الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا أمام الامتحان الأخير

بدر الدين شنن

2005 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


تقرير ميليس إلى مجلس الأمن حول اغتيال الحريري ، والضغوطات الدولية بتحريض أمريكي - فرنسي المتحركة تحت عنوانه ، والتفاعلات الإقليمية والداخلية الناتجة عن تداعياته ، فاقم من حدة الأزمة السورية ، ورفعها إلى مستويات أكثر تعقيداً وسخونة ، وطرح احتمالات وآليات للتغيير لم تكن على هذا القدر من البروز والخطورة، وعلى ضوء ذلك صار ممكناً القول أن ما كان مجال تساؤل وسجال عن دور الخارج في عملية التغيير قد أصبح أمراً واقعاً ، ويكاد يكون حاسماً لاجدال فيه ، بل ويمكن القول أن هذا الخارج ، الحامل لمشروع الشرق الأوسط الكبير ، قد أصبح سيد اللاعبين في الشأن السوري . أي أن الداخل بشقيه الحكم والمعارضة قد أصبح موضوعاً للخارج ، وأن التغيير قد خرج ، إلى أجل غير مسمى ، من أيدي الداخل ، الأمر الذي قد يفضي إلى إلغاء ما أطلق عليه " الطريق الثالث " للتغيير ، وبات التعاطي مع الواقع الجديد .. مع سطوة الخارج ، هو سيد الموقف ، وخلق حالة من الاصطفاف السوري تتلطى خلف قميص الشهيد الحريري في الصراع على السلطة تحتاج إلى وقفة جادة ومسؤولة وتاريخية

لقد تحول تقرير ميليس بمضمونه وشكله وتوقيته في الأزمة السورية إلى موضوع رئيس في الصراع بين المعارضة والنظام . وكل طرف يحاول أن يفسر ويوظف " أهميته .. ومصداقيته " أو " كذب " هذا التقرير لصالحه ، ويحاول ان يربط أو لايربط هذا التقرير بمرجعياته القانونية والدولية ، والأهم بوجود أو عدم وجود تآمر دولي لتوظيفه في الصراعات الجارية في الشرق الأوسط . فالمعارضة تنفي أو تقلل من أثر الدور الأمريكي المنضوي تحته كل من بريطانيا وفرنسا في بناء التقرير لاستخدامه في اسقاط النظام أو تطبيعه وفق مخططات إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط ، وتبني عليه أمل التوصل إلى اتهام أركان النظام بالجريمة ، وبالتالي اضعافه واسقاطه مستندة إلى الجدار الدولي " الصديق ". والنظام يضخم الدور الدولي التآمري ، ويعتبر الحريري ضحية هذا التآمر ، الذي يستهدف النظام والقضية الفلسطينية وحماية المشروع الأمريكي في العراق

ومن موقع المراقب المستقل ، لابد من التأكيد على أن جريمة اغتيال الحريري هي جريمة كبرى انسانية ولبنانية وعربية لابد أن تأخذ حقها من المعالجة والإنصاف وأن ينال الجناة أياً كانوا جزاءهم عبر القضاء النزيه العادل ، وعلى أنه ، في الواقع هناك فعل استعماري جديد - رأسمالي يعمل بالتآمر وبالحروب على إعادة تشكيل العالم وخاصة الشرق الأوسط . وفي هذا السياق لاتهم بقليل أو كثير العناوين والمبررات .. مثل الحرب على الإرهاب .. نشر الإصلاح .. الديمقراطية .. بل المهم هو ما يجري فعلاً من قتل ودم في مسرح الأحداث ، وأمامنا مثال أفغانستان والعراق وفلسطين ، وما ينتظر سوريا ليس أقل من ذلك

ومن هنا تحديداً ، فإن التطورات المتلاحقة في قضية الحريري وتداعيات تحقيقات القاضي ميليس ، لاتنفي بل تؤكد حق المعارضة السورية في نضالها ضد الاستبداد وفي أطروحاتها من أجل التغيير ، لكن ينبغي أن تولي اهماماً جدياً بما يستهدفه الخارج المغرض الحريص نفاقاً على حق الحريري أو حق الشعب السوري ، الذي لم تحرك ضميره حقوق الشعب الفلسطيني المهدورة أرضاً ووطناً ودماً على مدار الساعة ، ولاهمه الدماء المستباحة في العراق ، التي باتت تشكل إلى جانب دجلة والفرات الرافد الثالث ، ولم تحركه مليارات البشر ضحايا الفقر والجوع والعطش والأوبئة

ومن هنا أيضاً ، يقف النظام أمام ساعة الحقيقة ، وليس أمامه سوى .. أن يكون وطنياً أو لايكون .. أن يكون مع شعبه .. مع التغيير الذي يفتح أبواب الحاضر والمستقبل على الحرية .. على الوحدة الوطنية .. على الحياة الديمقراطية .. أو لايكون

إن سوريا أمام الإمتحان الأخير .. لاأحد قادر أن يهرب من المسؤولية .. إنها مسؤولية الجميع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار في -مجمع سيد الشهداء- بالضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنان


.. انفجارات تهز بيروت مع تصاعد الغارات الإسرائيلية على الضاحية




.. عسكريا.. ماذا تحقق إسرائيل من قصف ضاحية بيروت الجنوبية؟


.. الدويري: إسرائيل تحاول فصل البقاع عن الليطاني لإجبار حزب الل




.. نيران وكرات لهب تتصاعد في السماء بعد غارات عنيفة استهدفت الض