الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عالم موحش غريب ... قصتان قصيرتان

صلاح زنكنه

2015 / 11 / 20
الادب والفن


1- وحشة

الرجل الأعمى وهو يتلمس طريقه بعصاه , أدرك أنه ضل سبيله بعد أن قطع مسافة خالها جد طويلة , تحسس الأرض بمجسه العصا وخمن ... ثمة حشائش
مشى بضع خطوات , فأصصطدمت عصاه ببعض الأغصان , قال مع نفسه ... يبدوأنها حديقة , ولما شعر بالضيق والحيرة , حاول أن يستنجد بأحد , فصاح :
_ أين أنا ؟
من زواية ما , قبالته التقط صوتا أنثويا :
_ ماذا تريد ؟
انفرجت أساريره , وأحس ببعض الطمأنينة وأكد :
_ أريد أعرف أين أنا ؟
_ أنتَ في بيتي .....
( في بيتها , بيت امرأة , لابد للبيت باب , كيف دخلت ؟
يا للأشياء الجميلة , أن تكون في بيت امرأة , امرأة وحيدة )
فكر مع نفسه وتسأل :
_ من جاء بيّ الى بيتكِ ؟
_ لا أدري , بابي مفتوح على الدوام .
( أنها امرأة وديعة ) وأيقن أنه صار على مقربة منها , فاستدرك :
_ لقد أخطأتُ الطريق , علي أن أخرج .
حينئذ شعر بيد ناعمة ملساء , تطبق على يده وثمة عصا أصطدمت بعصاه
وذلك الصوت الأنثوي الحنون يتوسل :
_ لا أرجوكَ , قدني الى الباحة , لنتحدث قليلا فأنا بحاجة لشخص
أتحدث معه , أرجوكَ .
1992

2_ الماضي

بعد ثلاثی-;-ن عاماً عاد.
عاد إلى الماضي الذي خلفه وراءه.
الشوارع غی-;-ر الشوارع ، البی-;-وت غی-;-ر البی-;-وت ، الناس غی-;-ر الناس , حتى الأشجار
والحدائق والساحات والمحال أخذت أشكالاً أخرى لم ی-;-ألفها .
الماضي أی-;-ن الماضي ؟ صباه وشبابه وذكری-;-اته ؟
بحث عن شيء ی-;-دله ، عن بصی-;-ص ، عن كوة ، عن خی-;-ط ی-;-شده إلى هناك الذي هو هنا
الزمن الغابر والعابر الذي ولى ولن ی-;-عود .
أي حنی-;-ن جارف هذا؟
وجد نفسه في عزلة رهی-;-بة وثمة حزن قاتم ی-;-غلف روحه ثمة عبرات تخنقه , ثمة قطرات ساخنة تبلل جفنی-;-ه , لم ی-;-شعر بالوحدة والضی-;-اع مثلما ی-;-شعر الآن .
قادته خطواته البطی-;-ئة إلى هناك حی-;-ث البی-;-ت الآی-;-ل للسقوط والباب الخشبي العتی-;-ق، الباب ذات الباب والبی-;-ت بطرازه العثماني مازال محافظاً على رونقه .
ها هو القلب ی-;-خفق، قلبه ، ها هو الجسد المتعب ی-;-نز عرقاً ، جسده ، ها هي الی-;-د ترتعش ، ی-;-ده وهي تطرق الباب بوجل طرقة ، طرقتی-;-ن ثلاث طرقات...
... ( من بالباب ؟ )
ی-;-أتی-;-ه الصوت من هوة سحی-;-قة من أعماق الماضي الذي تماثل بصوتها الرخی-;-م
الماضي بقضه وقضی-;-ضه ، ی-;-هزه ی-;-باغته، ی-;-طل علی-;-ه عبر وجهها الذي نحت علی-;-ه الدهر غضونه
أصم ، أبكم ، أعمى هو الآن .
الماضي ی-;-سطو علی-;-ه وی-;-جرده من كل شيء .
_ أنت...؟
تقدم خطوتی-;-ن نحوها ثم لبث واقفاً كتمثال ، هزته بلهفة , فتهالك في حضنها دون نأمة أو حراك , فتلاقفته كما القبر .
1994








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لتسليط الضوء على محنة أهل غزة.. فنانة يمنية تكرس لوحاتها لخد


.. ما هي اكبر اساءة تعرّضت لها نوال الزغبي ؟ ??




.. الفنان سامو زين يكشف لصباح العربية تفاصيل فيلمه الجديد


.. الفنان سامو زين ضيف صباح العربية




.. صباح العربية | الفنان سامو زين ضيف صباح العربية