الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات في السياسة الاعلامية للمثقفين الوطنيين

جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)

2015 / 11 / 21
الصحافة والاعلام


ملاحظات في السياسة الاعلامية للمثقفين الوطنيين
دكتور جاسم الصفار
نغرق حتى اذنينا في فوضى الاخبار، وكل منا يتعامل معها بطريقته. ولكن ما يثيرني احيانا هو تلك اللهجة الابوية التي يستخدمها البعض عند اشارته لغيره بما يجب ان ينشر وما لا يجب ان ينشر، ويمنحون لأنفسهم وحدهم التمييز بين ما هو ضار وما هو نافع من المنشورات.
أذكر ان بعضهم اشار قبل سنوات بعدم نشر صور او فيديوهات لمجازر داعش الدموية بحجة ان هذا هو ما تريده داعش. ومع تقديري لغايات من نصح بذلك الا انهم اعتمدوا منطقا غريبا هو نفس منطق داعش المستمد من تجارب الماضي البعيد، فمع صحة رأيهم بأن داعش تريد اخافة اعدائها من اجل فل عزيمة الخصم والاجهاز على معنوياته القتالية، الا ان هذا المنطق الذي صح في الماضي لا يصح اليوم بعد ان تغيرت مثل الانسان وقيمه الروحية.
فبعد ان عرف الجميع اساليب داعش الوحشية وطرق ادارتها للحرب، لم يعد سهلا على داعش ان تدخل بسهولة قرى تصنف على انها كافرة ومعادية، ولم تستطع داعش ان تخترق حصون قوات مناهضة لها دينيا او طائفيا دون خيانة او خديعة. والا فكيف نفسر صمود قرى شيعية عراقية وسورية صغيرة لأشهر عديدة بوجه داعش، أو صمود قوة عسكرية سورية في مطار محاصر بالدواعش لسنوات دون ان تتمكن داعش منه.
ثم، الم تكن تلك المنشورات والافلام المقززة التي نشرها اعلام داعش اساسا لنفور الشعوب الاوربية من داعش وضغطها على حكوماتها من اجل حسم موقفها من هذا السرطان الوهابي القاتل. ومن كان ينتظر غضبا شعبيا في الاردن، وطن الزرقاوي، على داعش لولا تلك الفيديوات التي عرضت الطريقة التي اعدم فيها الطيار الاردني الذي وقع بيد داعش. ولا بأس بان نشير الى الاثر الاعلامي الدعائي الكبير الذي تركته عملية اخراج قلب جندي سوري من جسده واكله امام الكاميرا، والتي ذكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتن الاوربيين بها مرارا وتكرارا.
واليوم، عندما اخذ الخلاف الكردي الشيعي ابعادا خطيرة، وتصاعدت نبرات التحريض والفرقة بعد جملة من التصرفات والتصريحات غير المسؤولة لقادة كردستان واطراف في الحشد الشعبي، اعتبر بعضنا من المثقفين الوطنيين ان خير سبيل لوأد الفتنة هو الصمت عن مظاهرها وتجلياتها في الشارع العراقي، وخاصة موضوع "حرب الأعلام" الذي احرقت فيه اعلام العراق في اربيل واهين علم كردستان بفرشه في طريق مرور السيارات في كربلاء (حسب الفيديوهات المنشورة على الفيس بوك).
ولكن هل هذا هو السبيل الافضل لوأد الفتنة؟ وهل علينا ان نخفي رؤوسنا في الرمال لكي لا نرى كيف تستفحل امراض لها مسبباتها في بلدنا العراق؟ أليس في ذلك تخلي عن مساحة اعلامية هامة، تشغل مواطنينا كردهم وعربهم، لنتركها لعبث العابثين بمصير البلاد؟ أو ليس هذا هو ما تريده القوى القومية والطائفية لكي تمضي قدما بمشاريع تمزيق بلادنا وطنا وشعبا، دون ان يتصدى لمشاريعها مثقفون حريصون على وحدة وطنهم؟
لا سبيل، برأيي، لعلاج جسد مريض، بخزن القيح في داخله بهاجس، ان خروج القيح للعلن سيؤدي الى استفحال المرض. بينما يتعين تنظيف الجسد المتقيح من قيحه ومعالجة اسباب مرضه. والطبيب المعالج هنا هو المثقف الوطني في حالة تصديه لمظاهر الفتنة واسبابها.
ففي جهده الاعلامي والثقافي، على النخبة الثقافية الوطنية أن لا تتهرب من عرض مظاهر الاحقاد والفرقة وتحليل اسبابها وتوجيه اصبع الاتهام الى من اثار الفتنة سعيا وراء مصالح ضيقة، ثمنها دماء واحقاد وكراهية. ولولا كتابات مسؤولة وجادة في هذا الاتجاه ما اهتم شباب من الاكراد الوطنيين برفع العلم العراقي اليوم في كردستان، وما كان ليتبرأ بهذه السرعة والطريقة، مجلس مدينة كربلاء ومواطنيها، من العمل المشين مع علم كردستان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل.. تداعيات انسحاب غانتس من حكومة الحرب | #الظهيرة


.. انهيار منزل تحت الإنشاء بسبب عاصفة قوية ضربت ولاية #تكساس ال




.. تصعيد المحور الإيراني.. هل يخدم إسرائيل أم المنطقة؟ | #ملف_ا


.. عبر الخريطة التفاعلية.. معارك ضارية بين الجيش والمقاومة الفل




.. كتائب القسام: قصفنا مدينة سديروت وتحشدات للجيش الإسرائيلي