الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يمكن للطائر أن يحلق بجناحٍ واحدٍ ؟!

دعد دريد ثابت

2015 / 11 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


اليوم يومٌ ليس ككل الأيام. فهو يذكرني بكل مؤلمٌ ومفرحُ في آنٍ واحدٍ.
وعلى مر العصور والتاريخ، ومر البلدان والأمصارِ. زمن مشبعٌ بويلات وشهقات، أفراح وأتراح، أُختصر بيوم واحدٍ أو بأيام، نسميها كما نشاء لنقدسها ونحتفي بها أو نلعنها ونصب عليها جام غضبنا. لماذا يتم إختيار هذا اليوم وليس غيره؟ هل هناك سبب مقنع أو منطقي، أم هو عبث آخر، كما هو العبث من ساعة مولدنا الى مماتنا. يتهيأ لنا إننا نتحكم بكل شئ مابين هاتين النقطتين، ونحن نتخبط في إلهاء وجودنا المؤقت في زمن لانستطيع القبض حتى على لحظته!
كنت أود لو أستطعت وقلبي غير مثقل بالآلام والهموم، أن أخرج وأقبل كل رجلٍ اليوم بعيده. ولكن كيف لي، وأكثر المحن والمصائب والحروب والإغتصاب تأتينا بكل قسوة وجلادة وبكل المراحل التأريخية على يديه؟!
الإنسان منذ ولادته هو أبشع المخلوقات أنانية. فترى الطفل باكياً زاعقاً يحرم والديه النوم وربما التقرب عاطفياً، لضمان بقائه وعدم تناسلهما، وإنجاب طفل آخر، قد يقلل من فرص بقائه وتدليله. وتستمر هذه الأنانية بالإحتكار الشخصي، إن لم تردعها التربية القويمة التي تحاول جهدها التخفيف من هذه الأنانية اللإنسانية. إذاً إنسانية الإنسان هي ليست أمراً طبيعياً يتم بمجرد ولادته. إنما هي أمرٌ مكتسبٌ يتم على أيادي كثيرة وآخرها على أيدي صاحبها. فهي تحتاج لجهود مكثفة وعنادٍ مستبسلٍ ضد مغريات الأنانية والجحود وحب الذات النرجسي.
وإحدى أنواع هذه الأنانية وأكثرها إيلاماً، هي أنانية الرجل. فهو يتصور نفسه كوجود مستقل والإله المنزل والكل عليهم أن يدوروا حول محوره. وكل شمس بذاته. وتبدأ إصطدامات الشموس ببعضها والنجوم التي تدور حولها كائن من يكون. والغريب إنه لايستفاد من عبر التاريخ والماضي، بل على العكس يزداد تفننه بالقتل والمرارة والقسوة. وبشكل خاص في مرحلة الشباب وهرمون التيسترون على أوجه.
ربما قد تحرر الرجل الغربي نوعا ما والجم هذا الهرمون العدائي بتوجيهه الى الخلق والإبداع. عكس نظيره الشرقي، الذي لايزال يتخبط كسلطان كل على حدة، على عرشه. هذا العرش يكون بداخل منزل أبويه، ليمتد ويصبح عرشاً مع زوجته وأولاده، ويتسع في محيط رفاقه وفي محل عمله، وربما لو أستطاع لفعل مفعوله في كفنه.
وكل ماهو من ضمن محميته وتحت مظلة عرشه، وجب حمايته والإستبسال والذود عنه. وماعداه يكون بحكم أملاك غريم وجب أيضاً الإستيلاء عليها إن أستطاع أو تدميرها إن لم يستطع ذلك. غير آبهٍ بويلات الأمهات الثكالى والزوجات والأبناء والفتيان، فالغريم سيفعل ذلك وأكثر ربما.
أما في أوقات السلم إن وجدت، فهي حرب مستعرة أيضاً في اللهاث المستمر للتبوء بالأكثر والأفضل والأجمل، بغض النظر عن سحق مبادئ المقابل وخاصة النساء. فلا الدين ولا المجتمع ومركزهما ومحركهما هما الرجل، أعترفا بكينونتها التامة والمستقلة بغض النظر عن ماهيتها أو دورها أو عمرها في المجتمع الشرقي. هذا الإختلال هو من ضمن عقلية الرجل المزدوجة. عقلية لاتقبل بهذا الوجود الا بإطر محدودة من ضمن ملكيته أو رغباته أو مصالحه الشخصية. وماعداه أُتهمت بالزندقة والسحر والكفر ونقص العقل وضعف الشخصية وتذبذب المشاعر وغيرها من نعوت وصفات، لعزلها وتهميشها كإنسانة مساوية تماما للرجل، وربما أكثر لدورها في زمن محدود مابين نقطتي الولادة والموت.
فالمرأة بنظره، هي محددة بدور الأم والزوجة والخليلة، وأي إطار آخر غير مسموح به، الا إن كانت هذه المرأة مستقلة مادياً تماماً وبالتأكيد لم يتم ذلك بعمر الشباب. عندها ربما سيتم التغاضي عنها وربما يتم تقبلها فقط لشهرتها. فتكون مشاعره مزدوجة بين الإعجاب بما تقدمه من إبداع وبين الإزدراء أو حتى عدم إحترامها لإستقلالها وإنفرادها بدون شريك.
أعلم بإن مقالتي ستجد الرفض أو حتى الإنكار من قبل الكثير من المثقفين، الذين سيدعون مبالغتي في تضخيم الأمور. وكل ماأراه حولي من تزايد الحروب والكوارث وطغيان الديكتاتوريات لهو دليل دامغ وعدم مبالغة مني، بأن إستمرار هذه الأنانية من نصف المجتمع - الرجال - إن بقوا نصفه، إننا آيلون للإنقراض الحضاري والتقدم الإنساني. وإن الرجل بعنته ونزقه يعود بسلوكياته، الى سلوكيات الطفل الأولى المبنية على الأنانية في إيقاظ والديه لضمان راحته وغريزته.
فيا عزيزي الرجل، تجاوز ظلك. فليست القوة هي بالهيمنة والتسلط والقسوة، أنما على العكس هي إثبات على خوف دفين وقلق مستمر. وإنك بالمحبة والتسامح وبإطلاق حرية المرأة، تضمن قوتك وصلابتك وإعتدادك الإنساني.
وليس السير مع التيار هو دليل على صحة هذا المبدأ وهذه الأحكام. بل قاوم تربية رُبيت خطأ عليها ومبادئ جاهلية سار عليها كل أقرانك. وقف ساعداً حانياً للمرأة وإن لم تكن أمك وأختك وزوجتك وإبنتكُ. ساعدها بتجاوز أخطاء الدين والمجتمع وأخطاؤكما أيضاً. فالرجولة والشرف رمزهما الإنسانية والأخلاق وليست العضلات والعسف.
وكم كنت أتمنى لو تكون عزيزي الرجل، الجناح الثاني لهذا الطير بعد أن تكون المرأة الجناح الآخر. ليحلق هذا الطير في سماء الإبداع والخلق والحرية!
ولكل إنسان في رجل، عام ملؤه الخير والحنو والمحبة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نور وبانين ستارز.. أسئلة الجمهور المحرجة وأجوبة جريئة وصدمة


.. ما العقبات التي تقف في طريق الطائرات المروحية في ظل الظروف ا




.. شخصيات رفيعة كانت على متن مروحية الرئيس الإيراني


.. كتائب القسام تستهدف دبابتين إسرائيليتين بقذائف -الياسين 105-




.. جوامع إيران تصدح بالدعاء للرئيس الإيراني والوفد المرافق له