الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بؤس‭ ‬المثقف‭ ‬الشيوعي

عمار ديوب

2015 / 11 / 19
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


تَأملَ المثقف الشيوعي ما يحصل من ثورات عربية، لم تطابق مقياسه الفكري، أي أن تقودها أحزاب شيوعية وضد الرأسمالية والامبريالية كما حَفِظ ذات يوم‭-;-.‬-;- إذن هذه ليست ثورات‭-;-.‬-;- قياسه بسيط وصوري: الثورات ضد الرأسمالية تقودها الأحزاب الشيوعية‭-;-.‬-;- الثورات الحالية لا تقودها الأحزاب الشيوعية‭-;-.‬-;- إذن هذه الثورات لصالح الرأسمالية وليست شعبية‭-;-.‬-;- وبالتالي هي مؤامرة‭-;-.‬-;- هذا المنطق يقود إلى منطق النظام نفسه، ليس النظام “التقدمي” بل كل نظام كذلك، ألم تقل كافة الأنظمة أنها تواجه مؤامرات خارجية أو إسلامية؟



يستهل المثقف الشيوعي بتأييد إيران، ولكن كيف نفسر عبقريّته هذه: فإيران نظامها ثيوقراطي طائفي، واقتصادها رأسمالي، وأغلبية الشعب تحت خط الفقر؛ فما سرّ دعمه لنظام ولاية الفقيه إذن‭-;-.‬-;- ثم أليس غريباً ألا يلاحظ المثقف ذاك الاتفاق النووي، واحتلال إيران للعراق كبلد عربي؟ وتبعية حزب الله الكاملة له، والدعم للحوثيين، أي ممارسة التخريب الطائفي للدواخل العربية؟ ربما يمكن تفسير ذلك بذاكرة المثقف القديمة وحينما كانت تقول طهران بالشيطان الأكبر، وأنها ضده‭-;-.‬-;- ولكن حتى من قبل أَلَمْ تجتثّ إيران الأحزاب الشيوعية والعلمانية فيها، فكيف يمكن الوقوع في هواها وعشقها وكتابة قصائد الغزل في جمالها؟
هنا يظهر المثقف داعماً للسلطة القمعية ومتوهماً أنها تخوض صراعاً ضد الإمبريالية؛ فالمهم بِعرفه، وبغض النظر عن طبيعتها، إعلانها أنها ضد الامبريالية؛ ولكن إيران ذاتها أنهت كل ذلك، فعلام هذا الموقف الثابت والأبدي؟

المثقف الشيوعي يجد نفسه معزولاً، فهو ضد الثورات الشعبية، وراهن طويلاً على حزب الله كقوة مقاومة، وبالتالي بدلاً من أن يستنتج أن إيران الداعمة لحزبه الإلهي، تفخّخ الدواخل العربية بالطائفية يستنتج ضرورة الثبات على ذلك، وأن روسيا تريد خيراً بسوريا؟ حيث أن روسيا تقف ضد أميركا كما يخرّف، وربما ما زال يعتقد أن روسيا محكومة بنظامٍ شيوعيٍّ، أو يتصرف وكأنّ روسيا كذلك؟

هكذا مثقف هو منفصل بالتأكيد عن الواقع، فهو لم يفهم طبيعة الأنظمة “التقدمية” كأنظمة رأسمالية وإن “جمّلت” نفسها بسياسات تقدمية في مراحل معينة من سيطرتها كما شرحها مهدي عامل، وستندمج لا محالة بالنظام الرأسمالي لاحقاً، وإذا كان له من عذر من قبل بسبب التعليم العام والإصلاح الزراعي والتوظيف الواسع، فقد تراجعت عنها كليّة في العشرية الأخيرة؛ أَلَمْ يفعل النظام السوري ذلك حينما تبنى السياسات الليبرالية كاملة، ألا تفعل إيران ذلك؛ وتلغي من قاموسها الطائفي الثرثرة عن الشيطان الأكبر التي يكررها خامنئي الداعم لحكومة بلاده بالتفاوض، والتي وقعت الاتفاق النووي‭-;-.‬-;- الاتفاق الذي يتيح المجال لمراقبة النووي والذي يعتبر مسؤولاً مع سياسات الولي الفقيه في دعم الجماعات الطائفية، وبما يخرب الدواخل العربية، عن تجويع الإيرانيين لعقود متتالية‭-;-.‬-;-

العقل الشيوعي العربي، عقل فقير معرفياً وغير قادرٍ على استيعاب متغيرات العصر، ويعيش بعالم الأمس‭-;-.‬-;- لا ينتمي للثورات الشعبية، ولا يعمل على توجيهها، يكتفي بالوعظ الأخلاقي وأن عليها أن تتعلم مما حفظه ذات يوم‭-;-.‬-;- يجتهد ويتصبّب عرقاً للبحث عن أفكار للدفاع عن وهم الأنظمة التقدمية وتحديداً النظام السوري‭-;-.‬-;- ويتكلم عن شيوعية مشرقية، تنطلق من النظام السوري ونحو مواجهة مع الامبريالية ودول الخليج‭-;-.‬-;- وهو يعتبر الثورة السورية محض مؤامرة‭-;-.‬-;- هكذا عقل، مخصيٌ بامتياز، وفاشل في فهم الواقع العربي وفي فهم الثورات العربية وفي فهم طبيعة النظام في سوريا وسواها‭-;-.‬-;-

ليس غريباً، وبعد توضيحنا ماهية العقل الشيوعي الصوري، انحياز الأحزاب الشيوعية العالمية والعربية والمثقفين الشيوعيين للنظام السوري‭-;-.‬-;- فهي أحزاب هامشية بكل الأحوال وتنتظر موتها البطيء، ولم تتفهم طبيعة العصر، وحاجته الماسة لتحالفات واسعة، والتخلص من وهم الحقيقة الواحدة التي يمتلكها حزب شيوعي بعينه والبقية قوى انتهازية وإصلاحية بالضرورة، ووهم التمثيل الوحيد للطبقات المفقّرة؛ وبغياب كل ذلك، فإن هذه الأحزاب المحتضرة ترى الثورات العربية وحركات أميركا اللاتينية في تسعينات القرن الماضي وما تشهده اليونان وأسبانيا، حراكاً فوضوياً يعيق تحقيق برنامجها في إسقاط الرأسمالية؟

وإذا كنا ننتقد المثقف المنحاز للأنظمة، فإن المثقف الشيوعي المنحاز للثورات الشعبية ما زال يعاني من المرض عينه، وأيّ إطلالةٍ على وضع اليسار في سوريا أو لبنان أو مصر أو تونس أو اليمن، ستوضح أعراض هذا المرض بجلاءٍ؟

إذن التخلص من بؤس المثقف الشيوعي، يشمل كافة تيارات اليسار، ويتطلب رؤية متوافقة مع طبيعة العصر: عصر التعددية من أجل تغيير النظام الرأسمالي، عصر الديمقراطية كآلية لحل مختلف المشكلات، والارتكاز إلى احترام الرأي الآخر في المجموعة ذاتها وفي المجتمع ككل، ويتطلب وراثة جدية لكل ما هو إيجابي في تراث البشرية‭-;-.‬-;- دون تحقق ذلك، والنضال الصلب ضد مشكلات الرأسمالية، ستجد الأخيرة دائماً الأساليب البسيطة في مواجهة اليسار وإبقائه قوى هامشية ومفككة ومنفصلة عن تمثيل الشعب‭-;-.‬-;-

مثقفنا الشيوعي انتهى منذ أن خضع للسوفييت وحفّظوه صبر الانتظار لتحقيق ثورته الشيوعية، ولقّنوه ضرورة دعم البورجوازية “الوطنية” أولاً ثم الأنظمة التقدمية ثانياً، ومنذ تطلسم الواقع عليه كذلك، ومنذ أن ترك الطبقات الشعبية دون تمثيل، ومنذ أن نسخ تجربة لينين وكأنّها التجربة التنظيمية الوحيدة في العمل السياسي لمواجهة الرأسمالية، ومنذ أن توهّم أنه مالك الحقيقة وممثل الشعب‭-;-.‬-;- وحالما تغيّر كل ذلك، راح يطلق الرصاص على الشعب، ويتمسك بالنظام الحاكم لإدامة الاستقرار لأفكاره التي يعتقد أنّ الواقع سيتطور ليصل إليها تعبيرا عن أوهام التغيير الشيوعي‭-;-.‬-;-

هكذا مثقف لا حاجة لأحد به بالمعنى السياسي، ربما تكون له فائدة ما في مجالات العلم والعمل، ولكن بعيداً عن الفكر والسياسة، والحياة بما هي إنتاج الجديد في كل المجالات من أجل تلبية احتياجات الخلق‭-;-.‬-;-








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السيد عمار ديوب
فؤاد النمري ( 2015 / 11 / 19 - 11:35 )
أنت تتحدث عمن شلحوا الشيوعية وراء المحرفين السوفييت
هؤلاء هم الأكثر عداء للشيوعية
ولك أن تصفهم بالمثقفين فالمثقفون هم شريحة من البورجوازية الوضيعة وقد حذر منهم ماركس وانجلز في المانيفيستو الشيوعي ووصفا هؤلاء المثقفين بالرجعيين حتى وهم يناضلون ضد الرأسماليين
لا تسمِّ الربيع العربي بالثورة
هو انتفاضة انتفض الشعب ضد صعاليك العسكرية خطفوا السلطة وأذاقوا الشعب كل صنوف القمع وكبت الحريات
أنها انتفاضة قام بها الشعب بمختلف طبقاته ضد حكم العصابة التي لا تمثل أحداً من الشعب
ولا تقل في سوريا حرب أهلية
فالحرب في سوريا ليست إنتصاراً لعلي أو لمعاوية
الشعب السوري سئم حكم العصابات ويريد أن يختار حكامه بنفسه
وأخيراً الشيوعيون ليسوا مثقفين طالما لهم قضية هي تحرير البروليتاريا وليس أكثر من ذلك
أنا أشجعك في إدانة هؤلاء الخونة خونة بروليتاريا العالم
مع خالص تقديري


2 - منفصل عن الواقع
حسين طعمة ( 2015 / 11 / 20 - 16:51 )
انا منفصل عن الواقع !!!! ,ولا حاجة لك بي كمثقف !!!!!وسأتخلى عن كل ما يمت للوعي والثقافةالتي تفهمها وتحاول تصديرها بصلة ..من حيث انك ناطقها ومقررها !!!,لأني ادعم واقف بقوة مع شعبي وابناء شعبي وعلى كل من يستطيع سماع صوتي و استغاثتي فان لنا وطن يضيع بين الرجعية ومسلكها الحقير والخائن وبين امبريالية لا تعي سوى مصالحها ونفوذها وهيمنتهاواستمرار وجودها ...... من يقف معنا الان ,في محنتنا وكارثتنا في اقسى هجمة بربرية قرو_ اوسطية او ماقبلها,فأنما يكون قد فهم ووعى دوره الانساني في دحر الشر الذي سيطال كل ما هو جميل ومحافضا عن قيم تسمى انسانية .....اجل فالانسانية في خطر !!!!


3 - الشيوعي الملكي اخطر انواع الشيوعية العربية
علاء الصفار ( 2015 / 11 / 20 - 17:21 )
تحيات الاستاذ عمار ديوب
كان القائد علي يعة يقبل يدالملك! كان عزيز محمد يريد بناء الاشتراكية مع صدام اما النمري المعادي الشرس لبشار ,يقول ان الملك الاردن ملك يساري,والسيد يعادي محرر العراق من الاستعمار وعند الغزو للعراق اصطف السيد النمري مع الامريكان ودعى بول بريمر الصهيوني قائد محرر للعراق من صدام! والامم المتحدة اقرت أن العراق بلد سقط احتلالا! بداية بنموذج شيوعي,له مقالات وتعليقات تستطيع دراستها.خرجت مع الالمان في مظاهر ضد غزو العراق فأتهمت بكوني ادافع عن نظام صدام من قبل اليسار واليمين الشيوعي.هكذا صارت العملية في العراق,فجلس الشيوعي في البرلمان الكسيح, ولكي يكسبوا جماهير الليبرالية المتوحشة, رأؤا التخلي عن اللينينية! هكذا من 12 عام لدينا برلمان طائفي, بعد أن بزغ ربيع العراق عام 1991 فسمح الامريكا بطياران العراق المحظور بل صاحبه لقصف الربيع العراقي.خرج الشعب الايراني بربيعه 1978 ولمدة عام ضد الشاه, فلم يجرؤ (تودة) ايران لاستلام السلطة, لان في علمه أن ايران خط احمر امريكي, فأستلمها الخميني.الزمن هو قرن امريكي, فكل حركة ستضربها امريكا والنتيجة الضياع للثورات.كما سقوط كومونة باريس!ن


4 - اتهام كل المثقفين و كل الشيوعيين خطر حقيقي
علاء الصفار ( 2015 / 11 / 20 - 20:17 )
تحية ثانية
اذا ندين اليسار والشيوعيين والمثقفين اجمعين وبلا معيار الموقف فلا يبقى في الساحة الا الاسلامجية و المدعومين من الرجعية الخليجية والامبريالية الامريكية! فطرحت امر الشيوعيين في البرلمان العراقي, وهذا كان يجب توضيحه فالكثير يعرف الاخطاء ويحاول ايجاد حلول ضد اليمين القيادي,أي يجب الفرز في مواقف اليسار والشيوعيين وعلى ضوء الموقف والطرح, فهناك اليمنيني واليساري حتى في داخل الاحزاب, و هكذا حال المثقفين أيضا, أن المواقف والافكار المطروحة, هي التي يجب أن تقيم, أما أتهام الجميع فهو حال للرضى عن الذات, لذا عانيت من ذلك فحاولت الاضافة, ثم من هو السيد فؤاد النمري, اليس مثقف برجوازي من اليمين الشيوعي الديناصوري!ثم نحن نكتب ونقاش الاحرار والمثقفين و الشيوعيين, فلا يجب غمط حقهم في الوجود والعمل و ما علينا إلا توضيح أمر مهم, أن معاداة الامبريالية اليوم هي اساسا النضال الوطني, فنحن كما يقول نؤام تشومسكي 501 عام و الغزو مستمر, فنحن في حالة غزو بربري اسوء من حال الغزو بعد سقوط هتلر,بلداننا تغزى لسقوط الشيوعية كسوفيت وكأحزاب(ش في كل العالم)الموجود هجمة غزو العولمة بذراعها داعش الوهابي!ن

اخر الافلام

.. اعتداء واعتقالات لطلاب متظاهرين في جامعة نيو مكسيكو


.. مواجهات بين الشرطة الأميركية وطلاب متظاهرين تضامناً مع غزة ب




.. Colonialist Myths - To Your Left: Palestine | أوهام الاستعما


.. تفريق متظاهرين في تل أبيب بالمياه واعتقال عدد منهم




.. حشد من المتظاهرين يسيرون في شوارع مدينة نيو هيفن بولاية كوني