الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المطر يفضح الفساد

محمد حسن خليل

2015 / 11 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



أدت موجة أمطار محافظتى الإسكندرية والبحيرة إلى وفاة وإصابة عشرات الأشخاص غرقا أو صعقا بالكهرباء، فضلا عن إغلاق المدارس والمصالح وتعطل كل الأنشطة الإنتاجية والخدمية، مما يؤكد فساد السياسات المعدة لمواجهة مثل تلك الظاهرة الاعتيادية فى مثل هذا الوقت من العام، حتى لو أتت هذا العام أكثر قليلا من المعتاد فى إطار التغيرات المناخية العالمية.
وأسارع هنا بتوضيح أن تعريف الفساد لا يقتصر على الرشوة والتربح وغيرهم من الأنشطة التى تقع تحت طائلة القانون، ولكن تعريف الفساد حاليا هو "إهدار الموارد المتوفرة بحيث تؤدى إلى أعلى عائد متاح". عكس الفساد هو الإدارة الرشيدة، والتى يسميها البعض بالحوكمة التى تعنى "أفضل إدارة للموارد المتاحة لتعظيم العائد إلى أعلى حد ممكن".
المثال البسيط الصارخ على هذه الإدارة الفاسدة هو أننا كنا طوال عمرنا نرى فى شارع الكورنيش بالإسكندرية بلاعات خاصة فى الرصيف تصرف على البحر مباشرة لتصريف ميناء المطر، حتى جاء مشروع "تجميل" الشاطئ وتوسيع الرصيف فسد فتحات تلك البلاعات فتحول شارع الكورنيش والشوارع المطلة إلى بحيرات!
ينطق هذا المثل بشمول الفساد: بدءا من تصميم توسيع الرصيف دون وضع تطويل مسار المخرات ونقل البلاعات، وحتى فساد التنفيذ، ثم فساد الاستلام، حتى يفاجأ الجميع بنتيجة الغرق فى الأمطار وكأنها مفاجأة. عم الفساد فى البر والبحر، فساد إدارة جهاز الدولة، وغابت حتى المحاسبة اللاحقة لضمان عدم تكرار نفس الخطأ! وأصبح الحل اللجوء للجيش وعدم إصلاح جذرى للإدارة المدنية!
ولكن القصة بالطبع أوسع من ذلك وتعود إلى تاريخ محدد هو تاريخ تشكيل لجنة السياسات فى الحزب الوطنى فى سبتمبر عام 2002! من المعروف أن تشكيل لجنة السياسات فى المؤتمر الثامن للحزب الوطنى الحاكم فى عهد مبارك صاحبه تغيير فى مطبخ صنع القرارات بإزاحة من عرفوا بالحرس القديم أو تحجيم نفوذهم (يوسف والى، صفوت الشريف، الشاذلى...) ليحل محلهم رجال الأعمال أصدقاء جمال مبارك أعضاء لجنة السياسات. ومن المعروف أيضا أن أى وزير أو مسئول يعرض على مبارك أى من قضايا الوضع الداخلى كانت إجابة مبارك "هل عرضته على جمال أولا؟"! لهذا صرح هيكل فى أعقاب الثورة بأن الجريمة الحقيقية التى يجب أن يحاكم مبارك عليها هى خيانة النظام الجمهورى بمشروع التوريث! وتمخض الموضوع عن فيلتين يسهل على جمال مبارك أن يسدد ثمنهما!
كادت تتوقف ميزانيات الصيانة فى عهد لجنة السياسات، واتسع نهب رجال الأعمال الذين صاروا وزراء. أوضح الأستاذ عبد الفتاح الجبالى فى مقاله الأسبوعى بالأهرام الأربعاء الماضى أن ميزانية الصيانة عام 2001 – 2002 كانت تبلغ 9.1% من جملة الإنفاق الحكومى. التاريخ طبعا قبل بدء لجنة السياسات. أما بعد ذلك فانخفضت الميزانية إلى 6.7% عام 2011 -2012 ثم 4.9% عام 2013 - 2014! وأصبح السلوك الحكومى بعد الثورة هو استمرار العمل بكل رجال العهد القديم وسياساته، والتقشف فى صيانة الخدمات وحتى التعليم والصحة رغم أنف الدستور!
الحل هو علاج فساد السياسات وليس مجرد التقشف! الحل زيادة الموارد بالضرائب التصاعدية مع تطوير حقوق الشعب فى الخدمات كما نص الدستور.
دكتور محمد حسن خليل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا