الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدينة ليس كبقية المدن/1

رابح عبد القادر فطيمي
كاتب وشاعر

(Rabah Fatimi)

2015 / 11 / 19
الادب والفن


المدينة مهجورة ،من لم تصبه المنية ،رحل عنها ،القلة هي التي تمسكت باالتراب وآثرت البقاء على الرحيل. لما لا الرحيل .ورائحة البرود طغت على كل لأشياء ،ان بقت هناك أشياء. وكأنه إتفاق جماعي مسبق على ترك المكان او هكذا كتب علبنا منذ لأزل أن نحمل أمتعتنا ونجول على بيوت لآخرين هكذا تكلم أحد المهاجرين وهو يجر ابنه بيد ويحمل أمتعته باليد لأخرى وعيناه تراقب خوفا من رصاصة طائشة إلى أين الرحيل لا أحد يدري ،المهم ان لا نكن ضحية المئة أو المئة وواحد ،أن تسميني مهاجرا أن تسجلني لاجئا أن تناديني نازحا أولى من رصاصة قناص يتربص المارة من عال ،هكذا بدا تفكير أبناء المدينة قبل النزوح الجماعي. التقيت سليم وسط المدينة تحول الى شبه انسان لم أشئ أن أسأله الا انه تفجر كبركان مدينته ."لم يفارقنا البارود يا رجل منذ البارحة لاشتباكات بجانب منزلي لا تدري من ضد من ولا من مع من ،الكل ضد الكل والكل مع الكل. بلد فعلا غريب لم أقرأ في حياتي ولم أشاهد بلد كبلدنا .تعاشر الواحد زمن لا تدري أين هو من فالان وأين ذهبت معه في الحديث ذهب معك وأخيرال ا تدري ماذا يريد أن يقول ولا تمسكه من طر ف،كان لا بد لمدينتنا أن يصيبها هذا الزلزال ليعود انساننا الى طبعه الى طبيعته الى انسانيته الى انسانه انساننا مريض لكنه سوف يصحومتأكد أنه سوف يصحوا بعد هذا الزلزال الذي سوف يهزه من لأعماق ليعود الى الحياة ثانية.".شعر سليم بتقزز من واقعه وهو يسترسل في الحديث،" بالله..بالله عليك.أليس مايحدث لنا هو عقاب جماعي يستحقه الكثير منا؟، كنت اهز رأسي لم أكن ادري أكنت موافقا حديثه أم لا.الا أنّ الذي أدريه ان سليم كان يتحدث في جوهر الموضوع،تبا لهم من قادوا البلاد وضعونا في سجن كبير وحدثونا على لانتصارات وعلى خوض الحروب وعلى المنافسة وحدثونا عن لاختلاف وتمايز عن الشعوب وحدثونا عن الحرية والديمقراطية ،تبا لهم كيف بشعب تعداده بالملاين وضعوه في سجن ،وطوال الوقت يطلبون منه أن يكون كباقي شعوب لأرض،طبعا لا يمكن"،أراد سليم أن يتحدث كل شيئ ذلك اليوم ،ومن جهتي لم أشأ أن أقاطعه ،هو متعطش للحديث ،وأنا متعطش لسماع. كلانا موجوع ،متألم لما عاشه ويعيشه.الذي عشناه شيئ يفوق الخيال ."يستمر سليم"35 سنة منذ ولادتي وأنا أشتهي الحديث بحرية كباقي الشعوب التي ألتقيها أو أقرأ عنها الاّ أنّ ذلك لم يحدث يوما،لماذا؟ إ سألني ،أريد منك أن تسألني"،قلت له لماذا ،تنهد بعمق كمدخنة عتيقة نفذت كل دخان السنين،"آه سألتني ،برافوا عليك ،ببساطة لم أشعر حتى وأنا داخل مخدعي أني وحدي دائما أشعر بالمراقبة ،دائما لدي لاحساس أنّ هناك كميىرا تراقبني وتحذرني إياك من السياسة ،وكلما هممت لأتحدث عما أرفضه سرعان ما تجدني أحجم وأتردد.وأقول ياولد بالاه أكل هوا.".شعرت حينها أنّ كل الناس التي عاشت تلك الفترة عاشت المأساة مثلي ،لم أكن وحدي .
وكل منا عاش مأساته بطريقته ،منا من إختار المنفى ،ومنا من اختار المواجهة والسجون،والكثير اختار لاندماج في واقع لا يطاق الاّ أنه أثار السلامة التي لا تخلو من النفاق،ورضى بتلك لازدواجه يواصل سليم مدفوعا بشغف الحديث والبوح :"أنظر..أنظر..مدن حولنا لا تبعد عنا الكيلومترات’تعيش في سلام ووئام ،لماذا لم يحدث هناك مايحدث هنا؟.مايجري عندنا شيئ يفوق خيال لإنسان .كان لابد أن يحدث ،لم أشك يوما أن الذي يجري عندنا من مأساة تصل الى حد العبثية أنه سيحدث لا محالة ،لا شيئ يمنعه ان يحدث ،لا شيئ يمنع مدينة مثل مدينتنا أن تنفجر في وجه الجميع وتجرف الجميع معها .وهذا الذي صدقه ضني طوال حياة عمري . كما نخشى من قارورة الغاز ان تنفجر ،وشرارة سلك الكهرباء أن تحدث حريقا مهولا ،كذلك كان علينا أن نحذر من مدننا أن تلتهب ،وانساننا ان ينفجر ،بل هنا أكثر من هناك ، وكان يجب علينا أن نحذر، ولكنه ياس يدي الغباء ولأنانية غالبة

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان محمد الجراح: هدفي من أغنية الأكلات الحلبية هو توثيق ه


.. الفنان محمد الجراح يرد على منتقديه بسبب اتجاهه للغناء بعد دو




.. بأغنية -بلوك-.. دخول مفرح للفنان محمد الجراح في فقرة صباح ال


.. الفنان محمد الجراح: قمت بالكثير من الأدوار القوية لكنها لم ت




.. نقيب المهن التمثيلية يكشف حقيقة شائعة وفاة الفنان حمدى حافظ