الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النزاهة والدور المرتجى

زيد كامل الكوار

2015 / 11 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


صرنا نخشى أن تكون مفردة النزاهة قد أصبحت مصطلحا مفرغا من محتواه الجدلي، لأننا لم نجد في أماكن كثيرة لهذه المفردة سوقا ينشط فيها تداول تلك المفردة إلا في مهاترات ومنازعات الكتل السياسية أو دهاليز دوائر الدولة التي يجري فيها تهديد بسطاء الموظفين وصغارهم إذا لم يتعاونوا مع المراجعين المستفزين المستعجلين أو مع رؤسائهم الذين يحاولون لصق التهم والشبهات التي تحوم حولهم ويبحثون لها عن كبش فداء ضعيف بائس مسكين، فكلنا يعلم أن حيتان الفساد الكبيرة محصنة ولا يمكن للنزاهة أو غيرها المساس بهم أو محاسبتهم بل حتى تقديمهم إلى العدالة من أجل كشف ما إذا كانوا أبرياء أو مذنبين، فالنزاهة اليوم في العراق وبكل مسمياتها ودوائرها ابتداء من هيئة النزاهة إلى لجنة النزاهة البرلمانية وليس انتهاء بمحكمة النزاهة أو ديوان الرقابة المالية، كل هذه المرافق الحكومية أصبحت مرتعا للفساد المالي والإداري، فان لم يكن الفساد المالي والإداري في دوائرها، فهو موجود متمثل في تقاعسها وتقصيرها البين الواضح في ملاحقة الفاسدين وتقديمهم إلى المحاكم المختصة لمحاسبتهم وإنزال العقوبة المناسبة بهم. والتهاون في هذا المجال هو الذي شجع المفسدين والفاسدين على التمادي في الفساد إلى حد إغراق البلد في دوامة التقشف والإفلاس المتوقع قريبا وفق توقعات الكثير من المختصين في هذا المجال، و بما أن هيئة النزاهة بدوائرها التابعة لها والداعمة هي المسؤولة عن منع الفساد وكشفه ومحاسبة مرتكبيه، فقد أصبحت بالنتيجة راعية للفساد وداعمة له في واقع حالها لا بدورها المفترض المرسوم لها.
وليس بعدما قدمنا عن النزاهة من مثالب وسلبيات إلا أن نعدد محاسن نفتقدها جزئيا أو كليا في كيان النزاهة في الدولة العراقية ولم أقل في الحكومة العراقية لأن النزاهة مستقلة كما يفترض في الدستور العراقي ولا تتبع للحكومة، فمن واجب النزاهة والرقابة المالية والإدارية، متابعة نشاطات الحكومة وملاصقتها التصاق الشيء بظله، ولا يكون ذلك إلا بانتخاب الموظفين النزيهين من ذوي الخبرة العالية بالعمل الحكومي والإلمام الكامل بل خبايا وخفايا ودهاليز البيروقراطية الإدارية لتلافي وقوع الخطأ وتشخيص الخلل ومعالجة تراكماته وتداعياته قبل تفاقمها، ولا ننسى أن من المقدمات المهمة بمكان في إعداد جهاز رقابي سليم كفء مهني، الإعداد والتدريب الجيدين والإلمام بالأصول القانونية للقوانين المرعية في العمل والمعاملة، مع أمر آخر ينبغي تأمينه وهو على جانب كبير من الأهمية ألا وهو بث وتعميق تعزيز روح المواطنة في نفوس العاملين بالنزاهة، ثم ومن بعد ذلك تأمين حياة العاملين في هذا المجال وضمان مستقبلهم عن طريق تأمين السكن اللائق وكافة الاحتياجات الضرورية من الراتب المجزي والإجازات السنوية التي تتيح لهم السفر للسياحة سنويا لتعزيز ثقافتهم والترفيه عنهم بما يؤمن عدم حاجة أي منهم إلى التفكير بالكسب غير المشروع الذي يخرجه من دائرة الثقة والنزاهة.ففي دول العالم المتحضر التي تحترم نفسها تتم معاملة كل المشتغلين في القضاء والنزاهة والتعليم والتدريس الجامعي معاملة خاصة تضع أولئك العناوين في وضع يغنيهم عن التفكير في المال وكيفية تحصيله لأن الدولة قد أمنت احتياجاتهم الحياتية كافة من تعليم أبنائهم إلى السكن والعلاج والتنقل وكافة ما تستلزمه حياتهم وبالمستوى الذي يليق بأمثالهم فهم صمام أمن الحكومة والمجتمع، هذا ما يجب أن تكون عليه دوائر النزاهة وموظفيها ، لا سلطة لأحد غير القانون عليهم ولا مرجعية لهم غير الدستور والقانون فلا تأثيرات أو تهديدات أو إغراءاتـ بهذا الإعداد الذي ذكرنا والظروف الممتازة والأجواء الايجابية يمكن لنا أن نؤسس لجهاز رقابي نزيه محترف يحفظ على الوطن والمواطن ماله من الضياع والتبديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصل جديد من التوتر بين تركيا وإسرائيل.. والعنوان حرب غزة | #


.. تونس.. مساع لمنع وباء زراعي من إتلاف أشجار التين الشوكي | #م




.. رويترز: لمسات أخيرة على اتفاق أمني سعودي أمريكي| #الظهيرة


.. أوضاع كارثية في رفح.. وخوف من اجتياح إسرائيلي مرتقب




.. واشنطن والرياض.. اتفاقية أمنية قد تُستثنى منها إسرائيل |#غرف