الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجبهة الفكرية في العراق بداية الإشراق الوطني

علي طالب الملا

2015 / 11 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


لا شك ان في المرحلة الراهنة جعلت المثقف والثقافة العراقية في ازمة عميقة تشمل كل النواحي والمجالات ، بسبب الواقع السياسي والاجتماعي التي اتخذ الطابع الكارثي دون مبالغة مما تولد عن حدوث شرخ في علاقة المثقفين بهذا الواقع والشعور العميق بالاحباط والهزيمة وضعف عامل المبادرة الذي عزز الحالة المؤلمة والمحزنة في ان يحتل القمع السياسي والارهاب الفكري مسرح الحياة الثقافية العراقية دون ان يجرؤ المبدعون والمثقفون على مواجهة ذلك، وهذا ان دل على شيء فيدل على عمق مأساة المثقف العراقي وفداحة معاناته وشدة الاحباط .
ومن هذا التصور الشخصي الذي قد يكون فية نوع من الحقيقة والذي يجب ان "يشعل الضوء الاحمر" امام كل الاوساط والمحافل الادبية على امتداد الوطن والمؤمنة بحرية الفكر والتفكير والتعبير وحقوق الانسان للتحرك واسماع صوتها دون تردد بدافع المسؤولية الوطنية والأخلاقية والمهنية .
وامام ذلك تكاثرت الاسئلة حول مستقبل الثقافة في العراق في ظل الممارسات القمعية التي شكلت عامل ضغط وتخويف وترهيب اي مثقف تصدى بشجاعة لوقف نزيف الوطن الجريح بشكل طوعي وشخصي ، ولكن ذلك لا يشكل " ذرة " وينسحب على السؤال الدائم عن دور المؤسسات الثقافية والاعلامية واتحادات وروابط ومنتديات الكتاب والادباء ومدى مشاركتها في معركة الدفاع عن الديمقراطية وحرية الرأي والفكر وحرية الثقافة والابداع، وايضا حول دور المثقفين العراقيين في انهاء الحالة القمعية الراهنة كل تطعاتهم المشروعة .وفي الحقيقة ان المثقف العراقي يقف عاجزا امام العديد من القضايا والمشكلات المطروحة على الصعيد الثقافي ولا يوجد أي حافز للشعور بوجوده النوعي في خضم هذه القضايا وان اصراره على الانتماء عقائديا والترويج لثقافة الالتزام الجديدة والمغايرة يضعه امام خيارين لا مناص منهما، فاما الاغتراب اوالملاحقة السياسية والقضائية والسجن او الهجرة والرحيل عن الوطن. ان شعور المبدع او المثقف العراقي باللاجدوى من وإبداعاته وكتاباته وإحساسه بهوة المسافة بينه وبين أفراد مجتمعه واعتقاده بتخلي الجميع عنه ولا مبالاتهم بمصيره ولّد فيه الشعور بالنقمة والسلبية مما جعل كتاباته تصدر في الغالب عن ردة فعل. وحتى لو نقول بأن الأزمة هي أزمة مثقف لا ثقافة، فلابد ان نرى بأن منطق التغيير المنتهج لحد اليوم من فئة المثقفين لا يؤسس لمخرج من هذه الأزمة، بل يماشي ويساير الوضع العام بمواقفه المهادنة والمداهنة للسياسي الذي ابتلعه وجعله تابعا له. وعندما يتجوف صوت المثقف ويصبح جزء من الأزمة الشاملة التي تنذر بالإنهيار الكامل لكل النسيج الاجتماعي الذي تفكك تحت وطأة عوامل قسم منها متجذر والقسم الاخر وليد الظروف الراهنة ؟ لم يمارس المثقف دورة في كشف خلل المجتمع الآني ويتسائل ، لماذا يهرب العراقيون من بلدهم شبابا وشيوخا،رجالا ونساء؟ لماذا لم يعد الوازع الوطني لا يهم أحداً هنا؟ لماذا أصبح الدين على اساس الطائفة وتحول الى إرهابا لدينا؟ لماذا نحن لا نعرف بأية لغة نتخاطب وإلى أية ثقافة ننتمي؟. هذه أخطر حالة يمكن أن تصيب المجتمع وهي تهدده بالزوال الأكيد. المثقفون هم منارات الشعوب وعلى عاتقهم تقع مسؤولية التنوير والتغيير. التاريخ سيحفظ بأن عددا من المثقفين العراقيين لم يكونوا في مستوى تطلعات الشعب، بل تواطؤا ضدّه، أي ضدّ أنفسهم
ان حصيلة التجربة الانسانية تؤكد ان المثقف الاصيل والعضوي، بالمعنى الفردي والمجتمعي، المسلح بالرؤية التاريخية المستقبلية المتفائلة، في زمن المحنة والردة عليه ان يستنهض همم الشعب المعذب ويحرضه على كراهية التخلف والقهر والعذاب، والبحث عن العدل والحقيقة والمشاركة في معركة الخلاص الوطني الذي يستحق ان يموت المناضلون في سبيله.
اخيرا، على ضوء المأزق السياسي والاجتماعي والثقافي الراهن، الممسك بخناق المنطقة قاطبة يستوجب على المبدعين والمثقفين العراقيين التسريع في انشاء وتأطير الجبهة الفكرية العريضة من اجل الديمقراطية والتعددية والتفاعل بعمق وصدق مع الواقع وحمل هموم المجتمع، وان تقاتل وتتصدى للظلم والتعسف والقمع السياسي والارهاب الفكري ومن اجل حقها في الحرية الابداعية والمشاركة بصورة فاعلة في النضال السياسي والفكري لانتزاع حق المواطن العراقي في الديمقراطية والسيادة الحقيقية على مقدرات الوطن ، تحية وانصاف لكل المحاربين والمقاتلين على الجبهة الثقافية، والذي خففوا المحنة، بالإبداع والحضور المميز بالكتابة وبالقصيدة والمقالة والصورة والصوت واللوحات التشكيلية، و تحية وطنية خالصة لكل إعلاميي العراق النجباء المشاركين في استقصاء وكشف العصابات المنظمة التي تكونت من سراق المال العام ومكامن الفساد والطالحين الذين استغفلوا " البسطاء " وليكن عنوان التغيير والتحول الثوري للمجتمع العراقي " سبق " لأهل الثقافة حصرا في بزوغ علامات الفجر الجديد والنهار المشرق الذي يحقق حلم المعذبين والجائعين والمضطهدين والمقموعين والمهمشين والصابرين والحالمين بقادم أجمل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تعلق كل المبادلات التجارية مع إسرائيل وتل أبيب تتهم أر


.. ماكرون يجدد استعداد فرنسا لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا




.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين: جامعة -سيانس بو- تغلق ليوم الجمعة


.. وول ستريت جورنال: مصير محادثات وقف الحرب في غزة بيدي السنوار




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة