الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمات اقتصادية.. وعجوزات مالية

فهمي الكتوت

2015 / 11 / 21
الادارة و الاقتصاد


تُواجه الاقتصادات العربية -عامة- أزمات حادة وعجوزات مالية متفاقمة، ويمكن تقسيم البلدان العربية الى مجموعتين؛ الأولى: موضوع البحث في هذا المقال وهي الدول المنتجة والمصدِّرة للنفط، والتي يُفترض أن تسجل موازناتها فوائض مالية، إلا أنها -وللسنة الثانية على التوالي- تواجه عجوزات؛ فقد شهدتْ السنة المالية 2015 والمقدرة 2016 عجوزات كبيرة، وصلت نسبتها إلى 20% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية على سبيل المثال. كما أقرَّ مجلسُ الوزراء العراقي الأسبوع الماضي مشروع قانون الموازنة لعام 2016، بعجز مُتوقَّع قيمته 23 تريليون دينار عراقي (الدولار يساوى 1200 دينار عراقي تقريبا).
صحيح أنها لا تزال قادرة على احتواء معدلات العجز -باستثناء العراق- سواء من خلال استنزاف الفوائض المالية التي في حوزتها، أو بإصدار سندات محلية. وقد بدأتْ بعضُ الدول العربية بتحرير أسعار المشتقات النفطية لمواجهة عجزها المالي، كما تتجه نحو تبني سياسات ضريبية على بعض السلع والخدمات. ولإخفاء الأسباب الحقيقية وراء العجوزات المالية، تحاول الحكومات حسرها بانخفاض أسعار النفط.
علاوة على انخفاض أسعار النفط عالميا، فإنَّ أسبابًا لا تقل أهمية وراء العجوزات؛ فأبواب الإنفاق تكشف عن حجم الانفاق غير المبرر الذي لا يخلو من الفساد، إضافة إلى تضخم النفقات العسكرية وتورُّط بعض الدول في العدوان على اليمن الشقيق، وتمويل الحركات الإرهابية في سوريا والعراق، والتي أضحت تشكل خطرا عالميا.
وجاءت تفجيرات بيروت وباريس كثمرة لهذه السياسات، التي قُوبلت باستنكار شديد من قبل الإنسانية جمعاء.. فرنسا التي كانت حتى الأمس القريب من أكثر الدول تشددا ضد سوريا وتأييدا للإرهاب، وصلت الوقاحة لمدير استخباراتها برنار باجوليه في الإعلان الشهر الماضي من واشنطن أنَّ "الشرق الأوسط الذي نعرفه انتهى إلى غير رجعة".. مؤكدا أنَّ دولا مثل العراق أو سوريا لن تستعيد أبدا حدودها السابقة! وقفت الآن تستغيث؛ مُطالبة باتخاذ التدابير الضرورية لمحاربة الإرهاب، عبر مشروع قرار قدمته لمجلس الأمن، مُطالبة بمضاعفة الجهود لمنع الأعمال الإرهابية.
إذن؛ ليستْ المشكلة بانخفاض أسعار النفط وحده؛ فالأسعار الحالية التي تقدر بحوالي خمسين دولار لبرميل النفط، قد تعتبر منخفضة مقارنة بما شهدته الأعوام الماضية حين تجاوز سعر برميل النفط المائة دولار. لكنه ليس منخفضًا من حيث المبدأ، إذا ما قُوْرن بتكلفة إنتاج النفط المتواضعة جدًّا، فعلى الدول النفطية تنويع مصادر دخلها. ووفقا للبيانات الرسمية الصادرة عن التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2014، فإنَّ متوسط الإيرادات النفطية خلال الأعوام (2010-2013) كانت 91.1% من الإيرادات العامة في السعودية، و93.6% في الكويت، و84.1% في سلطنة عمان، و84.9% في البحرين، و68% في الإمارات، و58.7% في قطر. كما أنَّ معدلات إنفاقها مرتفع مستفيدة من ارتفاع أسعار النفط عالميا. وصُمِّمت موازناتها على إيرادات تلامس المئة دولار للبرميل. وهنا يتبادر للأذهان أفكار تبدو مشروعة؛ أنَّ مِنْ حقِّ الدول التي تملك الثروة النفطية ومعظمها من الدول النامية، والتي تعرضت خلال مئات السنين للاستغلال والنهب من قبل المستعمرين الأجانب، أن تسترد جزءا من ثرواتها المنهوبة من خلال التحكم بأسعار النفط، خاصة وأنَّ الدول الصناعية تعتبر المستهلك الأول للثروة النفطية، لكن هذه المقولة تطرح عدة تساؤلات.
الأول: هل تنعم شعوب البلدان المصدرة للنفط بمزايا هذه الثروة الغنية؟ وهل تستثمر هذه الأموال بمشاريع إستراتيجية تضع البلدان النامية على عتبة الدول المتقدمة بتوطين التكنولوجية، وتحويل الاقتصادات الريعية إلى اقتصادات منتجة، وتحقق العدالة الاجتماعية وتقيم دولة الرفاه الاجتماعي، وتؤمن مستقبل الأجيال القادمة، بعد نضوب النفط أو تراجع أهميته بفضل الصناعات البديلة؛ فالسيارات الكهربائية أصبحت في الأسواق...وغيرها من الصناعات التي تقلل من أهمية النفط كمادة إستراتيجية وحيدة.
ثانيا: ما هي حصة الاحتكارات النفطية من مليارات الدولارات التي تجنيها الأسواق النفطية؟ وما هي حصة احتكارات الصناعات الاستهلاكية في البلدان الرأسمالية التي تحمل تكلفة منتجاتها فروق أسعار المشتقات النفطية ويسددها المستهلك في البلدان النامية، بما في ذلك الدول المصدرة للنفط؟
ثالثا: ما هو نصيب احتكارات السلاح في البلدان الرأسمالية التي تسترد جزءا مهمًّا من ثمن النفط عبر توريد السلاح للبلدان النفطية؛ حيث تقدَّر نسبة الإنفاق على الجهاز العسكري بحوالي 30% من النفقات العامة للدول النفطية، إضافة الى النفقات غير المحدودة لإعادة بناء ما تدمره المؤسسة العسكرية في الوطن العربي؟
رابعا: من يُعوِّض الوطن العربي ضحايا القتل والتفجير والحروب التي تسبَّبت بفقدان أعز أبنائنا وأحبائنا وأصدقائنا وأشقائنا في الوطن العربي، والذين سقطوا ضحايا السياسات الإمبريالية؛ دفاعا عن مصالح احتكارات السلاح والنفط؟ ليس من قبيل الصدفة أن تظهر الحركات الإرهابية بهذه القوة، وتهدد الأمن والاستقرار في المنطقة بأكملها، لا تُمطر السماء سلاحا أو أموالا للإرهابين، لم يعد سرًّا أن عددًا من دول المنطقة موَّلت الحركات الإرهابية، وعقدت الصفقات لتسويق النفط الذي ينقل بمئات الصهاريج عبر الحدود، وتسهيل مرور الإرهابيين إلى سوريا من أنحاء العالم!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخبار الساعة | رئيس الصين يزور فرنسا وسط توترات اقتصادية وتج


.. الاقتصاد أولاً ثم السياسة .. مفتاح زيارة الرئيس الصيني الى ب




.. أسعار الذهب اليوم الأحد 05 مايو 2024


.. رئيس مجلس النواب الأميركي: سنطرح إلغاء الإعفاءات الضريبية عن




.. ملايين السياح في الشوارع ومحطات القطار .. هكذا بدا -الأسبوع