الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فصل الدين عن الدولة

زيد كامل الكوار

2015 / 11 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


فصل الدين عن الدولة

منذ المحاكم الكنسية التي كانت تحدث في أوربا في القرن السابع العاشر ، وهيمنة الكنيسة على المجتمع عن طريق امتلاكها المساحات الشاسعة والنسبة الأعظم من الأراضي، وتحولهم إلى إقطاعيين جشعين في تعاملهم مع بسطاء الفلاحين الفقراء، وتحديدها الحريات وإطلاق اتهامات الهرطقة على الأدباء والفنانين المبدعين، واتهامات السحر والشعوذة على العلماء والفنيين المخترعين، ومحاولة الكنيسة الأوربية إبقاء التخلف والظلام مهيمنا على الأجواء الإنسانية العامة في أوربا لاستمرار تمتعهم بالسلطة المالية والدينية والسياسية، فالموروث الظلامي للمجتمع الاوربي قبل قيام الثورة الصناعية العظيمة في أوربا بعد اكتشاف المحرك البخاري الذي احدث ثورة عظيمة هزت المجتمع الاوربي الذي كان منصاعا بكليتيه للكنيسة التي كانت تتدخل في كل الأحداث اليومية للمواطنين والبلاط الحاكم على حد سواء، الأمر الذي اوجد تحالفا مصيريا بين الكنيسة والبلاط الحاكم من اجل حث المواطنين عن طريق الكنيسة على دفع الضرائب الكبيرة التي كانت ترهق المواطن وكل ذلك من أجل تمويل الحملات العسكرية المستمرة حيث الحروب التوسعية المستمرة بين الممالك والإمبراطوريات الأوربية من جهة والإمبراطورية العثمانية من جهة أخرى، الأمر الذي اوجد ظروفا معيشية صعبة في أوربا حيث الضرائب الكبيرة المفروضة من قبل السلطة والمؤيدة من قبل الكنيسة حتى حدثت الثورة الفرنسية في وقت كان الكهنة هناك لم يتجاوز عددهم المائة ألف لكنهم ملكوا عشر الأرض فضلا عن التمتع بدخل لا يُستهان به من العشور المفروضة على الفلاحين، وكانوا يحكمون أنفسهم بمجامع تعقد مرة كل خمس سنوات، وكانت للكنيسة أرادتها الخاصة وهي مسئولة عن مالياتها وكانت معفاة من الضرائب، ولكنها قدمت منحة استطاعت من خلالها أن تفرض الضغط المالي على الحكومة عن طريق التهديد بقطع هذه المعونة للخزانة أو خفضها.
ولم تكن الكنيسة مستقلة ذاتيًا وحسب بل أنها مارست كثيرًا من السلطة التي طالبت بها الحكومات المدنية فيما بعد فقد كانت تهيمن على التعليم هيمنة تكاد أن تكون تامة، وكان الإعلام في قبضتها جزئيا لأن منبر الكنيسة كان الوسيلة الوحيدة لنشر الدعوة لسياسات الحكومة على جمهور كبير معظمة من الأميين، أضف إلى ذلك أن الكنيسة كان في استطاعتها منع المطبوعات التي كانت ترى فيها خطرا على الدين أو على الأخلاق، ولم تكن الكنيسة مالكة كبيرة للأرض فقط، بل كانت مصدر للعمالة في المدن وعلى سيبل المثال فقد كانت الطوائف والطرق الدينية تمد معظم المستشفيات بموظفيها وكان النبلاء والبورجوازيون قد تربوا في مدارسها، والسكان جميعاُ يحتفلون بأعيادها الدينية وكانت أملاكها تشغل أجزاء كبيرة من المدن، ففي تولوز في الجنوب وابخيه شغلت المباني الكنسية وحدائقها نحو نصف مساحة المدينة وكان نظام الكنيسة الفرنسية مرآه تعكس نظام المجتمع العلماني، فقد فرق هذا النظام تفرقه حادة بين القيادة الكهنوتية الحاكمة والقاعدة من رجال الدين الفقراء، وكانت هذه التفرقة تقوم أساسا على شرف المولد "
فقد كان الأساقفة كلهم من النبلاء، كذلك كانت رئاسة كثير من المجامع الكنسية والبيوت الدينية للرجال والنساء حكرًا على الطبقة الإقطاعية دون غيرها، بل كثيرا ما كان رؤساء الأديرة ورئيساتها ونظار الكنائس يعينون وهم ما يزالون أحداثًا.
وشاع المنصب الديني في المجتمع بين المناصب، وكفلت الرواتب السخية والمنافع المتجمعة رزقا مربحا لرجال الدين النبلاء. وبعد أن فاض صبر الكاسبين البسطاء من العمال والفلاحين يدعمهم المثقفون الثوريون المصلحون الذين تمكنوا وبجهود جبارة من توعية تلك الشرائح العريضة من بسطاء الناس ففجروا ثورات نقلت السلطة إلى الشعب الذي تمكن وبجهود وأفكار المفكرين والمثقفين المخلصين من تأسيس الدولة المدنية بعد تجارب عديدة فشل الكثير منها لكن إصرار الشعوب على تحقيق الدولة المدنية الكافلة لتحقيق العدالة الاجتماعية والرفاه الاجتماعي وحرية ممارسة الطقوس الدينية الخاصة من دون تدخل أو تأثير الدولة في ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. ”قاتل من أجل الكرامة“.. مسيرة في المغرب تصر على وقف حرب الا




.. مظاهرة في جامعة السوربون بباريس تندد بالحرب على غزة وتتهم ال


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المشاركين في الاعتصام الطلابي




.. بعد تدميره.. قوات الاحتلال تمشط محيط المنزل المحاصر في بلدة