها بيّ , أما ذات الخال فتبدو ودودة وطيبة ورائعة , خاصة حين تتحفني بمعزوفتها الجميلة ....
صباح الخير ... حقا انه صباح خير ومحبة وبهجة .
أدمنت تحيتها كل صباح وأصبحت في اليوم الذي لا أراها , أفقد توازني ويتعكر مزاجي ولا أطيق أي شيء , وصرت بمرور الأيام أعاقر الخمر وأنظم الشعر وأتمرد على رتابة حياتي .
أهو الحب ؟ لقد كنت أسخر من المحبين العشاق المجانين وهلوساتهم , وها أنا أقع في حب امرأة لا أعرف حتى اسمها , وقد ظل هذا الحب يتبرعم بين ظلوعي بصمت ويملأ كياني بالغبطة حتى جاء ذلك اليوم المشؤوم الذي قالت فيه زوجتي ببرود ... لقد أنتحرت المسكينة .
صعقني الخبر وأندفعت نحو بيتها كالمجنون , وولجت غرفتها دون أرادة مني ورأيتها مسجاة على السرير , ووجها الملائكي بخاله البديع ما زال متوردا , وثمة ورقة الى جانبها , كانت رسالة وجد وقد ضمنتها أشواقها وعذاباتها ومناجاتها لرجل يبدو أنها كانت تحبه كثيرا , حيث كررت اسمه مع كل سطر , وحين هممت بالخروج , وقد امتلأت خيبة ومرارة , فاجأتني صورة مؤطرة لرجل يشبهني كل الشبه .
1985

كبوة

حين وصلت نهاية الشارع الفرعي المؤدي الى بيتها ألتفت نصف ألتفاتة وجدته واقافا في مكانه المعهود وعيناه مصوبتان نحوها , منذ زمن ليس بقصيروهي تراه في هذا المكان يرقبها بشغف ويرمقها بنظرات ملؤها الأعجاب نظرات رجل لامرأة ... أنها تمقت اؤلئك الذين ينظرون اليها بشفقة ( عروجة تيتي كل البنات تزوجن وأنتِ بقيتي ) صحيح أنها عرجاء لكنها جميلة وجذابة وجسدها مكتنز ومثير .. هكذا كلمت نفسها وهي تقف أمام المرآة وثمة هاجس غريب يشغل بالها ويؤرقها , هاجس ذلك الفتى الذي ما فتىء يزاحم أفكارها ويداعب صبواتها ...على عجل أستبدلت ثيابها ومررت أحمر الشفاة على شفتيها ورشت قليلا من العطر تحت اذنيها بعد ان سرحت شعرها , تأملت قوامها يمينا وشمالا , أنكِ فاتنة حقا وكفيلة بأمتلاك قلوب الرجال , خاطبت نفسها ضاحكة وقررت الرهان , حملت حقيبتها وخرجت الى الشارع .كان هو ما زال واقفا يرمقها بنظرات تسأل ولا تجيب , تقطع المسافات ولا تكل .كانت هي تحاول جاهدة ان توازن خطواتها وكأنها تؤدي رقصة لم تتقنها .وحين صارت على مقربة منه رفعت عينيها فألتقتا بعينيه , احست برعشة هزت كيانها وزادت من خفقان قلبها الذي كاد ان ينخلع من صدرها .ولما وصلت الى بداية الشارع المؤدي الى صخب السوق استدارت قليلا , لمحته بصحبة فتاة ممشوقة القوام وهما يبتسمان ... سارعت خطواتها وهي تغص بدمعة ساخنة وتداري أرتعاش ساقيها وأرتابك قدميها حتى أبتلعها زحام الناس الذي أختلط بصدى أنكسارها الذي راح يدوي في رأسها .
1978








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لتسليط الضوء على محنة أهل غزة.. فنانة يمنية تكرس لوحاتها لخد


.. ما هي اكبر اساءة تعرّضت لها نوال الزغبي ؟ ??




.. الفنان سامو زين يكشف لصباح العربية تفاصيل فيلمه الجديد


.. الفنان سامو زين ضيف صباح العربية




.. صباح العربية | الفنان سامو زين ضيف صباح العربية