الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطر الأيديولوجية المريضة

جاسم الصغير

2005 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


تنتشر في العالم المعاصر الكثير من المنظومات الفكرية والسياسية وغيرها ، ومنها الايديولوجيلت التي تحتضن الأفكار والبرامج التي يعبر عنها من خلال الممارسات التي تقوم بها الجماهير التي تعتنق هذه الأيديولوجيات ، والأيديولوجيات مفاهيم شمولية ولدت في تيار الحداثة الذي عم أوربا بعد العصر الوسيط وكدلالة على انتقال العالم من زمنية الأفكار السكونية الثابتة المطلقة إلى زمنية الأفكار ذات الصيرورة المتغيرة والديناميكية والايديولوجيات من السرديات الكبرى حسب الوصف الادبي التي أرادت تفسير العالم بالإضافة إلى تغييره فهي تعبئ الجماهير تحت منظومة فكرية وتحرضهم أيضاً على تغيير معالم الحياة حسب الاتجاه الذي تنطق به أيديولوجيتهم فقط يقول المفكر الفرنسي ريجيس دوبريه ان الايديولوجيا اخطر مركب كيميائي ينتجه العقل وهكذا انطلقت التوتوبيات التي تنشد المدينة الفاضلة في شكلها الايجابي فعرفنا مثلاً الأيديولوجية الماركسية التي أقامت دولة تنطق باسمها في الاتحاد السوفيتي يحكمها العمال والتي سرعان ماسقطت في فخ البيروقراطية وامراضها الداخلية وفي الجانب الاخر أي السلبي منها شهد العالم ضهورالايديولوجيات المريضة ومنها ً الأيديولوجية الفاشية ذي النزعة القومية التوسعية المتطرفة في إيطاليا يحكمها العنصر الفاشي المتطرف والأيديولوجية النازية في ألمانيا يحكمها العنصر الآري الألماني المتطرف ولقد رأينا كيف أن هذه الأيديولوجيات فعلت بالعالم ما فعلت تحت تأثير التعاليم الأيديولوجية المتطرفة التي يؤمن بها أتباعها وحجم الدمار الذي عم العالم بسبب التعصب الذي يحمله أتباعها لأفكارهم ومحاربتهم الاتجاه الآخر واقصائه ان الاخر في نظر الايديولوجيا هو الجحيم حسب توصيف الفيلسوف الفرنسي سارتر وبعد نهاية زمنية هذه الأيديولوجيات المتطرفة وتقهقرها نرى في عالمنا العربي المعروف عنه نزعته الاستهلاكية والتبعية في كل شئ حتى الافكار في الوقت الحاضر أيديولوجيات متطرفة معينة سواء كانت فكرية او قومية او دينية وان كانت بأسماء وعناوين مختلفة الا ان المحتوى واحد ما زالت موجودة رغم أن معالم الحياة المعاصرة تنبأنا بتلاشي زمن السرديات الكبرى وأن عالم اليوم هو الديمقراطية والتعددية وحق الاختلاف ونبذ احتكار الحقيقة وزمن البرامج السياسية التي تتفاعل مع الآخر لا التي تلغي الآخر . إن الحركات السياسية التي تتبنىالانتماء الأيديولوجي المتطرف غالباً تكون أصولية ونكوصية وتمارس احتكار الحقيقةومن خلالها فقط وهي ذو بنية تقليدية وايضا تقليد لحركات ماضيوية و تاريخية او ايديولوجيات ظهرت في العالم المعاصر القريب وان اختلفت في العنوان السمات وأن تنوعت أشكالها الفكرية السياسية ، يقول المفكر العربي مطاع صفدي أننا نقلد المنتوج ولكننا نفتقدآليةالإنتاج بالذات فما أٍسهل أن نرتدي عباءة أعدائنا وما أصعب أن تكون لنا رؤوسهم وأن الشعب العربي مصاب بالتفكير حسب النمذجة(النماذج) فنحن كشعب نريد أن نرد المتغير إلى الساكن و نخشى العالم المتغير وننزع نحوالسكينة وهذه النموذجية سلوك تاريخي فالمواجهة مع الذات لم تتحقق وبالتالي نهرب إلى تبني النموذج الجاهز والتراث وعاء جاهز من هذا الجانب . إن هذه الأيديولوجيات وتحت سلطة النص وكما يعبر عنه بالتفسير الأدبي تحاول أن تفرض نسقها الخاص الذي تؤمن به وبأساليب لا تنتمي إلى روح العصر والحقيقة أن من أسباب أزمة الفكر العربي القائم على اساس بنية فكريةمتخلفة هو سيطرة الأيديولوجيا على الذهن النخبوي والشعبي ويقول أيضاً المفكر مطاع صفدي أن هناك نوعين من الأيديولوجيا المعلنة والمضمرة ، والمعلنة معروفة تتبناها تيارات سياسية ودينية ، والمضمرة وهي الأخطر لم يجر الكشف عنها وخاصة في خلفية العقل العربي والأيديولوجيا المضمرة تعمل من تحت أقنعة عديدة اجتماية ثقافية وحتى عاطفية وهي جزء في الحركة والتأثير ولا تخشى من افتضاحها لأنه ليس ثمة من يشعر بخطرها الحقيقي والأيديولوجيا المضمرة تكاد تكون بنيوية منحيث طبيعة كل ما هو اجتماعي وإنساني أن المشكلة بالنسبة إلينا نحن أن الأيديولوجيا المعلنة تساهم في تدعيم هذه الأيديولوجيا المضمرة وتحميها ومن نلاحظ ان ما هو مضمر من الأيديولوجيا ليس فعاليتها بل هو الخوف من مواجهتها ومن هنا يظهر لنا خطورة الحركات الفكرية والسياسية التي تتخذ من الانتماء الأيديولوجي المتطرف والأساليب التي تتبناها في الإعلان عن نفسها في مجتمع معين ولا سيما بنية المجتمع العربي ما زالت تختزن موروثاً شعائرياً وقبلياً تستغله هذه الحركات بشكل سلبي أن الأيديولوجيا المتطرفة شكل من أشكال العنصرية وتؤدي بالمجتمع إلى تأزم سياسي وفكري وتخلف عام في عموم المجتمع ، يقول الأستاذ رضا الملولي ، أن هذا التخلف والتأزم يعود في أسبابه الى التأثير الكلي لوضعية الانحسار الفكري باسم الحفاظ على هويتنا دون إدراك لشؤون النهضة الحضارية ومتطلباتها فيتم التقوقع داخل الأطر الأيديولوجية بحثاً عن أسباب البقاء وهو بمثابة المحصلة النهائية لانعدام شروط الإبداع الحضاري وما يتطلبه ذلك من مناخ ديمقراطي سليم يضمن حرية الفكر والتعبير ويحث عليها إذ بانعدامها يتجسد الاستبداد في اعتى صورة وتتدعم القيود وإذ ذاك لا مجال للفصل بين العبودية والإنسانية ..

إن العالم اليوم ومنه عالمنا العربي اذا اريد له ان يمارس تأثيرا في المحيط الدولي الذي يجب أن يتواصل وينسجم مع المتغيرات الدولية وان يدخل العصر من خلال مفاهيمه المعاصرة من ديمقراطية وتعددية وحرية الاختلاف وان ينبذ الكراهية واحتكار الحقيقة وتكفير الاخر وبالتالي لتتحاور كل الأفكار ومع كل المنظومات الفكرية والسياسية وأن تمارس الحوار والتفاعل وهي خطوة هامة جداً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسؤول إيراني لرويترز: ما زلنا متفائلين لكن المعلومات الواردة


.. رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية يأمر بفتح تحقيق




.. مسؤول إيراني لرويترز: حياة الرئيس ووزير الخارجية في خطر بعد


.. وزير الداخلية الإيراني: طائرة الرئيس ابراهيم رئيسي تعرضت لهب




.. قراءة في رسالة المرشد الإيراني خامنئي للشعب حول حادث اختفاء