الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا بين مطرقة تقرير ديتليف ميليس وسندان تقرير تيري رود لارسون,

انغير بوبكر
كاتب وباحث مغربي مهتم بشؤون الديموقراطيةوحقوق الانسان

2005 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


تشبه كثيرا التطورات المتلاحقة والمتسارعة التي تشهدها منطقة الشرق الاوسط في الشهور القليلة الاخيرة بصدور تقريري ميليس ولارسون الاجواء السياسية المحيطة بتقرير هانز بليكس المتعلق بأسلحة الدمار الشامل والذي مهد للإجتياح الامريكي للعراق ، الا الفرق بين المناخين هوانضمام فرنسا بقوة الى الجهود الدولية لفرض الحصار على سوريا باتهامها باغتيال الرئيس رفيق الحريري ، لذلك بدت الخارجية السورية في ارتباك كبير خاصة مع اعلان الرئيس بشار الاسد عن تخوين كل سوري ثبت تورطه في الجريمة فيما اورد تقرير ميليس الاصلي اسماء شخصيات تربطها علاقة الدم والقرابة مع الرئيس مباشرة ولها علاقة مفترضة مع الجريمة الارهابية التي كان ضحيتها الحريري.
لكن اسئلة كبرى وشائكة واستنتاجات مهمة تتبادر الى اذهان كل المتتبعين بخصوص التقريرين الهامين فلنبدأ بالاسئلة المتعلقة بتقرير ميليس:
1- لماذا اغتالت الاجهزة الاستخبارية اللبنانية السورية المشتركة الرئيس الحريري وهو لم يكن معارضا قويا للنظام السوري بل اذعن لقرار تمديد ولاية رئيس الجمهورية اللبناني اميل لحود ؟ نفس هذا السؤال ولكن بلغة انكارية صرح به الرئيس بشار الاسد لاحدى القنوات الامريكية.
2- لماذا لم يزج اسم حزب الله في حادث الاغتيال اذا كان المقصود من التقرير ما اسماه البعض بالاقتصاص السياسي ؟ الا يضيف تغييب اسم الحزب وهو المعروف بالتزامه السياسي ونضج مواقفه وشعبيته الواسعة مصداقية للتقرير ولنتائجه؟
3- اليست مواقف سعد الحريري وهو المكلوم المباشر بفقدان والده ومواقف باقي الفصائل السياسية وخاصة مواقف الزعيم الدرزي وليد جنبلاط في غاية الروعة والتسامح والعقلانية السياسية وبعد النظر عندما رفضوا معاقبة الشعب السوري بجريرة ممارسة فاشية مجرمة من قبل حفنة من الاشرار؟.
4- الا يمكن اعتبار مبادرة الرئيس السوري بتشكيل هيئة قضائية لمتابعة التحقيق في اغتيال الحريري مناورة سياسية هدفها الوحيد هو عدم وصول التحقيق الدولي الى سدة الحكم السوري وكذلك قطع الطريق امام القرار الدولي الامريكي الفرنسي الذي لامحالة سيطالب للفرصة الاخيرة سوريا بتعامل جدي ومسؤول مع لجنة التحقيق الدولية ؟
ان اسئلة حقيقية يتبادلها الرأي العام وهو في نفس الوقت منقسم حول اجوبة مفترضة عليها فمعظم المتتبعين المشككين بالنوايا الامريكية يعتبرون ان جريمة اغتيال الحريري لا يمكن ان تكون سورية وان السوريين ليسوا بالغباء الى درجة عدم معرفة العواقب المستقبلية لاي جريمة او حدث من هذا النوع ويسوق هؤلاء المتعاطفون في الحقيقة مع النظام السوري مبررات هذا الضغط الامريكي برفض سوريا التخلي عن الفصائل الفلسطينية واللبنانية المقاومة وعدم مباركتها للغزو الامريكي للعراق , زيادة على الاتهام الكلاسيكي الامريكي لسوريا بتمويل الانتحاريين في العراق وبالسماح بتسلل المقاتلين وهو ما تنفيه دمشق دوما.
الا ان جزءا من الرأي العام يرى ان الانظمة الديكتاتورية كالنظام السوري يستبدبها طغيانها وجبروتها و تقوم بحماقات غير محسوبة وهي نتيجة مباشرة لهذيان القوة والعظمة ويستندون الى دلائل تاريخية قاطعة فإجتياح النظام الديكتاتوري لصدام حسين للكويت ليس الا مثالا على وصول النظام العراقي لمرحلة افوله السياسي فكل المتتبعين استغربوا الاجتياح العراقي لدولة صديقة للعالم واكثر من ذلك هي بمثابة القلب بالنسبة للجسد الامريكي خصوصا وانها تحتوي على البترول وهو سبب رئيسي لكل صراعات الازمنة المعاصرة , فهل غزو العراق للكويت لم يكن مستبعدا قبل ذلك لكن الانظمة الديكتاتورية لا منطق للقوة لديها ولا تحسب للسياسة احيانا اي حساب.كذلك يعتبر البعض ان النظام السوري بحقده الدفين اتجاه الحريري- وهو ذو العلاقات الدولية الكبيرة وصاحب المشاريع الاقتصادية الكبرى- قد يتخذ قرار تصفية الحريري بناءا على معطيات ليست احيانا بالدقيقة وهي انشغال امريكا بحربها الضروس في العراق ومع الضربات الموجعة التي تتعرض لها في العراق وافغانستان بات من الصعب ان تغامر في حرب ثالثة مع النظام السوري مما شجعه –حسب البعض دائما –في تصفية احد اكبر معارضي التواجد السوري بلبنان والمتهم سوريا بالوقوف وراء اصدار القرار 1559 الذي يستهدف النفود السوري في لبنان ، كما ان هذا البعض يرى ان النظام السوري يعيش ازمة سياسية داخلية بسبب قوة المعارضة السورية في الخارج والتي يمولها رفيق الحريري ويتم استضافتها فرنسيا وهذه التهمة من قبل سوريا كافية لتصفية الحريري ومن والاه.
ومهما يكن من هذين الرأيين فتقرير ديتليف ميليس حشر النظام السوري في الزاوية وسلط عليه كل اضواء المحاكم الدولية والمنظمات الدولية وهي آليات كافية لإضعافه وإذلاله خصوصا اذا علمنا ان الاستراتيجية الامريكية المعلنة اتجاه النظام السوري لا تتوخى تغيره كليا- خوفا من بديل اسلامي سيصل الى سدة الحكم في اي انتخابات حرة وديموقراطية حاليا في سوريا- انما اضعافه حتى يستجيب لمطالبها المتعلقة اساسا بحماية اسرائيل عبر وقف دعم حركات المقاومة وحماية الجنودالامريكيين عبر حراسة الحدود مع العراق.
اذا كان القرار 1595 المتعلق بلجنة التحقيق الدولية قرارا لم يحظى بالاجماع من طرف كل القوى اللبنانية واختلفت حوله حتى القوى المشكلة للحكومة حيث في الوقت الذي اشادت به القوى المسيحية وتيار المستقبل واعتبرته طريقا مهما نحو الحقيقة والعدالة فيما اعتبرته القوى الشيعية الرئيسية "حزب الله وحركة امل " لايفي بالحقيقة المنتظرة وهذه القوى هي المشكلة لحكومة السنيورة فإن تقرير تيري رود لارسون والمتعلق بتنفيذ بنود القرار 1559 المتعلق بنزع سلاح الميليشيات اللبنانية والفلسطينية على حد تعبير لغة القرار لا يحظى بموافقة سوى قوى قليلة منضوية تحت سقف قرنة شهوان المسيحية لذلك فتقرير تيري رود لارسون ضغط اضافي على سوريا في شقه المتعلق بسحب ونزع سلاح حزب الله رغم انها ليست معنية مباشرة بتنفيذ هذا القرار حيث ان البند المتعلق بسوريا في القرار قد تم تنفيذه وباعتراف الموفد الاممي نفسه والمتعلق بسحب الجيش والمخابرات السوريةمن لبنان لكن واشنطن قد تفكر باجراء صفقة سياسية على حساب دم الحريري ورفاقه تقضي بمحاكمة بعض المسؤوليين السوريين الثانويين في الجريمة وباختيار من دمشق مقابل سحب سوري للتغطية على حزب الله واعطاء معلومات دقيقة عنه لعدوه اللذوذ اسرائيل وكل هذا مقابل تعهد امريكي باستمرار النظام السوري واعادة الحياة اليه وهذه هي نفس المنهجية التي اتبعتها واشنطن مع النظام الليبي وهو الذي تورط في تفجيرات طائرات تقل امريكيين وفي اختطاف امريكيين ولكن في نهاية المطاف استطاع ان يشري ود الادارة الامريكية ببضع مليارات الدولارات وان ترضى عنه امريكا وان يقول بوش عن القدافي بأنه رجل سلام , ومهما يكن السيناريو الليبي مستبعدا في الملف السوري لتعقيدات مختلفة فإن الحقيقة المؤكدة ان الولايات المتحدة الامريكية وعبر تاريخها الطويل لم تكن طلابة ديموقراطية ولا اصلاح الا ان تكون مصحوبة ببعض مليارات الدولارات .
وعلى كل حال فالنظام السوري مطالب بالانفتاح السياسي الحقيقي وبالافراج عن المعتقليين السياسيين ورفع الحجر عن الحياة السياسية لكي يتمكن الشعب السوري من مواجهة كل التحديات والتطورات وان يحس بأن معركته مع غيره معركة الكل وليس معركة نظام ديكتاتوري يتهاوى تحت ضربات الخارج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات التشريعية في بريطانيا.. هل باتت أيام ريشي سوناك م


.. نحو ذكاء اصطناعي من نوع جديد؟ باحثون صينيون يبتكرون روبوت بج




.. رياضيو تونس.. تركيز وتدريب وتوتر استعدادا لألعاب باريس الأول


.. حزب الله: حرب الجنوب تنتهي مع إعلان وقف تام لإطلاق النار في




.. كيف جرت عملية اغتيال القائد في حزب الله اللبناني؟