الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا بعد أحداث باريس؟

فوزي بن يونس بن حديد

2015 / 11 / 19
كتابات ساخرة


ماذا بعد أحداث باريس؟
فوزي بن يونس بن حديد
[email protected]

بعد الأحداث التي وقعت في فرنسا، وككل مرة تحدث فيها مثل هذه الأعمال يتجه العالم نحو إدانتها بالجملة دون أن يبحث في أسبابها، وكلّما ضربت الدول الكبرى في معاقلها ظنوا أن الإسلام آت، ومقبلٌ على إفنائهم من الحياة، بل إن بعضهم اقتنع أن هذا الدين صار إرهابيا من الطراز الرفيع وأنه ضد الإنسانية، لا رحمة فيه ولا شفقة، ولم يكلّف العالم نفسه البحث في أسرار وخبايا الحدث حين يقع، ومن كان وراءه، ربما توصلوا إلى الفاعلين ولكن لم يستطيعوا معالجة المشكلة حتى لا تتكرر بل أتبعوها بجملة من القرارات التعسفية كالاعتداء على كل امرأة تلبس النقاب أو الحجاب رغم أن الحجاب والنقاب لا صلة لهما بالتفجيرات، فكيف بامرأة محجبة أن تضع قنبلة في وجهها وهي تلبس هذا الغطاء؟ بل إنه ادعاء كاذب لتغطية جرائمهم ضد الإنسانية، فالدولة الفرنسية تاريخها مليء بالجرائم ضد الإنسانية في تونس والجزائر وموريتانيا وغيرها من الدول، مارست ضد شعوبها أبشع أنواع الجرائم، فلم لا يولد جيل يكره فرنسا التي تتبجح بما تفعل اليوم في سوريا وهي تقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وتعتدي على بلد ذي سيادة، كيف لا وهي التي تعمل من أجل تكريس الامبريالية العالمية التي سبقتها إليها الولايات المتحدة الأمريكية وكل الدول الغربية.
هذا الفكر الايديولوجي الغاضب من فئة غير قليلة في العالم، ينفجر يوميا كالبركان ليعلن أن هذه الامبراطوريات الغربية يمكن دكّها من الداخل كما هي تدكّ الآخرين من الخارج، وليست الدول الأوروربية الأخرى بمنأى عن الدكّ عاجلا أم آجلا، لكن هذا الفكر لا يمثل الإسلام في جوهره، وهو ما لم تستوعبه الدول المتقدمة، حكومات وشعوبا، استغلته المافيا العالمية لإحداث اضطراب في المفاهيم الايديولوجية وتكريس الامبريالية الغربية التي عانت منها جميع الشعوب العربية والإسلامية وما زالت تعاني منها في كثير من الدول اليوم بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001م ودعاوى الديمقراطية والشرق الأوسط الجديد، وتقسيم الدول وثرواتها وإطعام ساكنيها الفتات كما يحدث في العراق.
اليوم وبعد أربع سنوات من الحرب على سوريا بدأ يدرك الغرب أن بشار الأسد ليس العدو، بل إن العدو الذي أربك العالم بأعماله التخريبية هو داعش، وبدأ الزعماء يفكرون في صيغة توافقية تحوّل الدعم الذي كان يسير إلى من سموّهم معارضة إلى الرئيس بشار الأسد حتى يواجه الجميع هذا التهديد الإرهابي الذي لم ينكسر بعد رغم الضربات الجوية المميتة على معاقله كما تقول وكالات الأنباء، ويظل عادل الجبير يغرّد في السرب وحده ليطالب برحيل بشار الأسد من السلطة، فاليوم وبعد توجيه ضربة قاسية لباريس، يبدو أن مذكرة لوم جديدة وشديدة اللهجة ستوجّه للسعودية التي طالما كانت السبب الرئيس في الفوضى في سوريا، وتبعتها في ذلك قطر وتركيا، هذا المثلث، بدأ يقتنع أن مقعد سوريا في جامعة الدول العربية الغائبة عن المشهد السياسي العالمي سيظل كما هو تملؤه الحكومة السورية ومعها اليد الطولى في توجيه العرب نحو المسار الصحيح لضرب المعتدين في معاقلهم.
وما دام العالم لم يهتد بعد إلى من يموّل داعش، ويقطع عنه الاتصالات، ويفسد عليه المخططات، ويصطاد القيادات، ويدمّر أوكاره في كل مكان، ويقطع عنه المدد، ويفصل بينه وبين آبار النفط، سيبقى الإرهاب يضرب في كل مكان، وستدمّر بقعٌ لم تظهر في خارطة الحذرين، فداعش لم تمثّل الإسلام ولن تمثّله، هي مافيا تموّلها جهات خارجية لها مصلحة في تدمير الدول العربية والإسلامية وأولها إسرائيل ذلك المعقل الإرهابي الأول الذي يجب أن يدّمر ويقلع من الخارطة الجغرافية والذاكرة الإنسانية، لا بد من معالجة الوضع بعد معرفة كوامن الخطر، أما الضرب من السماء فلن يفيد كثيرا ولن يقطع أوصال الإرهاب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد


.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد




.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا


.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس




.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام